شاهد بالصورة.. الفنانة مروة الدولية تعود لخطف الأضواء على السوشيال ميديا بلقطة رومانسية جديدة مع عريسها الضابط الشاب    شاهد بالصورة.. الفنانة مروة الدولية تعود لخطف الأضواء على السوشيال ميديا بلقطة رومانسية جديدة مع عريسها الضابط الشاب    شاهد بالفيديو.. "معتوه" سوداني يتسبب في انقلاب ركشة (توك توك) في الشارع العام بطريقة غريبة    شاهد.. تفاصيل القصة التي أثارت ضجة واسعة.. بمهر قيمته 3 مليار دفعوها مناصفة فيما بينهم.. ثلاثة من أفرد الدعم السريع يتزوجون فتاة حسناء بولاية الجزيرة ويعاشرونها بالتناوب تحت تهديد السلاح    بعد اتهام أطباء بوفاته.. تقرير طبي يفجر مفاجأة عن مارادونا    موظفة في "أمازون" تعثر على قطة في أحد الطرود    الحراك الطلابي الأمريكي    "غريم حميدتي".. هل يؤثر انحياز زعيم المحاميد للجيش على مسار حرب السودان؟    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    نهب أكثر من 45 الف جوال سماد بمشروع الجزيرة    معمل (استاك) يبدأ عمله بولاية الخرطوم بمستشفيات ام درمان    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الثلاثاء    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الثلاثاء    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    انتدابات الهلال لون رمادي    المريخ يواصل تدريباته وتجدد إصابة كردمان    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة    القلق سيد الموقف..قطر تكشف موقفها تجاه السودان    الداخلية السودانية: سيذهب فريق مكون من المرور للنيجر لاستعادة هذه المسروقات    السودان..مساعد البرهان في غرف العمليات    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    تدرب على فترتين..المريخ يرفع من نسق تحضيراته بمعسكر الإسماعيلية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    تجارة المعاداة للسامية    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهروب الكبير..؟!
نشر في الراكوبة يوم 08 - 10 - 2013


بسم الله الرحمن الرحيم
أثار خبر إيقاف إبن الجاز بمطار دبي عدة تساؤلات، بعد أن فارقتنا المرحومة الدهشة مأسوف عليها، منذ مقدم الإسلاموعسكرجية علي صهوة ظهر الدبابات، وإحتشاد اللحي والشعارات المُزيَّفة، بعد تمزيق عري المواثيق وخيانة عهود الإلتزام بالدستور والحياة البرلمانية، كشركاء في إدارة وطن شديد التعقيد والتنوع والثراء. وإعلانهم بثقة العلماء وورع الأتقياء، عن إقامة الدولة الإسلامية وتطبيق شرع الله. قهريا وعبر البندقية العسكرية، في بلاد السودان أرض الجهالات والضلال القديم! وكأنهم قادمون من كوكب آخر ومنزهون عن الخطأ والخطايا والذنوب والرزايا! ولكن شكرا جزيلا لإمتلاكهم السلطة بصورة مطلقة، رغم المحن(بتصرف في أحد تعابير الراحل حميد)، فقد كشفت لنا عن كل الخبايا، وأبانت لنا ما يختلج في الوجدان ويسكن العقول والنفوس، الموبوءة بحب السلطة والجشع والنفاق وكل شرور الأرض! وتحدثت به الأفعال والأقوال، كواقع معاش، لا يلتبس إلا علي مَنْ فضل أن يعيش في غيبوبة غبائية او بحبوحة منفعية او وعود عرقوبية، وفي كلٍ شرٌ لا يُطاق، وتعتيم لشمس الحقيقة و تأخير ليوم الخلاص!
