من المنتظر ان يسجل وفد من سفراء الدول الاوروبية المعتمدين لدى السودان الاسبوع المقبل زيارة الى الولايات الشرقية لتفقد المشروعات التى ينفذها الاتحاد الاوروبى والتفاكر حول المشروعات المستقبلية التى يعنزم الاتحاد تنفيذها بالولايات الشرقية، ويقدر حجم التمويل الاوروبى لتلك المشروعات بنحو 52 مليون يورو ستوظف بحسب ما افادت مصادر مطلعة فى مجالات الصحة والتعليم فى رفع القدرات وتأهيل المرافق الصحية إضافة الى مشروعات تستهدف خفض نسب سوء التغذية ، وكان الاسبوع الماضى قد شهد انعقاد اجتماع تنسيقى بين سفراء دول الاتحاد الاوروبى ومسؤولى ملف الشرق فى الحكومة الاتحادية ، وقد طلب سفير الاتحاد الأوروبي بالخرطوم توماس يوليشني من الحكومة منح المنظمات الدولية العاملة فى شرق السودان حرية الحركة لتسهيل تنفيذ المشروعات الاوروبية فى الولايات الشرقية بحسب ما ورد بهذه الصحيفة يوم الاربعاء الماضى . وياتى الدعم الاوروبى لشرق السودان فى اطار الالتزام بالتعهدات الاوروبية فى المؤتمر الدولى للمانحين لإعادة نعمير شرق السودان الذى عقد بالكويت فى ديسمبر عام 2010 ، وهو المؤتمر الذى انقذ اتفاقية الشرق من الانهيار بسبب عدم التزام الحكومة بدفع الاموال المرصودة لصندوق اعمار الشرق ، حيث لم تدفع الحكومة حتى الان سوى مائة وواحد مليون دولار من جملة ستمائة مليون دولار مستحقة على مدى خمس سنوات بحسب ما نصت عليه الاتفاقية الموقعة بين الحكومة وجبهة الشرق فى اكتوبر 2006 بالعاصمة الاريترية أسمرا ، وبلغت جملة التعهدات المالية فى مؤتمر الكويت 3,5 مليار دولار تعهدت الحكومة بنصفها ، و ساهمت دولة الكويت فى نجاح المؤتمر باستضافتها للمؤتمر وتقديمها دعما سخيا نحو خمسمائة مليون دولارمنها ستين مليونا مقدمة كمنحه لدعم الخدمات االصحية والتعليم والمياه بالولايات الشرق وبقية المبلغ فى شكل قروض لتنفيذ مشروعات الكهرباء والطرق ، والمفارقة ان صندوق اعمار الشرق يود استثمار 270 مليون دولار من تلك المبالغ فى تنفيذ مشروع صرف صحى بحواضر الولايات الشرقية الثلاث ، كما تعهد بنك جدة الاسلامى بتقديم قرض قدره مائتي مليون دولار لتأهيل المشروعات الزراعية مشاريع طوكر والقاش وحلفا الجديدة والزراعة الالية فى القضارف ، ويتولى صندوق اعمار الشرق الاشراف على تنفيذ المشروعات الممولة من قبل المانحين وهى مشروعات لازالت فى طور الاعداد والدراسة . وكانت الدول الاوروبية رفضت تمويل المشروعات الاستثمارية والخدمية التى عرضت على الدول المشاركة فى مؤتمر الكويت وتمسكت بدعم الجوانب الانسانية ، ويبدو ان التحرك الاوروبى الاخير جاء استجابة للتقارير التى تحدثت عن تردى الاوضاع الانسانية بالاقليم الشرقى بحسب الاحصائيات الرسمية وتقارير المنظمات الدولية التى تتحدث عن ارتفاع نسبة سوء التغذية وزيادة معدلات وفيات الامهات اثناء الولادة ووفاة الاطفال دون سن الخامسة وانتشار السل الرئوى (الدرن) ، ويبدو ان الاتحاد الاوروبى قلق من القيود التى تفرضها الحكومة السودانية على عمل المنظمات فى شرق السودان وهو ما عبر عنه سفير الاتحاد الأوروبي توماس يوليشني بمطالبته الحكومة السودانية بمنح المنظمات حرية الحركة . ولا ادرى لماذا تفرض الحكومة قيودا على عمل المنظمات بالولايات الشرقية مادام ليس لديها ما تقدمه للمواطن فى ظل الظروف الاقتصادية التى تمر بها البلاد ، وهى ولايات لا تشهد نزاعا مسلحا بل تنعم بالامن والسلام والاستقرار بعد توقيع اتفاقية سلام