لخرطوم! حق التظاهر السلمي اكتسب في السودان و كسر حاجز الخوف ، من يتظاهر سلميا ينبغي أن لا يحتاج بعد الآن لأخذ إذن يكفي الإشهار والإعلان، هكذا هي فترات التغيير والانتقال وان تتصدى أحزاب وقوى المجتمع المدني بشبابها لتنظيم المسيرات و إيقاف المشاغبين وصغار اللصوص و ذوي المآرب الذين يشوهون الصورة الكبيرة الرائعة لأي مسيرة سلمية فشغبهم مدان كما أن عنف السلطات مدان بأغلظ العبارات ، كل النداءات لتنظيم المسيرات كان يمكن أن تتابع لو أن للمعارضة قناة فضائية ، النداء عبر التلفزيون يختلف في تأثيره عن المقال الصحفي المكتوب ، نداء يوجه الناس للسلمية والشكل الحضاري الهادئ وان يخرجوا في أبهى حلة كيوم عيد ديمقراطي. بهذه الصحيفة و بتاريخ 27/5/2013م كتبت تحت عنوان (مواقف الأطراف في رقعة الشطرنج السودانية) ما نصه : المعارضة الخارجية و قوامها الكتابات الفكرية ، كان في إمكانها مساعدة الصحف الورقية بالداخل! بإيقاف الرقابة القبلية او شل فعاليتها ، أما كيف ذلك؟ ببساطة ذلك يكون بإنشاء قناة فضائية تبث من مصر او من دبي، حينها ستتوقف الرقابة القبلية على الصحف و ستأخذ راحتها في التعبير، فما يتم منع نشره ورقيا سيشاهده و يسمعه الملايين على لسان صاحبه في اتصال مباشر معه ليتحدث عنه كفاحا ويمكن عرض الأعمدة اليومية للصحفيين ومستندات كشف الفساد. و ان تكون قناة تدعو للديمقراطية باستنارة واعتدال ، القناة الفضائية سيشاهدها الملايين عكس المواقع الاسفيرية التي يطالعها فقط مئات الآلاف، بذلك ستنتفي حاجة النظام لتكميم أفواه الصحف لأن التكميم سيجعل الناس تلجأ للفضائية لمعرفة الحقيقة، هذه ستكون نقلة نوعية من المعارضة إن فعلتها ستكون بمثابة كش ملك! للنظام. انتهى الاقتباس. الحاجة ماسة لقناة تكون لديها المصداقية والواقعية لتساهم في رفع الوعي بالديمقراطية وحقوق الإنسان وتدعو للاعتدال وتقبل الرأي الآخر. المواجهة الدائرة الآن بين القوى الديمقراطية من جهة وتعنت النظام من الجهة الأخرى هي إعلامية بالأساس ، إن نشأت هذه القناة كانت ستكون هذه هي أيام مجدها و لا اعرف ما هو العائق في ذلك، يتحدث الإمام الصادق المهدي كل ثلاثاء بداره أما كان أجدر به وهو صاحب علاقات دولية وإقليمية أما كان أجدر به أن يبادر بإنشاء هذه القناة ، رجل الأعمال رئيس حزب المؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ أما كان أجدر به إنشاء هذه القناة كاستثمار مربح على المدى الطويل، والمغتربون في الخارج وجهات كثيرة ، دور هذه القناة كان سيتعاظم اذ ان النظام يتمنى و يعتمد على الفذلكة الإعلامية فقط لإيقاف التظاهرات السلمية التي هزته تماما وهو يعلم انه داخليا يتكئ تمام على عصا سليمان التي نخرها السوس وهو معزول إقليميا ودوليا ، بل يمكن لدول الخليج و مصر أن تضغط عليه بقوة إن رأت تماسك الهبة الشعبية واستمراريتها فبدعمهم ستواصل الهبة الى آخر الشوط ولن يصمد كالنظام السوري الطائفي المدعوم من 50 ألف من العسكريين العلويين ، في السودان لن يحدث ذلك ، الوضع هنا مختلف ولا يمكن للنظام في السودان ارتكاب مجازر كبيرة فالجيش والشرطة هم من أبناء الشعب ومن طبقته الكادحة و لا يمكن استخدامهم في ذلك كما ان من تداعيات ذلك سينشق النظام طوليا إن حدثت مجازر كبيرة وبعكس ما يرى الكثيرون من انه سينتهج نهج دموي لقمع التظاهرات فأنني أرى عكس ذلك! هو سيحاول بقدر الإمكان تجنب استشراء القتل او ان يصل العدد الى المئات والآلاف لأنه يعلم ان في ذلك نهايته المحتومة كما ان من شان ذلك إحداث تصدعات بداخل الحزب الحاكم والتيار الإسلامي ظهرت ولم تتأخر نذره بمذكرة الثلاثين برئاسة د غازي صلاح الدين والعميد ود إبراهيم وكثير