والأنكي والأمر هو فرض اللأنظام وتسويغ اللأمعقول وتبرير الجرائم, وإنكار شمس الخطايا من رمدٍ، ومحاولة خلق واقع خاص ومغاير! يمنحهم مشروعية مغتصبة، ونوع من الخدر المقدس، الذي ينتهك حرمة وسمو وإطلاق الدين الحنيف، أي إحتلال للأرض وإفتراء علي السماء! بمعني، إن حادثة إيقاف الأمير عمار بن عوض بن الجاز آل إنقاذ، أزاحت مساحات التعجب والإستغراب، لصالح سيل التساؤلات الكاسح المر الحارق، خاصة وهو يتزامن مع توقيت، يتعرض فيه أنبل وأطهر وأشجع وأروع أبناء وبنات البلد الأوفياء، لزخات الرصاص الحي، وهم يبحثون في عمق الخطر وجحيم الموت، عن نسائم للحرية ووعد للخلاص. وهم إذ يقومون بهذا الدور، ينوبون عن الملايين في الأصقاع النائية داخل وخارج الوطن، ولكل من تعتمل في دواخله رغبة في التحرر، وحرص علي بناء دولة المواطنة والقانون والرعاية والحماية، أي دولة الرحمة. والأهم من كل ذلك أنهم يردون جزءً من الكرامة المسلوبة والذات المفقودة والإحترام المغتصب، والإلغاء المتعمد من الحضور الحي والمستحق والفاعل، في دفتر حقوق الإنسان بمعناها الشامل. أي في الوقت الذي يتقدم فيه الشباب الثائر، لوضع حد لسلطة النهب والسلب والفساد المؤسس والجريمة المنظمة. يتجول إبن الجاز بين المطارت الفخيمة والمدن الوسيمة، وهو يحمل ملاين الدولارات المنهوبة(لماذا تم إيقافه؟)، من وطن يئن تحت وطأة الحاجة والديون، ويموت فيه المواطنون بأبسط الأمراض، كسبب مباشر لإنعدام العلاج المجاني وسوء التغذية! ويحرم أطفاله من التعليم والتطعيم ضد أمراض الطفولة، بسبب مبالغ مخجلة(تقل كثيرا عن ما يتم تهريبه في الرحلة الواحدة!)، وتستوطنه وأهله أمراض القرون السابقة، التي لا يحتاج القضاء عليها، لأكثر من رؤية وأضحة وجدية في التعامل، وقليل من الموارد المالية، مقارنة مع مردودها العظيم، صحيا وإنتاجيا! وطن تدعي فيه حكومته السنية الطاهرة، أن خزائنها أفرغ من من فؤاد أم موسي! وأن الإقتصاد الوطني علي وشك الإنهيار(بعد ربع قرن من التبشير بالرفاه والتفوق علي العالم أجمع "إلا إذا كان المقصود الفساد" ووضع الإستراتيجيات التي عجزنا عن معرفة عددها وهي تمسك برقاب بعضها البعض، كعدد وزراءها غير المحدد والمفتوح علي الزيادة والترضيات، وشراء ضعاف الإرادة السياسية وممتهني المناصب الدستورية!)، وأن العلاج الأخير هو علاج بالكي، ويكمُنْ في رفع الدعم او زيادة أسعار المحروقات، لرفد الخزينة الخاوية علي وزارتها ووزيرها بالمورد المالي الوفير(وحكومة الكي هذه، أعتقد انها لا تعرف شيئاً ولا تريد أن تعرف شئ غير العلاج بالكي! بمعني أن السياسة التي تعمل بها وتطبقها طوال مسيرتها وبعيدا عن شعاراتها، هي ممارسة الكي علي جسد الوطن والمواطن، ولكن المأساة أنه لم تتبقَ مساحة خالية للكي، سواء علي جسد الوطن او المواطن، بعد إحتراقهما خلال الربع قرن المنصرم، وإمتلأ الفضاء برائحة الشواء! وهذا شئ متوقع من حكومة تعلمت إدارة الدولة علي يد البصير "الشيخ الدكتور الترابي" ويقودها طاقم بقيادة الجنرال البشير والدكتور الزراعي نافع ويدافع