ريو دي جانيرو- بعد أن وجد نفسه رمزا مستخدما من قبل المتظاهرين في احتجاجهم على تهميش العامة والمثقفين والتركيز على لاعبي كرة القدم الذين أصبحت رواتبهم بعيدة كل البعد عن عالم الواقع خصوصا بعد انتقاله من سانتوس الى برشلونة الاسباني مقابل 57 مليون يورو، شن نجم المنتخب البرازيلي نيمار هجوما مضادا بالقول والفعل من خلال انتقاد الحكومة وقيادة "سيليساو" للفوز على المكسيك (2-صفر) في كأس القارات. بعد أن كثر الحديث في العامين الأخيرين عن الموهبة التي يتمتع بها النجم البرازيلي الصاعد وعن المستقبل الذي ينتظره في عالم الكرة المستديرة وعن انه الخليفة "المنتظر" للأسطورة بيليه أو اللاعب الذي سيسد الفراغ الذي خلفه اعتزال نجوم كبار مثل رونالدو وفشل آخرين مثل رونالدينيو وروبينيو وباتو في الارتقاء إلى مستوى التوقعات، اعتاد نيمار على يكون تحت الأضواء رغم انه لم يتجاوز الحادية والعشرين من عمره. لكن ما اعتاد عليه نيمار في السابق لم يكن سوى المديح والإعجاب قبل أن يتغير الوضع في الأيام الأخيرة بعدما استخدمه المتظاهرون المحتجون على ارتفاع أسعار النقل العام ونفقات تحضير مونديال 2014 كرمز صوبوا السهام عليه لانتقاد الحكومة على الأموال الطائلة التي أنفقتها في تحضيرها لاستضافة كأس القارات وكأس العالم 2014، في وقت تهمل فيه المسائل التي تهم المواطن العادي مثل الصحة والتعليم. "برازيل استيقظي، المعلم أهم بكثير من نيمار"، هذا هو الشعار الذي رفعه المتظاهرون الأربعاء قبل مباراة البرازيل والمكسيك في الجولة الثانية من منافسات المجموعة الأولى لكأس القارات. التزم نيمار الصمت في بادئ الأمر حيال ما يحصل حول الملاعب لكن بعدما نزل أكثر من 250 ألف متظاهر إلى الشوارع يوم الاثنين وبعد رسائل الدعم التي قدمها العديد من لاعبي "سيليساو" مثل دافيد لويز وهالك وداني الفيش وفريد إلى الحراك الشعبي، قرر نجم برشلونة المقبل أن يسير على هذه الخطى أيضا لكنه ذهب إلى ابعد ما وصل إليه زملاؤه من خلال مهاجمة الحكومة بأسلوب من النادر أن يلجأ إليه رياضيون من طرازه العالمي. "أنا حزين لكل ما يحصل حاليا في البرازيل. لطالما اعتقدت بأنه لن نصل إلى المرحلة التي تضطرنا النزول إلى الشارع للمطالبة بشروط أفضل في النقل والصحة والتربية والأمن. هذا كله من واجبات الحكومة"، هذا ما قاله نيمار في حسابه على موقع "اينستاغرام" المتخصص بتشارك الصور والفيديو. وأضاف: "أنا برازيلي وأحب بلدي. أريد أن تكون البرازيل أفضل في مجالات العدالة والأمن والصحة وان تكون بلدا نزيها"، مشيرا إلى أن أهله "عانوا كثيرا من اجل أن يؤمنوا له ولشقيقته الحد الأدنى من الحياة". وواصل: "الوسيلة الوحيدة التي املكها من اجل تمثيل والدفاع عن بلدي هي أن العب كرة القدم على أرضية الملعب. وبدءا من هذه المباراة أمام المكسيك (الأربعاء)، سأدخل إلى أرضية الملعب مع الإلهام الذي اشعر به جراء هذا الحراك". ويبدو أن هذا الحراك الشعبي قد الهم نيمار فعلا، لأنه، وبعد أن افتتح التسجيل لبلاده في المباراة الأولى أمام اليابان (3-صفر)، قاد "سيليساو" لتحقيق فوزه الثاني على حساب المكسيك بتسجيله الهدف الأول بطريقة رائعة ثم تمريره كرة الهدف الثاني الذي سجله جو. "نيمار هو اللاعب الذي يدرك الجميع في البرازيل بأنه قد يصبح احد أفضل ثلاثة لاعبين في العالم وهو في الحادية والعشرين من عمره"، هذا ما قاله مدرب البرازيلي لويز فيليبي سكولاري عن لاعبه الشاب الذي أصبحت الفرصة متاحة أمامه واعتبارا من الموسم المقبل لكي يظهر بشكل فعلي ما يملكه من موهبة بعدما قرر امتحان نفسه في القارة الأوروبية مع احد أهم الفرق على الإطلاق، أي برشلونة الذي تعاقد مع مهاجم سانتوس لمدة خمسة مواسم. ومن المؤكد أن ما ينتظر نيمار في ملاعب القارة العجوز مختلف تماما عما اختبره حتى الآن في البرازيل، وهذا الأمر لا يعني بان البطولات المحلية في بلاد "السامبا" لا تتمتع بالمستوى، لكن الجمهور "العالمي" لم ير الكثير من هذا اللاعب بسبب الشعبية "الدولية" المتواضعة لدوريات البرازيل وولاياتها. الوضع سيكون مختلفا اعتبارا من الموسم الجديد مع انضمامه إلى النادي الكاتالوني حيث سيلعب إلى جانب أفضل لاعب في العالم خلال الأعوام الأربعة الأخيرة الأرجنتيني ليونيل ميسي. ويعرف نيمار تماما الفارق بين اللعب في البرازيل وفي أوروبا، وهو اختبر عن قرب هذا الأمر في كانون الأول/ديسمبر 2011 عندما تلقى درسا لا ينسى من ميسي ورفاقه في برشلونة بالخسارة أمامهم برباعية نظيفة في نهائي كأس العالم للأندية. ومن المؤكد، ورغم الحملة التي طالته في التظاهرات، أن البرازيليين يعولون كثيرا على نيمار لأنهم يرون فيه اللاعب الذي بإمكانه سد الفراغ الذي يعيشه "سيليساو" بعد اعتزال الجيل الذهبي الذي قاده إلى اللقب العالمي الخامس والأخير العام 2002 في كوريا الجنوبية واليابان. ويأمل نيمار أن تشكل كأس القارات محطة انطلاق جيدة نحو التأكيد بأنه آمل البرازيليين بالعودة إلى ساحة التتويج العالمي، ولقد اثبت اللاعب "اليافع" حتى الآن أن باستطاعته التعامل مع الضغوط التي ستزداد دون شك الموسم المقبل في ظل انتقاله إلى برشلونة حيث سيقارن بميسي ونجم ريال مدريد البرتغالي كريستيانو رونالدو.