لا شك ان المواطن السوداني يمتاز بذكاء خارق في معرفة وتحليل ما وراء الاخبار ...وخاصة الاخبار السياسية فهو كما يقول الدارجة (يفهما طايرة...) ولا ادري هل هذا الذكاء هبة فطرية خص الله بها هذا الواطن (المغلوب علي امره) فانطبق عليه قول ابن المقفع في وصفه للعاقل (ويصيب بالظن ما يخطئ غيره بالعيان) .....او متابعته للموقف السياسي و معرفته للجماعة كمعرفته (لجوع بطنه) او لتكرر المواقف والسيناريوهات فاصبح (كمن دخل الفيلم من قبل .....ربما اكثر من مرة) في هذا الخصوص كنت في مناسبة اجتماعية تزامنت مع تصريح السيد محمد مندور المهدي بتسرب مواد الاغاثة الي الاسواق ...فاقسم احد الشيوخ ان(هلا ..هلا... الجماعة خلاص بيتوا النية يلهطوا الاغاثة ...) فاحببت ان اكون في الاتجاه (المعاكس) .....فرردت (يا شيخ ...ان بعض سوء الظن اثم) فاجاب اصبر فسوف تري ......ولكي اري فقد ظللت متابع متابعة يومية لموضوع السيول و الفيضانات و توزيع الاغاثة منذ ذلك الحين. وقد لاحظت الكثير والذي يمكن تحليله (بشئ من سوء الظن) كالتالي الاعلان عن تسرب مواد الاغاثة - قد يكون محاولة (لفتح اضان المواطن مسبقا ) او تهيئتة مسبقا لعقد النية علي تسريب هذه المواد خاصة ان الخبر لم يقترن بالقيام باي تحقيقات في الموضوع او توعد بانزال اقصي العقوبات بمن يثبت تورطه في ذلك...وهذا الاسلوب معروف في التقليل من اثر الشئ ان حدث ويعرف علميا بالdesensitization وخير مثال له ان يعطي مريض الحساسيه جرعات صغيره من المادة التي تسبب له الحساسيه حتي يكون جسمه على استعداد في التعامل مع جرعات اكبر في حالة تعرضه اليها. ولم يذكر السيد مندور كميه المواد المتسربة او نوعيتها تاركا الباب مفتوحا لتسريب المزيد من الكميات والانواع. - حتي هذه اللحظة لم يتم تكوين لجان للتحقيق في كيفيية تسرب مواد الاغاثه وعدم الاهتمام بمعرفة الجناة وقد عبر عن ذلك شاهد من اهلها (تسرب مواد (الإغاثة) إلى الأسواق جريمة عظمى لا ينبغي التسامح مع مرتكبيها، والتساهل في إجراءات ضبطهم وإحضارهم ومحاكمتهم بأقصى العقوبات المنصوص عليها في القانون. هل تعجز الجهات الأمنية المختصة من أمن اقتصادي وهيئة المباحث وإدارة الجنايات في ولاية الخرطوم، عن متابعة مواد الإغاثة المتسربة إلى الأسواق، والوصول إلى (الجناة)، صغاراً كانوا أو كباراً، خلال أيام معدودة؟!) والكاتب وغيره يعلم انهم لو ارادوا (لاستنطقوا الحجر العصيا) - منذ الاعلان عن مكرمة العاهل السعودي والجسر الجوي الكويتي انفض سامر ورش العمل الاغاثية والتوعية البيئيه ومتابعة مناسيب النيل في المحابس المائية.......ولم نعد نسمع (اننا بصدد ...او اننا نحسب اوغيرها).وكان الرماة قد غادروا مواقعهم لجمع الغنائم ان صح التعبير - الانصراف الي تكوين لجان واليات توزيع الاغاثة فخرج علينا الوالي(وبسرعة مدهشة) باليه تبدو في ظاهرها الجدية وتضمر في باطنها التسلط والتفرقة... فاوكل لمعتمدي المحليات الاشراف الكلي علي توزيع مواد الاغاثة وهم نفس العتمدين الذين تسربت الاغاثة( التي اشار اليها السيد محمد مندور المهدي) من بين ايديهم وكانت الشفافية تقتضي اشراف الجهات المانحة او تنظيمات المجتمع المدني المشهود لها بالشفافية علي توزيع تلك المواد تحت اشراف السادة المعتمدين والجهات المختصة الاخري لذلك لا عجب ان تطالعنا الاخبار في صبيحة اليوم التالي بتحويل مدير احد الجامعات لمواد الاغاثة لقريته والتي لم تتضرر اساسا بالامطار....ولم نندهش من ارجاع قافلة (مبادرة المروه) لتعنت معتمد كرري......( أدت التعقيدات والإجراءات المتعنتة لمحلية كرري إلى إرجاع قافلة (مبادرة المروة) التي انطلقت صباح اليوم السبت من النادي العائلي وسط الخرطوم لإغاثة منكوبي الفيضانات، وكان مجموعة من أهل الفن والإعلاميين والرياضيين ونساء المجتمع المدني قد جمعوا معينات متنوعة لأهالي منطقة الفتح بمحلية كرري والتي يعيش سكانها في العراء من جراء السيول والأمطار..) ....انتهي الخبر - اشترطت الالية التوزيع بالبطاقة ولم تحدد اي بطاقة اهي بطاقة الشخصية ام بطاقة (نحن ما ناسك ...)وان كانت الاولي فهل يتوقع سيادة الوالي ان يمتلك مواطن يسكن عشوائيا في مصب السيل بطاقة شخصية وسجل مدني. بالرغم من ما يبدو في الاليه من صرامة تجاه المواطن فانها لم تكن بنفس الصرامة ولم تنص من بعيد او قريب علي معاقبة كل من تسول له نفسه التلاعب باغاثة اهلنا المنكوبين تاركة الباب مفتوحا (لاعمال فقه السترة) (واذا سرق فيهم الشريف تركوه) - - التضييق علي المنظمات الشبابية وخاصة التي عرفت بالشفافية ومحاولة عزلها من الواقع واخراجها من الصورة علي مبدأ (خلا لك الجوء فبيضي واصفري) وقد بلغت هذه المضايقات حدا توقفت معه مبادرة نفير الخميس الماضي. - بالاعتبار لكل ذلك فانني اتفق مع الشيخ (مع الاعتذار له) بأنهم وان لم يكن قد لهطوها بالفعل فانهم (قد هموا بها ) واقول له فلنصبر لنري هل قد قميصهم من قبل ام من دبر. د. عباس محمد [email protected]