ولاية النيل الأبيض من أكثر الولايات أمناً واستقراراً، على مر العصور ولكن اختلط الحابل بالنابل،وأصبح أهلُها في حالة هرج ومرج مستمرة بسبب الفتن الأهلية التي نشبت مؤخراً، بين بعض القبائل وفي ظل هذه الأجواء المملوءة بالشحناء والبغضاء، يتقدم السيد الوالي يوسف الشنبلي بقرارات تدعو إلى تهجير الأسر التي ارتكب أبناءها جرائم(قتل) إلى أماكن نائية، بغرض قص شريط الفتنة، حتى لا تمتد إلى الأبرياء، هل مثل هذا القانون يستند إلى مرجعية قانونية؟ الإجابة لا، لأن هذا القانون يُستمد من باب سد الفتنة ودرءها وطي ملف الاحتراب والاقتتال، نقدر هذا الدور الذي تبذله حكومة الولاية في بسط الأمن، ولكن لا يكون على حساب أبرياء أرتكب فراد منها جناية، كما قال الله عز وجل فيهم:(لا تزر وازرة وزرة أخرى) إذا كان هذا قول الله فيهم!! فلماذا نحن نعاملهم بجرائر لا ذنب لهم فيها؟ غير أنهم ينتمون لهذه الأسرة أو القبيلة حتى حكومتنا ولايتنا الراشدة وقعت في الفخ الخطأ، ولم يحالفها الحظ في ما قدمت إليه بتهجير(90) أسرة، من مقر إقامتها إلى عراء لا ساتر لهم فيه، وسط غابات لا تقيهم هجير الشمس المنصب نحوهم، تركوا رحالهم بما فيها من أمتعا وتحولوا إلى نازحين لا يملكون غير أرض اللهِ فراشهِم وسمائه غطائهم، والكل يشكو حاله الصغار يشكون قبل الكبار، ودمعهم يتساقط من أعينهم تنتظر من يكفكفها، ويزرع البسمة في تلك الوجوه المملوءة بتلك الدمعات العاجزة عن فعل شيء، والحناجر التي اكتظت بالعبرات، والصدور التي امتلأت بالزفرات، وجميع حال المهجرين في حِيرة من أمرهِم، وهم ما بين رجاء المسئولين وأمل الخيرين، سعياً أن تسفر عن شيء يقلل من معاناتهم التي ألمت بهم جراء هذه الفتن العظيمة. وكيف لنا أن شاطرهم مصيبتهم التي قويت عليهم، ونمد أيدينا لنمسح تلك الدمعات الساخنة، هل هنالك من له عين ثاقبة تبصر الحق ولا تخطئه، وعقلاً حكيم وقلبُ رحيم، يدرك صعوبة الموقف الذي يعشه هؤلاء المهجرون، نعم ندرك مرارة الألم الذي لحق بالطرف الأخر، قد يكون من فقدوه عزيز قومٍ، وبغض النظر عن مكانته وفي نهاية الأمر أنها نفس حرم اللهُ قتلها في هذه الآية الكريمة (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ) هل كل جرائم القتل التي يتم ارتكابها في حق؟ الإجابة لا، بل قد تنشأ نتيجة لقطعة أرضٍ أو مرعى نشبا فيها خلاف، يتحول بصورة سريعة شلالات من الدماء يروح ضحيتها أبرياء لا ذنب لهم، بسبب الجهل وفقدان العقلانية في أمور الدنيا، وبهذا يكون قد تسبب في زعزعت أمن أهلهم، ومثل هذه الفتن من تقارب الزمان كما تنبأ لها في حديث أبي هريرة رضي الله عنة،أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يتقارب الزمان، وينقص العلم، ويلقى الشُّحُّ، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج). قالوا: يا رسول الله، أيُّما هو؟ قال: (القتل القتل). لا نريد الصراعات أن تشتد وتتمدد فالنيل الأبيض بلد أمنة، نريدها أمنة كما تعودنا عليها، فل نعيد النظام الأهلي فينا لحل قضايانا. بقلم: عثمان البلولة – خريج قسم الصحافة – تلفون - 0912725032 [email protected]