" روضة الضئيلة ومشعة كنجمة ثاقبة ، شجيرة ظليلة وشائكة معاً تبدو في بعض الأحايين عصية وسهلة بذات الأوان !!؟.... هي المبتدأ و" عطا " الخبر !!؟... يظل الأول بلا معنى إذا لم يلحق به الثانى ، فهو الجزء المتمم للفائدة !!؟. بالحزن ، بالفرح ، بالصبر ، بالعجلة ، بالضحك ، بالغضب ، بالتراجع ، بالصمود !!!؟؟...... تحيطه .... تضرب حوله سياجاً تحمي حِماها...... الدرب يبدو طويلاً بلا إنتهاء الهجيريغسلهما عرقاً !!!؟؟...... قال " حكيم " يحرضهما على خوض الغمار ..... - لقد مشيناها خطاً كُتبت علينا بلا ظلال ... أطال " عطا " التحديق في وجه " حكيم " ومضى لا يلوي على شئ في رفقة " روضة " .... كان خطوهما يحدث إيقاعاً يتردد صداه صاخباً بين الصدور..... يتناغم مع دقات قلبيهما ، كالموسيقى الداخلية في الشعر المرسل !!؟... يخلو تماماً من نغمة نشاز ...... يدفع بهما دفعاً صوب ألق الفجر !؟. تستطيل المسافات وتتوعر..... تبدو عتبة الولوج بعيدة وقبض ريح لكنهما لا يكفان عن السير خبباً صوب السهول والودبان والقيعان والسدود والمرتفعات ..... بحثاً عن سرمخبوء !!؟... ربما حلقة مفقودة !!؟.... لعلها كنز مدفون !!؟.... إنها بوصلة خارطة الطريق التي رسمها ثلاثتهم ...... لجمع الأيدي في قبضة واحدة... لتوحيد صدى الصوت في صرخة غاضبة !!؟.... لحمل المحتل المحلي على الجلاء من أرض الوطن. * * * كانت خلاياهم نائمة وقليلة العضوية لعل تلك الجولة حول تضاريس الوطن ، أسفرت عن حصيلة مقدرة.. لم يرفعوا شعاراً!؟.. ما هتفوا!؟.. لم يتحدثوا عن الزمن الجميل ما عرضوا بشاعة الوضع القائم وحيفه وجبروته وعسفه وقماءته !!؟... بل رسموا صورة مشرقة بأدوات مغرقة في المحلية للأيام المقبلة..... كانوا يقيمون حفلات سمر على ضوء القمر !!؟.... أحياناً ينصبون خشبة للمسرح من الأحجار وجذوع الأشجار ومواد بيئية لا تبعد كثيراً من بقايا مازاد عن حاجة الإنسان من عطايا الطبيعة الفقيرة آصلاً !!؟... ويختارون عناصر من أهل القرية ليؤدوا أدواراً مأخوذة من الوسط الثقافي البسيط في مسرحية تصور مشاكلهم الإجتماعية وعلاقتها المركبة برئيس المحلية القابض على أزمة الأمور في القرية بيد من حديد..... لدهشتهم - كان " حكيم " قد لحق بهما - كان الأداء والتفاعل من قبل الممثلين والحضور معاً - رفيع المستوى ، مقارنة بنسبة وعيهم وتردي وضعهم المعيشي المذري قال "حكيم" مبهوراً - هذه كوميدية سوداء ، إنهم يبكون ويضحكون في آن !!؟... علقت " روضة " محبورة - هل نجحنا ؟؟.... - بنسبة فوق المتوسط ، أكثر مما هو متوقع.... لم يغادروا تلك القرية إلا بعد أن كونوا خلايا صغيرة ، غطت كل مناحي المنطقة من الناشطين في العمل العام الذين كانوا يبحثون عن من يوجههم ويحدد لهم هدفاً واضحاً..... * * * في ولاية الجزيرة تخيروا بقعة لاهي بالمدينة ولا هي بالقرية ، تجتمع فيها صفات الإثنين معاً كان المسرح أكثر إعداداً من سابقه ...... والمؤديون من طلاب المدرسة الثانوية. على الأقل لديهم فكرة الى حد ما عن فنيات المسرح !!؟..... أما النص فهذه المرة شبه معد ، وإن كان غير مكتوب !!؟.... قام " عطا " بإنجاز الجزء الأكبر منه وساعده فيما تبقى "حكيم" و"روضة"..... كانت فكرة النص مبنية على إستعادة ثورة إكتوبر الأخضر ، وعلى وجه الخصوص ، ليله المتاريس وكيف صنع طلاب المدارس الثانوية من أجسادهم دروعاً بشرية لمنع دبابات العسكر من العبور فوق جسر النيل الأبيض ، الى مبنى الإذاعة و التليفزيون لإجهاض الثورة في مهدها...... هنا تساءلت " روضة " - هل صمدت الدروع البشرية أمام زحف العسكر ؟؟؟..... ثم أردفت مستكملة سؤالها - أم ولى الطلاب الأدبار ، لحظة إقتراب جنازيرالدبابات من أجسادهم ؟؟؟..... تولى " حكيم " الرد عليها - لأنك وقتها لم يحن مجيئك الى الخرطوم بعد، لصغر سنك وبالتالي غفلت ذاكرتك عن رصد تلك الأيام الغاضبة التي سبقت مظاهرات الطلاب في فرنسا !!!؟؟..... - لكنني لا زلت أذكر جيداً أن عمال مدينة الحديد والنار " عطبرة " أحتشدوا إحتشاداً داخل عربات قطار كامل ، ولما لم يسعهم الحيز المتاح ، إعتلوا أسطحه وعبروا مدينتنا في طريقهم الى الخرطوم لمساندة الثوار في العاصمة المثلثة... تدخل " عطا " متحسراً - أين نحن الآن من ذلك الزمان ؟؟6. " حكيم " مجارياً له - تلك أيام مضت لن نسى ذكراها - هيا نستكمل النص ، الطلاب في إنتطارنا...... قالت " روضة " تستحثهما...... * * * في مساء اليوم التالي ، كان قد تم إعداد كل التفاصيل المطلوبة ، ولم يبق سوى فتح الستارة ، لبدء عرض مسرحية " ليلة المتاريس " كما وقع إختيار " عطا " لهذا العنوان..... كان الطلاب قد قدموا دعوة شاملة لكل أهالي شبه المدينة لمشاهدة أول تجربة لهم في عالم الفن السابع وهم يستعيدون ماضيهم الباذخ والمجيد عبر التاريخ الحديث للوطن..... وفي اللحظة التي أخذ المؤدون يضعون الحجارة الكبيرة وجذوع أشجار اللبخ المتيبسة وهياكل الفلوكات المعطوبة بعرض شارع النيل ، أمام منطقة الأسكلة ، إذ بأورطة من رجال الأمن يدهمون مركز خشبة المسرح ويشتتون جمعهم ، بينما ( حكيم وعطا وروضة ) من خلف الكواليس يحرضون الطلاب على الصمود ، وألا يتركوا فرصة لإختراق صفوفهم من قبل هؤلاء المخدوعون من شرطة فض الشغب في إحداث شرخ وتصدع وتقويض عبر مصدات " متاريسهم " الصلدة و تماسكهم المتين ، وأن يقفوا وقفة رجل واحد أمام وجوههم الصفيقة !!!؟؟...... كما فعل أباؤهم ضد أول حكم عسكري في الوطن !!!؟؟..... فيصل مصطفى [email protected]