الشرق التى يتطلب تنفيذها تضافر الجهود المحلية والخارجية من اجل ان يتذوق المواطن طعم السلام والتنمية ، كما ان هذه المنظمات لا تاتى حامله معها اسلحة بل مساعدات انسانية لمجتمع اصبح مهددا بالانقراض بسبب انتشار امراض سوء التغذية مثل الدرن بحسب التصريحات التى ادلى بها وزير الدولة بالداخلية بابكر احمد دقنه لهذه الصحيفة مطلع هذا الشهر ، مع ذلك تنتاب السلطات هواجس من عمل المنظمات فى الشرق وسبق للحكومة ان طردت العام الماضى عشرة منظمات اجنية كانت تعمل فى شرق السودان بحجة عدم جدوى المشروعات التى تنفذها تلك المنظمات وارتفاع تكلفتها التشغيلية (بيان مفوضية العون الانسانى – الصحافة 2 يونيو 2012) واذا كان الامر كذلك كان الأولى ان يتم طرد صندوق اعمار الشرق الذى يمثل ملف الثروة باتفاقية الشرق بسبب ارتفاع التكلفة التشغيليه وتضخم الصرف الادارى للصندوق بحسب التقارير الرسمية حيث كشف تقرير المراجع العام حول اداء صندوق اعمار الشرق للعام المالى 2011 والذى صدرفى فبراير الماضى ، فى الصفحة 18 فى الفصل الثالث البند الثانى المصروفات الفقره - ب – كشف عن وجود بند يعرف ببند شراء السلع والخدمات فى ميزانية الصندوق خصصت له وزارة المالية اكثر من ستمائة الف جنيه ولكن ادارة الصندوق بحسب تقرير المراجع تجاوزت فى الصرف على هذا البند الى ثلاث اضعاف نحو ( 1891,773.6) منها ( 167,390.67) جنيه للضيافة ومعلوم ان الضيافة فى المكاتب الحكومية تشمل تقديم الشاى والقهوة والماء (بالكتير) بارد او عصير للضيوف . ولأهل الشرق تجارب مريرة مع ادارة صندوق اعمارالشرق الذى لم تتم الاستفاده منه حتى فى ملف التوظيف داخل هياكل الصندوق خاصة الوحدات التنفيذية لمشروعات المانحين (بيان جبهة الشرق14 فبراير 2013) كما انتقد نواب شرق السودان بالبرلمان القومى صندوق إعمار الشرق، واتهموا الصندوق بتبديد أموال التعمير فى مشاريع وصفوها بالأنصرافية لاتتناسب مع معاناة اهل الشرق واكد النواب ان اموال الصندوق استغلت في انشاء "فنادق خمسة نجوم" في ولايات كسلا وبورتسودان والقضارف (الصحافة 6 يونيو 2013) . وايضا سبق لحكومات الولايات الشرقية ان شكت من ضعف المردود التنموى للصندوق حيث انتقد رئيس المجلس التشريعى بولاية كسلا احمد حامد موسى اداء الصندوق داعيا الى الغائه واتهم ادارة الصندوق اهدار الاموال في مشروعات لم يستفيد منها المواطن (الصحافة 26 فبراير 2013). وكان وزير المالية بولاية القضارف معتصم هارون قد انتقد اداء الصندوق فى مؤتمر صحفى عقده فى فبراير الماضى وقال إن اداء الصندوق في القضارف في 2012 كان صفرا كبيرا وفي عام 2011 لم يتجاوز ال7% ،وقال ان الصندوق لم يلبيِ حاجيات المواطن الاساسية بولايته والمتمثلة في عدد من المشروعات ابرزها تلك المتعلقة بطرق المشاريع الزراعية. كذلك والى ولاية البحر الاحمر قد انتقد اداء الصندوق فى حوار مع الاعلامى الطاهر التوم فى برنامجه الناجح حتى تكتمل الصوره بفضائية النيل الازرق فى ابريل الماضى . لذلك نخشى ان يمد صندوق اعمار الشرق (قرعته) للاتحاد الاوروبى ويستولى على مبلغ ال 52 مليون يورو باعتبارها واحدة من مخرجات مؤتمر الكويت ، و نأمل ان يتمكن الاتحاد الاوروبى انفاق امواله فى مشروعات بعيدا عن صندوق اعمار الشرق، وفق اليه متفق حولها ما بين الاتحاد الاوربى والحكومة المركزية وحكومات الولايات الشرقية ومنظمات المجتمع المدنى. محمد علي اونور [email protected] صحيفة التغيير – الخرطوم