الحراك الشبابي في السودان الآن لإنجاحه، مرهون بالإستمرارية وعدم الإنقطاع عن المظاهرات السلمية والعصيان المدني حتى يمكن أن يرهص كل هذا التحدي والصمود الى إشتعال مستصغر الشرر الآخذ في الإنفجار والتنقل بين القرى والحضر، وهنا فقط ينبغي على كل من له صلة إنتماء لهذه الأرض أو إرتباط بهذا الوطن الجريح أن يهب هبة رجل واحد ، كما فعل الجيل السابق في ثورتي أكتوبر وإبريل ، حقاً حالياً الوضع غير الوضع والزمن غير الزمن ، بل أن النظام الحاكم غير مسبوق في بطشه ودمويته ومصادرته للحريات ، فقد فاق في ذلك أشنع عهود التاريخ بشاعة وعسفاً، كما حدث في عهدي النازية والفاشية !!؟.... لكننا الآن إجتزنا خطوط (التابو) ، بكسرنا لحاجز الخوف ، لم يعد يقف في طريق إستكمال ثورة 23 سبتمبر سوى أن نتكتل ونتوحد وتصبح لدينا آليات المبادأة والضلوع في الفعل دون أن نكتفي بردود الأفعال بل لابد أن نمتلك رؤية يقينية وبرنامجاً واضح البنود والمعالم، نحدد من خلالهما كيف يمكن أن يدار السودان عقب إسقاط النظام ؟ دون إقصاء لأحد أو تجاهل لفصيل وهذا بطبيعة الحال يستوجب أن يقود هذه الجموع الهادرة شخصية نبيلة و وطنية ذات كارزما ظاهرة ، يرضى عنها كل أهل السودان بتمايزهم الثقافي وإختلاف ألسنتهم وأعراقهم ودياناتهم ( نصلي بلسان ونغني بلسان ) !!؟... هذا الثراء في التنوع والمغايرة والإختلاف يحتاج الى من يمتلك الوعي الكامل و النظرة الشاملة لقضايا المجتمع السوداني والإدراك العميق لتجاربه السابقة و لطبيعة الأنظمة التي تولت حكمه ، عسكرية كانت أو مدنية طوال هذه العقود !؟.. وكيف كانت تدير هذا التنوع وهذا الثراء، وكيف أدت السبل الملتوية !!؟. بأسم الدين الإسلامي لفصل الجنوب أو على الأصح بتر ثلث الوطن في غياب طبيب التخدير لذلك ظلت جراحه ناذفة وآلامه دائمة ولن يستعيد الوطن عافيته ما لم يحرص الشعب السوداني بأكمله ، و بكل فئاته المنتشرة في جميع مناحيه من الحركة الشعبية قطاع الشمال و تحالف كاودا وقوى التحالف السياسي والشرق والغرب وكلما يمت لهذا الوطن بآصرة دم أو إنتماء وحتى الروابط والتجمعات السياسية خارج الوطن على الحفاظ على كيان الوطن واحداً موحداً ولن يتحقق ذلك إلا إذا توحدت كلمة كل هؤلاء وصاروا ...... يداً واحدة ، تتكور قبضتها وتتوجه صوب مرمى النظام الآيل للسقوط في هذه الحالة فقط سيكون لنا شأن آخر !!؟.... إذن علينا أن ننسى خلافتنا وندرك حقيقة جوهرية لاتقبل الشك ، أننا أبناء الوطن الذي كان قارة ، وكان سلة غذاء العالم ، وكان أبناؤه مضرب المثل في الأمانة والصدق و الإخلاص والأخلاق الحميدة ويكفي الإشارة فقط الى إعلانات الوظائف في دول الخليج التي كانت ُتُختم بجملة (ويُفضل السودانيون) كل هذا بكل أسف أصبح ماضياً ولن نستعيد هذا الماضي القريب وننعم بخيرات السودان إلا إذا عدنا الى جادة الصواب وتنازلنا عن أطماعنا في الحضول على السلطة فقط دون النظر الى كرامة الوطن وعزته وحرية بنيه وإشراكهم كافة في كل صغيرة وكبيرة من خلال التبادل السلمي للسلطة !!؟.... هكذا فقط يمكن أن تنجح ثورة 23 سبتمبر وتستكمل أهدافها لا!!؟... * * * هاهي " بانوراما "ما حدث في دول الربيع العربي ماثلة وظاهرة للعيان ، لا تخطئها العين المجردة ..... لقد تم إختطاف معظم الثورات العربية في دول الربيع العربي وظل البعض يراوح في مكانه والبعض الآخر أدى ....... الصراع بين كتله السياسية الى الإنقسام ، وربما ينتهي الأمر في نهاية المطاف الى التشرذم والإنفصال !!!؟؟..... كل هذا بسبب النهم العارم للسلطة دون الإلتفات الى قداسة الوطن والفناء من أجل حرمة ترابه والفداء بالغالي والنفيس لحماية تخومه أما إذا ظللنا نسعى بهدف الجلوس على سدة الحكم دون غيرها ...... سنكرر حتماً سيناريوهات دول الربيع العربي ، ونظل نتصارع بلا إسناد شعبي سوى وساوس الشيطان ضد بني جلدتنا وقرين الأصل والفصل !!؟.... ومع تعاقب السنوات سيتحول الصراع بيننا من أجل السلطة الى حرب أهلية لا تبقي ولاتذر !!؟... فيصل مصطفى [email protected]