عنها "صحاف او غوبلز النظام" الطيب مصطفي!! بالمناسبة الزيادة ليست خاصة بالمحروقات ولكنها طالت الجمارك وإحتمال أشياء أخري لم يعلنوا عنها، لتفاجئ المواطن في الأسواق، وأعتقد ان الزيادة بصمت او غير المعلنة، هي ما ستتبعه هذه الحكومة إذا ما سمحنا لها بالإستمرار!! ). وغيرها من أعذار الحكومة، والتي كل عذر منها يحمل في جوفه دليل إدانة، علي عظم جرائمها وفشل خططها، وعقم قياداتها وخطورة إمساكهم بدفة صنع القرار، هذا من جانب، ومن الجانب الآخر تحمل هذه الأعذار ألف سبب، لحتمية رحيلها الآن قبل الغد! وذلك لإفساح المجال لوجوه جديدة وروح جديدة وأفكار جديدة، ليس لوضع المخطط العلمي المستقبلي الداعم للنهوض والتقدم فقط، ولكن قبل ذلك لمعالجة آثار هذه الأخطاء والجرائم والإنهيارات التي أصابت هيكلية الدولة الوطنية! وأحدثت تآكل هائل في معناها ومبناها ووظيفتها، وحولتها الي مجرد رسم مخادع، لا يتطابق بأي شكل من الأشكال مع تعريفاتها او واجباتها. لأنها وبقولٍ واحد حولت الدولة الي جهاز إستغلال للمواطنين بدلاً عن خدمتهم!!
ونرجع لوجع التساؤلات، هل ترجع هذه الأموال للسيد عمار بصورة خاصة؟ أي نتاج لجهده وعرقه وشركاته؟ وفي هذه الحالة، متي تحصل عليها وفيماذا تعمل هذه الشركات؟ وأين مكان هذه الشركات القابضة بالضبط علي أرض الواقع؟ وليس علي صفحات الأوراق الوهمية! أم أن هذه الأموال تخص السيد والده؟ وهو مجرد مرسال مؤتمن! وفي هذه الحالة، ما هي مصادر دخل السيد الوالد؟ التي تسمح له بإكتناز مثل هذا المبلغ بصورة سائلة او نقدية؟ وهو منذ علمناه ، يعمل وزير براتب حكومي، اوكما يُعلن ويُفهم من منصبه الدستوري الإحتكاري! والدستور المهدر دمه ومنتهكة حدوده ومبادئه، رغما عن كتابته بايديهم ووفق مصالحهم! يحرم سلفا وفي العلن وبصراحة فاقع لونها، الجمع بين المنصب الدستوري والأعمال الخاصة، من خلف ظهر الحكومة! وهل هذه الأموال تمثل كل ثروات العائلة او هي مجرد جزء يسير منها؟ بمعني هل لدي السيد عمار إخوة آخرين، يملكون مثل هذه الأموال الطائرة ويقومون بمثل هذه الرحلات المشبوهة؟! وهل هذه الرحلة الأولي أم سبقتها رحلات أُخر لبلاد أخري وتم السماح لها بالمرور؟! وإذا صدقنا كل ذلك بوصفنا نتعامل مع جماعة تعلن صباحا ومساء، عن تقيُّدها بالمثل الدينية والهداية النبوية! ولا تفوت فرصة إلا وتستشهد بآية كريمة او حديث نبوي شريف! هل إقتصاد مثل الإقتصاد السوداني المتهالك، بشهادة رئيس الحكومة وقادتها، يتيح فرصة لمثل هذه المكاسب؟! وما هو القطاع الذي يسمح بمثل كل هذه الأرباح؟! وإذا وجد هذا القطاع! لماذا لم يستمر السيد عمار الإستثمار في نفس هذه المشاريع، التي أكسبته كل هذه الأموال؟ وفضل عليها التجوال الخارجي بكل مخاطر الإيقاف والإكتشاف!! أم أن هذه الأسئلة مجرد حقد طبقي، وتَدَخُل في قسمة المولي عز وجل، لأن الأرزاق بيد الله! وكل القصة أن السيد عمار في رحلة عمل خارجية، أو في رحلة إستجمام من عناء العمل، لإمتاع حواسه
