طالعت مقال الأستاذ سيف الدولة حمدنا الله المنشور في صحيفة الراكوبة الإلكترونية بانتباه شديد حتى لا تفوتني منه كلمة, ويقيني أن كل سطر فيه يفضح حقيقة هذا الكاتب الذي يظل يحدثنا عن الديمقراطية و التبادل السلمي للسلطة ويمني الكثير من الشباب قرب انتقالنا الحتمي إلى برادايس الديمقراطية و هذا الهدف النبيل يجب تحقيقه بكل الطرق الانتفاضة الشعبية و العمليات العسكرية للجبهة الثورية التي يهلل لها و لعملياتها صباح مساء . كثيراً ما تطاول الكاتب على رموز سودانية أصيلة بالتهكم تارة و بتسفيه الرأي تارة أخرى و أحياناً يصل الأمر إلى الاتهام بعدم المواجهة أو الارتماء في أحضان الإنقاذ لم يسلم من لسانه وقلمه السيد الصادق المهدي و مولانا محمد عثمان الميرغني و الدكتور الترابي , وحتى الموتى من قيادي السودان و أخيراً الاتهام المبطن للمشير عبد الرحمن سوار الذهب و الذي شهد كل العالم بموقفه عندما انحاز الجيش للشعب السوداني في انتفاضة ابريل من العام 1985م و التزامه بتسليم السلطة للمدنيين بعد عام و قد ساهم بكل حنكة ودراية في إدارة الفترة الانتقالية واجراء الانتخابات في الميعاد الذي توافقت عليه الاحزاب السياسية في البلاد دون أي تسويف, لا يضر المشير الإنسان سوار الذهب أن يكون اسلامي الهوى و التوجه فالرجل نشأ وتربى في بيئة اسلامية كلنا نفخر بها فهو ابن سجادة يعلمها كل أهل السودان ولا يقلل من ما قدم لشعبه أن يكون المسؤول الأول في منظمة الدعوة الإسلامية ولا أعتقد أن التوجه الفكري لأي انسان يجب أن يقلل من مكانته أو يقدح في ما قدم لوطنه و يجب أن نتعلم أن اختلاف الرأي يجب أن لا يعمي بصيرتنا وبصرنا في الحكم على الآخر, حاول سيف الدولة وضع العربة أمام الحصان وقلب كل موازين العدالة عندما ميز الفريق السيسي و قدمه على المشير سوار الذهب حمداً لله الذي منع على سيف الدولة النظر في منازعات عباده فالرجل يعاني من عدم قدره واضحة في اصدار احكام عادلة كيف يمكن تقديم السيسي على رجل بقامة المشير سوار الذهب وكيف يجرؤ سيف الدولة بأن يصف المشير بالانتهازية و الارتماء في احضان الكيزان. و السقطة الكبرى لسيف الدولة ادعائه أن ما حاصل في مصر ليس انقلاب عسكري هل يصدق هذا الرجل ما يكتب و هل عند ما كتب هذا المقال كان في كامل وعيه أشك في ذلك, المجال هنا ليس للخوض في اثبات أن ما حدث في مصر هو انحياز للجيش المصري للشعب أم هو انقلاب عسكري ضد رئيس منتخب ديمقراطياً في انتخابات شفافة ونزيهة اتحد فيها الكثير من الأضداد ضد مرسي و لكنه فاز بإرادة الشعب المصري, لم يعجبني فوز مرسي ككثير من الناس في العالم ولكني تفهمت رغبة المصريين و احترمت إرادتهم , يغني القانوني سيف الدولة على أنغام جوقة القانونيين المصريين الذين يحكمون بمكيالين, لم يشكك كل العالم المتحضر في ما حدث في مصر هو انقلاب عسكري كامل الأركان ألم يقرأ سيف الدولة ردود الأفعال في العالم المتحضر عن ما حدث في مصر حتى الاتحاد الإفريقي جمد عضوية مصر بناءً على حدوث انقلاب عسكري و خروج الجيش عن الشرعية, لا أطلب من سيف الدولة أن يغير من مفهومة للانقلاب العسكري , فقط أريد منه أن لا يترك الحبل لعواطفه وهو يكتب في الشأن العام, و أسأله كيف يستطيع أن يرد على أي من كتاب و صحفي المؤتمر الوطني الذين يقولون ليل نهار أن ما حدث في 30/6/1989م كان ثورة لإنقاذنا نحن شعب السودان؟ , و أن المفاصلة التي حدثت بين الإسلاميين لم تكن انقلاب مجموعة من التلاميذ على شيخهم ؟بل هو تصحيح لمسار ثورة الإنقاذ الوطني!, و أن انفصال الجنوب هو ارادة الشعب السوداني و اختياره و أن جميع الانتخابات التي أجرتها حكومة الإنقاذ هي انتخابات ديمقراطية شفافة و نزيهة و ما نحن عليه الآن هو اختيارنا و أن جميع من يعارض النظام اليوم بما فيهم سيف الدولة هم شذاذ أفاق عليهم التوبة و الاغتسال سبعة مرات في مياه البحر و عليكم أن تحتكموا للشعب و إن أرتم تغيير نظام الإنقاذ فعليكم انتظار اكمال الرئيس المنتخب دورته وخوض الانتخابات المقبلة ! هل يستطيع سيف الدولة الرد على ذلك؟؟؟؟ دعانا الأستاذ سيف الدولة التعلم من شعب مصر , يبدو أن سيف الدولة أصيب في عقله ألا يعلم أن 95% من الشعب المصري الذي يعيش الآن لم يمارس أي خيار ديمقراطي في حياته فالمصري الذي ولد عام 1940م كان عمره 12 عام عند تولى العسكر زمام الأمور في بلده و هو الآن في خريف عمره ليس في ذاكرته إلا جبروت العسكر و تعسفهم كيف نتعلم منهم وهم في التعليم ما قبل المدرسي في الديمقراطية أسمع لمحلليهم السياسيون لتعلم أن لا علاقة لهؤلاء القوم بالديمقراطية و على النقيض يقف الشعب السوداني الذي أول ما تعلم الحكم تعلمه بالطريقة الديمقراطية فقد جرت انتخابات في السودان عام 1953م أي قبل الاستقلال وقد ثار الشعب السوداني ضد الحكم الديكتاتوري عام 1964م قبل أن تستقل العديد من الدول العربية لمعروفة اليوم ,وهي أول ثورة ضد العسكر و حكمهم في العالم العربي و الإسلامي الحديث السبب الرئيسي في وأد ديمقراطيتنا هذه هو تدخل عسكر مصر عام 1969م , و أظن أن سيف الدولة كان موجوداً بل راشداً يوم أن خرجنا ضد الحكم المايوي و انضم الجيش لشعبه ليس على طريقة السيسي و إنما بإرادة شعب السودان كله بدون انقسام من يعلم من يا سيف الدولة ؟؟؟ و في الختام أدعو الأخ سيف الدولة حمدن الله بكامل الاحترام ان يصحح موقفه ليس انتصاراً لإخوان مصر ولكن لتسجيل موقف نحن في أشد الحاجة إليه من غيرنا يجب أن تكون مواقفنا من الديمقراطية و الحريات متسقة في كل الأزمنة و الأمكنة فلا يعقل أن نطالب بالديمقراطية في السودان نرفضها في مصر فنحن ندعو للحريات و مشاركة الجميع في الحياة السياسية دون إقصاء لأحد على أساس الفكر أو المعتقد أو العرق. ودمتم.