كارثة السيول والامطار التي ضربت كل أجزاء السودان بخريف هذا العام والتي قتلت أنفسا عزيزة من أهلنا وهدمت بيوتا كثيرة على رؤوس أهلها فأصبحوا مشردين بلا مأوى , أظهرت هذه الكارثة المتكررة بأنه حان الاوان لقرارات ثورية شجاعة في مجال البناء وتخطيط المدن . بيوت الطين التي نجدها في عموم السودان في المدن الكبيرة والقرى , هي عبارة عن بناء من الطين والقش والتي نسميها بيوت (الجالوص) وهي طريقة بناء بدائية جدا تمارس في السودان منذ مئات السنين ,وقد استمر هذا النوع من البناء في العصر الحديث بسبب غلاء الاسمنت وعدم توفره في فترات سابقة مع غلاء الطوب والحديد , والاهم هو عدم تدخل الحكومات السابقة واللاحقة في تطوير نظم البناء في السودان وتركت كل شخص يبني بما يريد حيث ما يريد , فأصبح السودان عبارة عن قرية كبيرة من الجالوص وحتى عاصمتنا الخرطوم . وكما قال الأستاذ الممثل القدير محمد شريف علي في أحد أعماله ( نحنا حيين نسكن في الجالوص وعندما نموت ندفن في الجالوص فمن الجالوص الي الجالوص) . ولا يخفى على أحد ما بين الطين والماء , فاذا التقيا يفني كل منهما الاخر. وقد قال شاعر قديم : لا أركب البحر أخاف منه المعاطب طين أنا وهو ماء والطين في الماء ذائب بعد كارثة سيول هذا العام وجب , أقول وجب على الحكومة السودانية اتخاذ قرارات ثورية حازمة لتلافي حدوث مثلها ولتغيير وجه المدن والقرى السودانية لتعطي دفعة قوية نحو التطور العمراني ولتخطو خطوة في الاتجاه الصحيح تحسب لها في يوم من الايام . أولا : منع البناء بالطين (الجالوص) نهائيا . ثانيا : منع حفر المراحيض التقليدية واستبدالها باحواض التخمير (سابتانك) . ثالثا : منع حفر آبار السايفون لأنها تختلط وتلوث مياه الآبار الجوفية. رابعا : ازالة كل المنازل الواقعة في طريق مجاري السيول وتعويض أهلها . خامسا : الغاء جميع الضرائب عن الأسمنت والحديد والطوب . سادسا : توسيع الشوارع والطرق داخل وخارج الأحياء . سابعا : اعادة تخطيط شوارع الاسفلت وعمل فتحات مجاري للسيول وعبارات واسعة لمرور مياه الامطار خريفا ومرور العربات والحيوانات في غير الخريف . ثامنا : تنفيذ مجاري واسعة للصرف الصحي ومحطات معالجة مياه الصرف. آن الأوان لثورة حقيقية في مجال البناء والصرف الصحي فكثير من الدول الافريقية التي نتطاول عليها بألسنتنا تقدمت علينا في مجال البناء والصرف الصحي ولا يمكن لحكومة عاقلة أن تترك مواطنيها بغير تخطيط اقتصادي زراعي عمراني جيد وتفلح فقط في التخطيط لفرض الضرائب والرسوم وجبايتها واصدار قرارات رفع الدعم المتكررة وما يصاحبها من مبررات بلهاء . سؤال : أين تذهب اموال الجبايات والذهب وصادر الثروة الحيوانية وبقية صادراتنا ؟! [email protected]