وتجديد نشاطه، كما إعتاد في كل عام مرة او مرات عديدة، بهذا المبلغ المتواضع من المال!! وخلاصة هذه الجزئية، ما هي مصادر هذه الأموال؟ وهل هنالك أموال أخري تتواجد لديه؟ ولماذا أموال بهذا القدر تتواجد خارج القنوات المصرفية؟!! وهل تعلم الضرائب عنها شئ؟ وهل يُسمح للمراجع العام(المسكين!) بالوصول إليها؟ كم عدد الشركات المتواجدة في سوق العمل السودانية، بأسماء حقيقية او وهمية؟ وكم من هذه الشركات تعمل كواجهات لجهات حكومية او تنظيمية، او شخصيات نافذة في الحكومة والتنظيم، وتالياً مستثناه من أي إلتزامات تجاه الدولة(ضرائب جمارك مراجعة)؟ وهل بعد ذلك يجوز الحديث عن تشوهات إقتصادية كالدعم وغيره؟!! وهل يمتلك أبناء المسؤولين الآخرين أموال بهذا القدر؟ بمعني وجود نادٍ خاص لأبناء المسؤولين، يتفاخرون فيه بعدد الملايين الدولارية والشركات الإستثمارية والعلاقات الخارجية! ويتقافزون عبره من دولة الي أخري ومن سوق الي آخر؟ وهل وهل ...الخ.
ومن الجانب الآخر، هل سلطات مطار الخرطوم، علي علم بهذه الأموال وغيرها وتسمح لها بالمرور مرور الكرام، وكأن شيئا لم يكن؟ ألا يمثل هذا السلوك مدرسة لتعلم الفساد، والضرب بعرض الحائط، لكل اللوائح والنظم الضابطة لسلامة الإجراءات، وتاليا كفاءة إدارة الدولة ومصلحة المواطنين! علما بأن المغتربين السودانيين عند عودتهم ومغادرتهم، يعاملون بتجهم وصرامة ومماطلة(غالبا) من قبل سلطات المطار، ويتم التنقيب كالباحثين عن الذهب، وقبل منح التأشيرات، عن تاريخ المغترب المالي ومدخراته ومداخيله وعد السنين التي قضاها، بعين الضرائب الحريصة علي نيل حقها مضاعف، والتي لا ترحم وتعلم دبيب المغترب في البلاد البعيدة وترصد جيبه كصيد وفير وضرع غزير الإنتاج، ولكنها تغض الطرف عن مشاكله وظروف عمله وإهدار حقوقه (في دول الخليج خاصة) وتتركه لهوان تلك المجتمعات وقوانينها وتحيزاتها الجائرة، أي عبارة عن أسد علي المواطن المسكين(صاحب الحق في أن تقف معه)، ونعامة تجفل أمام صفير وأموال ورضا القادرين في الخارج(التصدي لهم في حالة التعدي علي حقوق مواطنها دافع الضرائب، وكرد لكرامة وهيبة الوطن، التي تستمد من كرامة مواطنيه)!
والسؤال أين تذهب تلك الأموال التي تجوب مطارات الخارج، هل تذهب الي دبي وماليزيا وتركيا، كمواطن إستقرار بعد سقوط الدولة المنهوبة؟! ألا تسأل تلك الدول عن مصادر تلك الأموال، التي تُستثمر في بلدانها(بإستثناء الحالة الأخيرة أبن الجاز في دبي)، أي أن تلك الدول التي تسمح بدخول هذه الأموال المنهوبة، وإستيعابها داخل دورتها الإقتصادية هي نفسها شريكة في الجريمة! وهذا بدوره يطرح سؤال، هل يمكن تتبع تلك الأموال؟ عن طريق أي مجموعة سودانية مصرفية وقانونية ومحاسبية، لمعرفة حجم الأموال المنهوبة، بواسطة مصاصي الدولارات وفائض الجهد والعرق الوطني، وسالبة العافية من جسد الإقتصاد العليل المتهاوي، ومعرفة مساراتها وأسماء الشركات الداخلية والخارجية، التي تتخفي بأسماء غير حقيقية، وتعمل كقنوات شرعية لمرور وإستثمار هذه الأموال المنهوبة! وإثبات الأدلة التي تدين الجناة، في يوم الحساب الوطني الذي أوشك علي القيام.
