الطاووس المزهو بريشه الجميل وذيله الطويل منذ أن كان شاباً منعماً في الغابة الكبيرة والمتباهي غروراً بنسبه الطاووسي والذي فقد عشه وقد تملكه بالوراثة وجمله من الداخل بديكورات والوان أستجلبها له من الغابات البعيدة ولكنه نسى ماتعلمه هناك حول كيفية المحافظة عليه..! بعد ان كان يخطر جيئة وذهاباً بزهو وخيلاء في مملكته تلك يخرج ويدخل وقتما شاء فتنحني له الطيورفي كلتا الحالتين و تارة يتنازل للزرزور بمجالسته في عشته الواسعة المرتبة وتارة يقّرب منه بلبلاً آخر لا يقل عنه غروراً بصوته وصيته وتاريخ أسلافه من بلابل الدوحة المجاورة التي يعبر لها البحيرة طائراً ومغرداً ..كلما ضاق من صخب الغابة و دخان الحرائق التي يشعلها الغراب ويتهم بها الحمامة المسكينة..! إشتعل الدخان هذه المرة كثيفاً في وسط الغابة حينما أراد الصقر العجوز أن يرفع سعر الجراد وهو الغذاء الرئيسي لأغلب طيور غابته المحترقة في الأطراف و بصفته العمدة الدائم الذي نصب نفسه بعد أن إستولى على عشة الطاووس ليلا و الذي بات لاجئاً لفترات متقطعة في شتى الغابات القريبة والبعيدة ..ثم عاد بعد أن أعاد له الصقر ريشاته التي سقطت في رحلة الهجرة هرباً من فتك الصقور به .. ! وعادت معه وقبله مجموعة من العصافير التي إما أحبطها طول المشوار.. وملاحقة الصقور لها تهديداً أوفي محاولة شراءها بحشراتٍ ميتة أو هي هرمت وتساقطت في منتصف الطريق أو وصلت وأجنحتها مبتلة بمطر الإعياء ..فباتت كسيرة حسيرة من ضعفها تنفض المياه على بعضها بحثأً عن الدفء والأمان المفقود في زمن الصقور ! زحف الدخان نحو عيون الصقر و عتم أمامه المشهد بعنف فبدأ يضرب بأجنحته مصادر النار فيزيدها إشتعالاً..! الطاووس الذي بات في خريف عمره ، أخذ يدنو قليلاً من الصقر المنزعج ثم يبتعد فهو يريد إحتراق جسد الصقور كله ليستعيد عشته المسروقة ويعود لخيلائه الآفل ..ولكنه يخشي في ذات الوقت على ريشة غالية لم يستردها ، بعد أن علقها الصقر على رأسه يتزين بها ، أغاظة ًللحدية الطموحة التي طردها من جواره بعد أن ضايقته في مخدعه عند أعلى شجرات الغابة وهي التي أوصلته الى ذلك العلو رغم عدم أهلية أجنحته لبلوغه أو ما دونه ! بعض الصقور رفرفت بعيداً عن صقرها العمدة المنهك عند رؤيتها منظر الدخان وهو يتصاعد نحوها ! الطاووس الهرم محتار .. هل يحترق هو ويفقد بقية ريشاته الملونة إيثاراً وتضحية وفداء لبقية الطيور ! أم يطفي الحريق حتى لا يطال بقية الريش المتساقط تباعا من أجنحة الصقر ورأسة المزين بالريشة المارقة ! الطيور من حوله رددت بصوت واحد ..تسقط تسقط تسقط الصقور .. الطيور تريد إسقاط الصقور .. يلتفت ناحيتها الطاؤوس ليكلمها فتزداد ضجيجاً ولا تستمع اليه ..! ويأتيه من الجهة المقابلة صوت الصقر متحشرجاً من وسط الدخان والسعال الداوي.. قائلاً وأنفاسه تتعالى وتكاد تحطم صدره الممعوط ! إذا احترقت أنا فريشتك الغالية على رأسي لن تسلم من النار..فتعالى ساعدني وسأقاسمك عشتي قبل إحتراقها..أنت طاووس عريق .. ومن حولك هم مجرد طيوريسهل أكلها مشوية أو نيئة بالنسبة لنا ! تزداد حيرة الطاووس .. بمن يضحي ياترى بالصقر العجوز إنحيازاً للطيور المحتشدة..ويخسر ريشته الغالية التي إختارت رأس الصقر بدلاً عن جناح طاووسها المهيض..؟ وأحياناً بين ثنايا حيرته وهو يفكر في إسترداد عشه..يكاد ينسى شيئاً إسمه الغابة كلها وطيورها ! خيارات أحلاها مر على الطاووس الذي لا زال مزهواً بألوان ريشه القديم ويحلم بعشه المسروق وهو بدون شك يعرف تماماً فرضية فوات الآوان وحتمية تجدد مياه الأنهار وتبدل أوراق الغابات ومكونات الأعشاش وزوال الصقور والطواويس وإن بلغت من العمر عتياً ! قوووولووووو إنتو بقى عليكم نوووور..مارأيكم دام فضلكم .. .. في حيرة الطاوووس! [email protected]