من العقلاء. الفذلكة الإعلامية إذن هي لغة المرحلة ، لذلك تكبل صحيفة الأستاذ محجوب محمد صالح و لذلك أزيح النور احمد النور رائد صحيفة الصحافة المتنوعة ليحل محله الموالي باتجاه واحد عبد المحمود الكرنكي لتكتمل الدائرة مع صحيفة الانتباهة من هناك التي استمرت في ادعاء ان الغرابة وأبناء جبال النوبة يريدون اغتصاب النساء في المركز في الخرطوم ، هكذا! إذن تسفه أحلام شعب في الحرية والديمقراطية على نظرية وزير دعاية هتلر جوزيف غوبلز (أشعرهم أن أمنهم في خطر وسيطر عليهم)، في نهج مثير للاشمئزاز ولا يخلو من عنصرية لتغبيش الوعي وكأن د التجاني السيسي قبل التوقيع وبعده وكأن رجال مثل جبريل ابراهيم و غيرهم ما جاهروا بالعصيان لسنوات إلا لاغتصاب النساء في الخرطوم وهو محض هراء و هب أن هناك أفراد وقد يكونوا من أي مجتمع بالمناسبة أرادوا الفوضى لارتكاب مثل هذه الجنح فالناس سيتصدون لهم، هل أهل المركز هم قطيع من الدجاج سيستباحون هكذا بعد التغيير أليسوا رجال سيدافعون عن أنفسهم ولكنه نوع من الدعاية الفجة للإبقاء على مصالحهم ومكتسباتهم و لتأخير المد الديمقراطي ليس إلا. ونذكرهم بقول فرانكلين بيامين الرئيس الأمريكي الأسبق (من يتخلى عن حريته خوفا على أمنه لا يستحق حرية ولا يستحق أمنا). هناك لحظات في حياة الشعوب عليها ان تتقدم و تأخذ مصيرها بيدها، إذن قبل أن يتفكك ما تبقى من السودان ان لم يتراضى أهله بوحدة طوعية وان ترك الأمر لنظام حكم عقائدي انقرض أشباهه في المنطقة من لدن بعث صدام والأسد والقذافي بكتابه الأخضر بل وانسحب العقلاء من داخل الحزب الحاكم نفسه او ابعدوا ، فهيمنت أجهزة الأمن على مؤسسات الدولة، ما أدى إلى تأسيس جهاز بيروقراطي وأمني معاد للإنسانية ومعاد للتغيير والتداول السلمي للسلطة، وقتلت روح المبادرة الفردية للإنسان السوداني لتحسين أوضاعه المعيشية و هذا هو الأسوأ، لا يستطيع سوداني مستثمر صغير بالداخل او مهاجر ان يفتتح مصنعا صغيرا للأحذية ولا مزرعة حديثة للأعلاف والدواجن ولا مصنعا للأكواب والأواني التي تصنع لاستعمال مرة واحدة بل ولا يستطيع إدخال حاصدة زراعية حديثة ولا آليات ومصانع للطوب البلك ، كل من جرب لدغ وعاد أدراجه لدول المهجر، يتم إقصاؤه بنهج مقصود ، الحزب الحاكم غير مؤهل للتنمية وإدارة اقتصاد حديث وتحقيق الاكتفاء، تمكين المجتمع من تحقيق التنمية هو الهدف ، لقد تم نهب ثروات السودان العقارية وبيعت وخصخصت مشاريع و نعم الحكام بالإعفاءات الجمركية والضريبية طويلا، زمن الركوب على ظهر الناس و إرهاقهم بالجبايات وتحمل الصرف النزق للحكومة قد أزفت نهايته. أوصل النظام الناس في السودان إلى الانكسار والذل ، نظام يركب على ظهر الناس بالجبايات وبالصرف البذخي الحكومي المترهل حيث لكل قبيلة ولاية وعدة محليات بدل النظام الإداري الناجح لست أقاليم فقط لا غير وبالإعفاءات التي درت على أنصاره المليارات ولا عزاء للحزانى بوسط المدن وليس بإطرافها! فقط . سيطل الفجر عن قريب و بحكومة انتقالية قومية يجد فيها الجميع أنفسهم و نتصالح مع العالم الخارجي و تلغى هذه الإتاوات على المغتربين و على التجار بجرة قلم وترفع الضرائب عن الناس إلا بقدر مدروس وبحكومة أياديها نظيفة تلهم الروح الوطنية للناس و ينداح المال على الجميع بالتساوي ويدخل سكان الأقاليم وهم جميعا بلا استثناء مهمشون! الى الدورة الاقتصادية و تكون هناك فرصة للانتقال بين الطبقات و يتولى الاقتصاد تكنوقراط مؤهلون. ثم بعد ذلك يبحث الجميع في الدستور الذي يجمع ولا يفرق ، بعد ذلك فقط تجرى انتخابات لتحديد الأوزان. و يعود معلم الشعوب من جديد ، بتجربة أعمق نضجا هذه المرة بعد تجارب مريرة. [email protected]