أعتقد أن أهم ما يستفاد من هذه الحادثة، أنها تفتح الطريق أمام تاكيد المعلومات وفهم الحقائق، التي تتحدث عن تحويل أموال البترول، التي صدعوا بها رؤوسنا وشغلوا بها إعلامنا وبرامجنا، وحرمونا الإستفادة المادية والمعنوية منها، أنها ذهبت الي الجيوب الخاصة الشخصية منها والتنظيمية. خاصة بعد ظهور المعلومات الصادمة، عن أن كل ما يسمي مشاريع تنموية، من كباري وطرق، تردد كتعاويذ وتلبس كتمائم، لكل من يتحدث بأسم النظام والمدافعين عنه مصلحيا، وكأنهم إكتشفوا النار او القموا مناوئيهم الأحرار الوطنين حجرا لا جدال بعده! أن مصدر تمويلها قروض ربوية(رغم أنف المليارات الدولارية كعوائد للبترول، وشعارات المشاريع الحضارية والإعادة الصياغية للمجتمع السوداني علي هدي الطهر والعفاف! أعتقد ان كل تنظيم مشغول ومُهجس ومتطرف في الدعوة، لما يفتقده من صفات وملكات)، بل حكومتنا السنية تسجل أعلي نسبة فوائد علي القروض التي تستدينها بسفه، وعمولات للموقعين علي تلك الصفقات المشبوهة، كمن يضمر عدم الوفاء بإلتزامته(كأنهم في سوق بصل، وليس في عالم تحكمه قوانين وشرائع ونظم، ليس بالضرورة أن القائمين عليها فاسدين او يمكن تطويع تلك القوانين وفق الرغبات كما يحدث في الداخل)، بمعني آخر نهب أموال البترول (سيطرة علي الحاضر) من جهة، وتسليم مستقبل البلاد ورقاب أجيالها لمقصلة الديون الخارجية التي لاترحم، وتحوز علي كل الفوائض الإقتصادية أول بأول، وتزداد معدل فوائدها مع عدم الإيفاء(المسحتيل) بالدين في ميعاده، أي الدخول الي حلقة مفرغة او ساقية جحا من تراكم الديون والضياع، وذلك من الجهة المقابلة. وللمزيد عن هذه الحقائق الصارمة والصادمة يمكن الرجوع لنماذج من جبل الجليد الذي يخفي الكثير والمثير الخطر والمحزن! تعرض لها الأساتذة الأجلاء عبدالرحمن الأمين وفتحي الضو والطاهر ساتي وغيرهم، فعند هولاء الراصدين المدققين تجد الخبر اليقين.
