المؤتمر الوطني الحزب الحاكم وضع نفسه أمام موقف لا يحسد عليه حينما أعلن عن نواياه لرفع الدعم عن المحروقات في وقت بلغت فيه القلوب الحناجر بسبب الضغوط المعيشية، موقف أقحم قيادات المؤتمر الوطني في رهق نفسي وذهني بحثاً عن مخرج لإدارة أزمة القرار الصعب ،وربما يكون القشة التي ستقصم ظهر البعير إذا ما انتصر تيار المؤتمر الوطني المتمسك برفع الدعم على تيار القلة من العقلاء الذين طرحوا فكرة المفاضلة ما بين إنهيار الدولة وإنهاء مدة صلاحية حكومة المؤتمر الوطني، ودعاة المفاضلة في الحزب الحاكم يرون ضرورة أن يقدم الوطني تنازلات قوية تحمي الدولة من الإنهيار مقابل تشكيل حكومة قومية تضع الحلول للوضع الراهن خوفاً من الإنزلاق في المواجهة الشعبية خاصة وأن القضية أصبحت قضية حياة أو موت بسبب ارتفاع درجة حرارة الفقر والعوز جراء ارتفاع أسعار السلع الضرورية فور تنفيذ قرار رفع الدعم عن المحروقات . فكرة المفاضلة بين بقاء الدولة أو الحكومة لم تجد القبول من أصحاب المصالح العليا في بقاء النظام وإن كان على حساب صوملة السودان، لكون بأن تفكيك الدولة أهون عليهم من تفكيك حكومة الحزب الحاكم وأن كانت نتيجة انفجار البركان الذي يمور بشدة في النفوس المتعطشة لإنهاء تراجيديا المعاناة اليومية ، معاناة لم تستثن إلا الذين يعيشون على حساب موارد الشعب نعيماً وترفاً دون وضع أية اعتبارات لوضع أشبه بكرة الثلج التي تتدرج ولا أحد يدري إلى أين ستنتهي؟. المواجهة الآن بين تيارات المؤتمر الوطني وأن مسألة تنفيذ قرار رفع الدعم عن المحروقات في طور المشوارات مع الآخر ما هي إلا حجة لحسم الخلافات داخل الحزب المنقسم أكثر من أية مرحلة مضت مابين (مع وضد) القرار..وزادت حدة التباين بين وجهات النظر حينما بدأ الطرف المنادي برفع الدعم في استقطاب القيادات الوسيطة، والتي لها مصالح اقتصادية استثمارية في بقاء حكومة المؤتمر الوطني ، وهي بدورها بدأت تحرك مؤشرات المصالح بينها والكبار لترجيح كفة بقاء حكومة المؤتمر الوطني وإن كانت على حساب إنهيار الدولة بغضبة الشعب المحتقن بالوجيع.. السؤال هل سينتصر التيار المنادي بحماية الدولة على حساب حكومة الوطني أم تمضي "سليمة في قديمها". الجريدة [email protected]