: كان المصريون مصرون علي تغيير نظام حسني مبارك بكل قوة وحزم وقد عبرت قبل ثورة 25 يناير علي ذلك مسرحياتهم وأفلامهم الناقضة للوضع الذي وصلت إليه البلاد من تحكم الفاسدون المحميون بالسلطة من مفاصل إدارة الدولة بالصورة التي تحقق أهدافهم وطموحهم الغبيء المتمثل في مزيد من الكسب وحصد الثروات وكنزها والإحتفاظ بها في بنوك الغرب وقد إستعملوا كل فنون الإرهاب وأدواته لتحقيق هذا وللإحتفاظ بالسلطة وقهر من يحاول الإقتراب من أساطين النظام وعرابوه و إتهامه بالعمل علي زعزعت أمن وإستقرار البلاد والتخابر مع جهات أجنية وما إلي ذلك فيكون مصيره إما التصفية وإما السجن. وهكذا عاش المصريون تحت وطاة الكبت والقهر لأكثر من 50عاما لم يشهدوا خلالها إلا ظلما وفسادا وطغيانا وإضطهادا للبسطاء وحرمانا من كل شئ حتي من أبسط الحقوق في التعبير العفوى. ثورة 25 يناير جاءت ضد هذا كله وسار في ركبها كل الشرفاء والاحرار بما فيهم التيارات الاسلامية الإخوان المسلمون الذين فيما بعد أسسوا حزب الحرية والعدالة والسلفيون بمختلف مسمياتهم وهؤلاء في الدراما المصرية لم تكن صورتهم أحسن حالا من قادة النظام حيث تنسب إليهم التفجيرات والقتل دون شفقة ولا رحمة وتظهرهم الدراما في أوضاع المتناقض مع أفكاره التي يزعم أنه مؤمنا بها فرسخت هذه المشاهد في زهن المواطن المصري( وهي صورة بالتأكيد لم تكن بعيدة عن واقع الجماعات التكفيرية بأي حال) والذي إنتصرت ثورته برحيل مبارك وإجراء إنتخبات حرة نزيهة تسفر عن أول رئيس منتخب في تاريخ الجمهورية العربية المصرية وعندما إنحصر التنافس بين محمد مرسي مرشح الحرية والعدالة ومن يتحالفون معهم وبين أحمد شفيق المحسوب علي نظام المخلوع عمد المصريون إلي نظرية عدم تجريب المجرب وإستجاروا من رمضاء النظام السابق برمضاء الإسلاميين والذين ساعدهم ترتيب صفوفهم وقوة تنظيمهم لإكتساح الإنتخابات البرلمانية ومجلس الشوري. لكن رقم إكتساح الإسلاميين وحلفاءهم لهذه الإنتخابات ظلت هنالك حقيقة وهي نظرة المصريين للرئيس الجديد المنتمي للتيار الإسلامي فهو بالطبع لن يكون مثل إبن الخطاب الخليفة الراشد كما لن يكون مثل الرؤساء الذين سبقوه . فكيف سيكون ؟ وماذا ننتظر منه؟ وهل يستطيع أن يحقق مطلوبات الثورة حرية عدالة خبز؟ وعندما أعملوا تفكيرهم ظهرت لهم صورة الرئيس الضيف في مسرحية الزعيم وهي شخصية حقيرة تريد بمعاونت بعض المنتفعين بريع السلطان ببيع بضاعة فاسدة للمصريين ( تحتوي علي أسلحة فاسدة ونفايات نووية مشعة ) يبقي أثرها المدمر مدي الحياة . وهنا جاءت ثورتهم المضادة خشية علي حد تعبيرهم من أخونة الدولة وذلك يتمثل في الاتي: 1/هل الرئيس رئيس لكل المصريين أو رئيس للاهل والعشيرة من جماعة الحرية والعدالة ؟. 2/هل الرئيس رئيسا حقيقيا أم أن المرشد هو من يدير البلاد؟. 3/ هل ستخضع مصر لإدارة التنظيم الدولي للإخوان أم من سيديرها؟ وفي حالة التنظيم الدولي للإخوان سيطلع علي أسرار البلاد أكثر من83 جولة فإلي أين تسير مصر؟ هذه التساؤلات وغيرها تركت مخاوفا عند المصريين ومن ما زادها شدة وعنفا هو اداء الرئيس المصري البائس ومحاولته لتحصين قراراته بالإعلان الدستوري الذي أشعل فتيل الأزمة ضده وأكد لهؤلاء الثوار الذين ينشدون الدولة المدنية دولة الحرية والعدالة ان الإخوان صنو العسكر وإن ثورتهم قد سرقت فخرجوا علي الإخوان لكنهم وقعوا في الفخ حيث سرقت الثورة من قبل العسكر بحق وحقيقة وأعلنت الطوارئ وعلق الدستور وتمت مواجهة المتظاهرين بالقوة القاهرة . إن الذي حدث في30 يونيو إنقلاب بكل المقايس العلمية والاكاديمية ولكن تحالف المدنيين معه جعل الكثيريين يتحفظوا علي وصفه بالإنقلاب وعلي رأسهم سيدة العالم الولاياتالمتحدةالامريكية . وهكذا إنقسم السياسيون في مصر إلي قسمين ما بين مؤيد للذي حدث وله حججه وما بين معارض وله حججه . لكن تطورات ما حدث بعد ذلك أكد للكثيريين أن الذين قاموا بالتغيير في30 يونيو مصرون علي مواصلة المشوار في خارطة طريقهم فرقماً عن الإدانات الدولية والشجب والإستنكار لقتل المتظاهرين إلا أنهم مواصلون في مشوار خارطة طريقهم. وإذا نظرنا إلي الأمر دون مثالية ودون حرمة لشئ حتي الدماء فنقول إن هذا صراعا للحكم ومن حق أي الفريقين أن يستخدم من الوسائل ما يمكنه من إقصاء الأخر. فلا غبار علي الجيش والشرطة في إستخدامهما وسائل قتل لقمع المتظاهرين. ولا غبار علي الإعلام وهو يحرض ويتهم ويتهجم علي فريق دون الأخر . ولا غبار علي الأجهزة الأمنية في أن تفبرك حرائق للكنائس وأقسام الشرطة والمرافق العامة وتتهم بها الخصوم. ولا غبار علي الجيش وهو يخوض معركة في سيناء ضد الإرهاب بالوكالة عن الدولة الصهيونية . ولا غبار علي مفتئ الديار أن يخرج بفتوى تبيح قتل المتظاهرين. ولا غبار علي الحكومة المؤقتة وهي توارى ألاف الجثث في التراب من المدنيين والعسكريين ولا تشكل لجنة تحقيق تتحري في الواقعة وتثبت إدانة الفاعلين. وإذا سمحنا لهذا المشهد ان يسود فلا غبار علي الإخوان إن خرجوا من ثوب الشرعية والسلمية إلي العنف وحمل السلاح ضد الدولة وسيجدون من يفتئ لهم بان فعلهم هذا جهادا يعلي من شان رسالة السماء والموت شهادة مؤكدة توصلك للفردوس الاعلي . لذلك يجب العودة للحكم المدني حتي لا يحس الشعب ان ثورته سرقت خصوصا وأنه تم الإفراج عن الرئيس المخلوع و ذلك بالاتي: أولاً : الإستمرار في خارطة الطريق بسرعة دون أي تلكؤ بعد إجراء تعديلات تتوافق مع ظروف المرحلة . ثانيا وقف الحملات العدائية ضد المعارضين لخارطة الطريق وإطلاق سراح السجناء السياسيين وعلي رأسهم الرئيس محمد مرسي. ثالثا: إجراء انتخابات رئأسية مبكرة . رابعا تشكيل لجنة مستقلة لتتقصي الحقائق في كل المجازر والمزابح والعنف الذي أرتكب في حق الشعب المصري وتوجيه التهم إلهم مهما علا شانهم ومحاكمتهم محاكمة عادلة إن ثبتت الإدانة . خامسا : التوافق علي مشروع الدولة المدنية والتي في الاصل لا تتناقض مع الدين ولكن تحمينا من تغول البعض علي حقوقنا بإسم الدين. سادسا : كل هذه الخطوات لا تحتاج للتصالح مع الطرف الاخر ومع ذلك إجراء حوار هادف معه للتوصل لتحقيق الأمن والسلام في ربوع الجمهورية العربية [email protected]