والسؤال الأهم، لماذا تنهب حكومة الدولة المسيطرة عليها؟ مع خطورة ذلك علي أستمرار الحكومة نفسها! أعتقد أن تفسير ذلك يعود بشكل أساس، الي أنها حكومة غير شرعية، لأنها أتت عبر إنقلاب، وبمساعدة تنظيم ترتيبه كان الثالث، في آخر إنتخابات رسمية وحقيقية ونزيهة. بمعني أنها لا تملك أغلبية مطلقة في الشارع لتحكم بإسمه! او علي الأقل تحوز علي نوع من الرضا العام، المساعد علي الإستقرار ومفارقة محطة الحكم والسلطة، للإلتفات الي التنمية وخدمة المجتمع. فعدم الشرعية فرض نفسه كإحساس مؤرق لسطة مغتصبة، تسعي للبقاء والإستمرار، وتفقد أهم ما يسمح لها بذلك وهو مرة أخري الشرعية والقبول العام. وبما أن الشرعية يستحيل الحصول عليها عبر الصندوق(ليسوا أغلبية) أو عبر الإنقلاب(هدم لمبدأ الشرعية من الأساس)، فتمت الإستعاضة عن ذلك(غياب الشرعية)، عبر شراء الولاء او الصمت(المناصب والوظائف والإعلام) او الإرهاب(زيادة عدد وإمكانات وسلطات وإمتيازات الأجهزة الأمنية والشرطية والعسكرية)، وذلك ما يحتاج الي صرف هائل، لا يتوافر لنظام غير منتج، لأنه غير شرعي وتاليا غير مستقر! والحل الوحيد المتاح في هذه الحالة، هو نهب الدولة وبيعها، للحصول علي أسرع عائد(كمديون مهدد بالسجن وإشانة سمعته)، يُمكِنْ الحكومة، من الظهور بمظهر القادر إقتصاديا وأمنيا، ولكن من دون تفكير في العواقب! وكل ذلك من أجل منحها بعض الإستقرار الكاذب ومزيد من الإستمرارية و(الكنكشة علي السلطة، أي تحولت السلطة من وسيلة ترقية للمجتمعات، الي نوع من إحراز درجة من الوجاهة والتميز الإجتماعي، بمعني تعويض النقص في الفضائل التي تُكسب الإحترام، بمزيد من السيطرة ومرض الإلتصاق بالسلطة، بوصفها مركز لتسليط الضوء والإهتمام في أي مجتمع، وبصورة أشد في المجتمعات النامية، التي تميل للوجاهة والفصاحة والمظاهر أكثر من ميلها للجوهر والعمل المنتج المفيد!). ولكن نجاح هذا السناريو المطبق يحتاج الي إستعداد بشري وتنظيمي، لضمان نجاحه! وهو الشئ المتوافر في الكادر الإسلاموي، والعناصر الرخوة في المؤسسة العسكرية، ضعيفة التأهيل والمهنية(لأن توافر هذان الشرطان كفيلان بردع أي ميول إنقلابية، لأن الإنقلاب في حقيقته، الحصول علي مكاسب، لا تُمَكِنْ القدرة الذاتية او الشروط الموضوعية المحايدة العادلة، من الحصول عليها بالصورة الطبيعية او المتبعة والمقبولة، في المجتمع المحدد! أي تغول علي حق الآخر الأكثر دراية ومعرفة وإستحقاق.). والمقصود بالإستعداد، الرغبة العارمة في إمتلاك السلطة والتمتع بمباهجها وإمتيازاتها دون مسؤولية تعادل او تبرر ذلك! بوصفهم الأفضل او تلبية لنزعة غرور او عقد، تتحكم في نفسياتهم وتنعكس علي سلوكهم، هذا من ناحية. ومن الناحية المقابلة قابليتهم المطلقة لإستخدام كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة(في الغالب، لأنهم منبع الشرعية حسب إعتقادهم الفاسد)، لإنجاز تلك الأهداف، التي تتلبس لديهم وعي وغايات وطنية ودينية كاذبة، ولكن وجودها حتي ولو لفظيا، وفي تناقض صارخ مع الواقع المنافي لها! يمثل نوع من المادة الممغنطة التي تحميهم من التناثر الي أشلاء متنافرة! بمعني أنها تخلق جسم او هيكل تلتف حوله تلك العناصر الخاوية من المضمون الوطني والقيمي، لأن هشاشتها تمنعها من البقاء او العمل بصورة منفردة، أي بعيدا عن الحماية، حتي ولو حماية متوهمة! ولكن ذلك لم يمنع حدوث إنشطار عمودي بها، وكان الجزء الممسك بقرون السلطة هو الكاسب او الرابح، من هذا الإنقسام المصلحي التسلطي(هل الشعبي دون سلطة، يمثل أي إضافة للعملية السياسية، سواء علي مستوي الطرح السياسي او البناء القيمي، ألا يمثل نكبة وطنية وأخلاقية، دون مراجعة جذرية وإعتذار صريح، عن ماضيه الأسود كشريك أصيل في هذا الإنهيار الشامل)، والمحافظ علي إستمرار كرة اللهب، التي تنذر بحرق كل البلاد، إذا لم يتم تداركها في الوقت المناسب!!
