مضى العريف حامدين الى عمق البئر الممتد الى ثمانية عشر مترا ..قبل ان يصل الى القاع في رحلة البحث عن خالد فقد القدرة على التنفس مع انعدام الرؤية..عاد العريف الى زملائه وأصر على معاودة الكر للمرة الثالثة على التوالي بعد ان احكم نفسه بالحبال وردد الشهادة المحمدية ..في هذا الجولة نجح في اصطياد جسد الطفل المفقود..حينما خرج العريف بصيده الى بر الأمان كان الطفل فاقد الوعي تماماً واقرب للموت من الحياة ..حينما صرخ خالد بعد قليل من الإسعافات اتسمت ابتسامة كبيرة على وجه العريف حامدين ًعيسي. تلك الدراما الواقعية انفردت بها صحيفة اليوم التالي قبل ايام..في تقديري يستحق البطل حامدين عيسى ان يكون صورة غلاف للصحيفة في ذاك اليوم.. ومن حقه ان يستضاف عبر قنوات التلفزة الفضائية.ليس أمرا يسيرا ان تمضي الى جوف بئر في عتمة الليل.. كان بإمكان العريف حامدين عيسى ان يعتذر عن المهمة بعد عملية الاستكشاف الاولى التي حسبت ان الطفل ذو الثمانية أعوام لقى حتفه بسبب عدم إصداره لأي إشارات تفيد بغير ذلك.. رغم هذا جازف العريف حامدين وأدى مهمته بنجاح ثم توارى بين الناس. لم تكن تلك المهمة الاولى فقد سبق لرجل شرطة ان انقذ مواطن من الغرق ولم يلتفت الاعلام لهذا الصنيع .. وسبق لسائق شاحنة سوداني ان خاطر بحياته وهو يقود شاحنته المشتعلة ليبعدها عن محطة وقود.. ذات الفعل قام به المواطن سعد زكي في مصر *في العام الماضي ونال تكريما من محافظ سوهاج السيد وضاح الحمزاوي وسارت بالخبر الاسافير. في مصر القريبة نفخ *الاعلام المصري في روح رجلين وصنع منهما بطلين .. الفريق السيسي ضابط طموح وذكي ويمتلك ذخيرة معلومات بحكم عمله كقائد للاستخبارات المصرية.. الجنرال الطموح أوحى للرئيس المنتخب ان كبار العسكر يكيدون له كيدا .. كافاه الرئيس بنجمتين وجعله وزيرا للدفاع .. استغل الرجل حالة الهياج الشعبي واوحي للمصريين ان الرئيس الملتحي يتجه لاخونة الدولة..بعد الانقلاب اصبح الجنرال السيسي بدفع الاعلام بطلا شعبيا انقذ مصر من الوقوع في الفخ وجنبها شرور الانهيار. الرجل الثاني كان الطبيب باسم يوسف اشهر مقدم برنامج في مصر.. الطبيب الجراح لم ينبغ في مجال تخصصه ولكنه افلح في السخرية من الرئيس المنتخب..كان باسم ينتزع ابتسامة من كل المصريين وهو يستفيد من مشهد ينظر الرئيس مرسي لساعته وهو في جلسة حوار مع رئيسة البرازيل ..باسم يسال الرئيس "هي الساعة فيها إيه ياريس"..بعد ان أنهى الرجل مهمته وحاول ان يمارس ذات السخرية من الجنرال السيسي رجل مصر القوي.. *بات حينها في نظر الاعلام مجرد خائن يحاول الإساءة لرموز جيش مصر. لاحظت في السودان ان مواصفات البطل غير عادية .. صعوبة المقاييس قللت من عدد الأبطال في الحياة السودانية .. بعض الساسة مارسوا الشعوذة حتى يرتقوا لمصاف الأبطال ..احد شيوخ الطوائف كان يلج الغابة ليلا وفي جلبابه (بطارية ) يدور بها مثل راقص الباليه .. أنصار الشيخ كانوا يصيحون " سيدي ولع"..ساسة اخرين ادعوا انهم من سلالة الدوحة النبوية حتى يجدوا السمع والطاعة والهبات من جموع الشعب الطيب. انشرح صدري قبل ايام وانا اقرأ مقالا للزميل محمد محمد خير بأخيرة الزميلة السوداني يتحدث ان وجد اسم البطل مكتوبا على خلفية ركشة.. انتظر الأديب (مدخير) *ليكتشف البطل السوداني .. احتفى الكاتب محمد خير حينما وجد ان البطل المقصود لم يكن سوى زميلنا في المهاجر الامريكية مصطفي عبدالعزيز البطل.. ولكن الحقيقة ان البطل المجهول كان هو سائق الركشة الذي اكمل تعليمه الجامعي ومازال حريصا على قراءة ما تحمله الصحف من غث وسمين وثمين. الأهرام اليوم* [email protected]*