وبما أن عدم الإستقرار حالة ملازمة لعدم الشرعية، لذك فهو مكون أساس من مكونات الدولة الإنقلابية الإنقاذية، بل تخطي الدولة ككيان مرتبك، الي القادة او المجموعة المسيطرة علي الدولة نفسها! وعدم الإستقرار او القلق الذي يصيب هذه المنظمومة ككل، هو ما يدفعها لممارسة النهب والعنف، كأسلحة دفاع عن النفس(سلوك مبرر وشرعي لدي النفس الخائفة المرعوبة المدفوعة بغريزة البقاء والسيطرة)، وأكثر ما يتمظهر هذا المنزع العنفي النهبي، في جيل الشباب و المنضمين حديثا, لهذه المنظومة المتحكمة في البلاد كملك عضوض او ميراث عائلي، لا يعدم من يبني له تاريخ مزيف يؤكد سيطرته! أي الذين لم يتمرغوا في نعيم السلطة والجاه لفترة طويلة(لديهم نهم سلطوي وجوع مالي، يحتاج الي إشباع حتي، يلحِقهُم بالمجاهدين الأوئل من جيل الآباء المؤسسين!)، بما فيهم أبناء المسؤولين، الأكثر تعرض للقلق وعدم الإستقرار، بسبب التناقض الكبير الذي يعيشونه، بين المظهر الملائكي و الإنغماس في الحالة التدينية، اللذان يجداهما داخل المنزل من قبل آبائهم قدوتهم، وبين المسلك الشيطاني الممارس سلطويا خارج المنزل، إضافة الي أنهم لم يشهدوا أيام الإستضعاف، والفاقة السلطوية والمعاناة المادية، وتاليا ليس في مقدورهم إحتمالها! والخلاصة، إن حالة غياب الدولة التي تسيطر علي فضاء الوطن، علي مستوي وجود قوانين عادلة وحاكمة، ومؤسسية محترمة وفاعلة، ومعايير موضوعية ومطبقة بنزاهة في جميع تعاملاتها. بقدر ما يتيح الفرصة لظهور هذه التورمات السرطانية الشاذة، علي جسد الإقتصاد والسياسة والدولة ككل، ونموذجها الواضح حادثة عمار عوض الجاز. فإنه في نفس الوقت، يضاعف من حالة عدم الإستقرار، وتاليا يهيئ البيئة لعمليات النهب والسلب والسمسرة، وبيع الممتلكات العامة في الخفاء، بأبخس الأثمان للمحاسيب في الداخل والخارج! وممارسة أقصي درجات الإرهاب، والإستعداد الدائم لحمل الغنائم و الهروب، تحت أي لحظة حرجة، حقيقية كانت او متوهمة، او إحتمال محاصرة النظام من قبل الشعب، بظهور بوادر هبة جماهيرية! تعجل بذهابه الي مزبلة التاريخ. وبقول آخر، إن حالة عدم الإستقرار(نظام الإنقاذ نموذج)، إضافة الي تحويلها حياة المواطنين الي جحيم لا يُطاق، بسبب العجز عن إدارة دولتهم وحياتهم بصورة جيدة محترمة ومُشرِفة! فهي تنهب خيرات بلادهم كلها وتحولها الي عملات سائلة، وتهاجر بها الي خارج الوطن، حيث الإستقرار الذي يضمن نموها وإزدهارها، لأن رأس المال بطبعه جبان. بمعني أنهم لم يكفهم النهب فقط، ولكن لمزيد من الإزدراء والتعالي و بسبب إنعدام الحس الإنساني، رفضوا إستثمارها في الداخل، أي إستكثروا علي أهل الداخل فوائد إستثماراتها! وفي نفس السياق نردد مع صاحب البصيرة والشفافية الإنسانية الراحل حميد، آهِ يا وطني المُستف في المطارات القصيَّة!!
الخاتمة، هذه الحكومة الهاربة من تحمل مسؤوليات أفعالها وأقوالها، والهاربة من الإيفاء بمستحقات حكمها، من العدالة والتنمية والمحافظة علي حقوق المواطن، والهاربة عن بناء حاضر، يحافظ علي كرامة الإنسان ويضيف معني حقيقي للحياة، والتأسيس لمستقبل يحمل وعد مبشر بالرفاه. قد أصبحت بين نارين، فهي من ناحية لا تملك المعرفة والقدرة والإرادة الفاعلة، لمعالجة معضلاتها الإقتصادية، كأحد إفرازات عجزها الشامل عن ممارسة الحكم الرشيد(فاقد الشئ لا يعطيه). ومن الناحية المقابلة، فقدت الهيبة والشجاعة، التي تُمكِنها من فرض حلول مستحيلة ومستفزة علي الجماهير! بمعني آخر فقدت القدرة علي ترحيل عجزها الي الشعب بكل عنجهية، كما إعتادت في كل مرة! أي عاد الشعب الي قلب المعادلة، بعد أن كان مقصي ومستبعد وخارج المعادلات والإهتمام، طوال تاريخ هذه الحكومة القاصرة. ليصبح رقم اساس، بل صاحب الثقل والإهتمام في تشكيل او صدور اي قرار يخص الدولة/يخصه حتي ولو لم يُشارك او يُستشار في إصداره وإعلانه، وبقول وأضح أصبح يبث الرعب والهلع في قلب الحكومة التي تحتضر. وهذا لوحده يمثل أكبر مكسب للهبة الأخيرة، وأهم خطوة في مشوار الخلاص القادم ، من هذا الكابوس الذي طال وإستطال دون وجه حق. بإذن الله! وهذا تأكيد علي أن البقاء للشعوب وللنظام الأصلح، وأن الزوال والسقوط هو مصير الأنظمة القهرية المستبدة الفاشلة الفاسدة. فمهما تطاولت سلامتها وتحصنت ثغراتها، فهي لا محال علي آلة حدبا محمولة، تُشيعها اللعنات الي مثواها الأخير.
خارج النص
تحدثت الأنباء عن سقوط العشرات من القتلي في مظاهرات مصر الأخيرة، لا بد من التأكيد علي أن دماء الأبرياء خط أحمر(ما زي خط اوباما) وعلي رأسهم النشطاء السياسيين، وأن حق التظاهر السلمي مكفول للجميع، وفق القوانين العادلة وإحترام حقوق الإنسان، وأن الإختلاف مع الإسلامويين بإعتبارههم عبء علي التجارب المجتمعية والحياة السياسية، وبحسب التجارب معهم، فهم أكثر الفصائل غدر بالأمانة السياسية التي تترك في عهدتهم. ولكن كل ذلك لأ يبرر حرمانهم من حقهم في المشاركة السياسية الديمقراطية، إذا ما إلتزموا بشروطها ولم يتعدوا او ينقلبوا عليها، وعلي راس هذه الحقوق حقهم في التظاهر المنضبط، الذي لا يستهدف تعطيل الدولة الشرعية، او تقديم مصالحهم ووجهة نظرهم علي كل إعتبار، بما فيها الدولة وبقية شرائح المجتمع وعبر كل الوسائل. وذلك لأن الإسلامويين في عهدة الديمقراطين، حتي ينضجوا ويؤمنوا بالدولة الديمقراطية المدنية الحديثة، التي تحفظ حقوق كل المواطنين والملل والتكوينات الإجتماعية، علي مبدأ المواطنة وكفي.!
اللهم لم تقوَ شعوبنا وأوطاننا علي تحمل الفقر والإستبداد الأعمي، فلا تكلنا للإستبداد الديني والخروج علي يديه من الحياة والتاريخ، وأمنحنا يا رب نعم الحرية والتنمية والرخاء، ليتعافي حاضرنا، وتنعم أجيالنا القادمة بالأمن والسلام. آمين.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.