في بعض الاحيان افكر ان حال السودان ذي العنوان الفوق ده . لم تتوفر لدول كثيرة فرصة امتلاك والسيطرة علي محصول نقدي مهم مثل الصمغ العربي الذي نمتلك 85% منه . ويمكن ان نفرض اسعارنا بدون ان نبالغ ، حتي لايتجه المشتري لبدائل اخري . ولكن في نفس الوقت يجب ان لانربط انفسنا بمشتري واحد . ومن ابجديات التجارة ، ان لاتسلم عنقك لاي زبون. اليوم عرفت من الراكوبة ان فرنسا تحتكر شراء نصف محصول الصمغ السوداني .وهذا هو تصريح الامين العام السيد عبد القادر عبد الماجد . بالنسبة لي هذا التصريح هو فضيحة كاملة . لقد طالبنا منذ قديم الزمان بأن لا يصدر الصمغ كخام . ويمكن تصنيعه في السودان فالصمغ صمغنا ، والمشتري لايستطيع ان يشترية من استراليا . هذه نعمة من الله لم نستفد منها بل تستفيد فرنسا الغنية . والموضوع ده ماعاوز يضربوا ليه رمل . لكن نحن شعب من العورا . الهشاب ينمو لحاله لايحتاج لترع او طلمبات . فقط بعض الرعاية وشوارع الحريق والطق واللقيط . واللقيط يستمر الي جاغت . وجاغت هي الفترة قبل الخريف . ويصير اللقيط مفتوحا للجميع ، بعد ان كان حكرا علي المزارع او صاحي الحكر . وحتي الصمغ الممطور له سعر وسوق . والبعض كان يقول انهم في جاغت يتحصلوا علي اكثر من المزارع لانهم يعملون بنشاط ويتنقلون ، والمزارع مربوط بمنطقته فقط . ويكتفي بالقليل . والتاجر يتحكم في المنتج ومؤسسة الصمغ العربي.. واكثر هؤلاء من دول الجوار . ونفس الشيء يحدث مع تمر الهبوب . فالتمر الذي تسقطه الريح ملك لمن يلتقطه . وبعض الوافدين كانوا يتحصلون علي نصف شوال في اليوم عند القيام قبل الفجر والمزارع نائم. ونصيبهم قد يفوق نصيب المزارع الذي زرع الفسايل ورعاها . الصمغ ليس هو الهشاب فقط ، بل لصمغ الطلح سوق وان كان ارخص . ولكن الاهتمام به اقل . ويمكن بقليل من الجهد ان يطور حصاد الطلح . واظن ان الطلح هو اكثر شجرة موجودة في السودان ، ولكنها تتعرض للقطع الجائر الدكتور رحمة الله عليه الغالي محمد سليمان الغالي مدير الموسسة الغذائية كان يجأر بالشكوي ، وينتقد تسويق المنتجات السودانية كمواد خام والارتباط بمشتري واحد . الغالي انتقل الي جوار ربه في 2011 . وقد قابلته في آخر ايامه في برلين ، وكان يردد نفس الشكوي . في الثمانينات وايام الجفاف تضاعف سعر الصمغ عدة مرات وبلغ في بعض الاحيان 12 الف دولار . وكان بعض الافارقة يحضر وهو يحمل جوال صمغ في الطائرة يساوي هذا سعر التزكرة. الصمغ علي ظهر كل طابع بريد ولكن في الصين كان البريد يضع نوع من النشاء وفرشة للزق الطوابع . ولكن الصمغ يدخل في صناعة الادوية و المأكولات والحلويات واشياء لا حصر لها . وليس هنالك كوكا كولا او بيبسي بدون الصمغ . ولهاذا اثتثني الصمغ من المقاطعة الامريكية . الشيك زمان عندهم مشروب ذي الكوكا كولا لكن لمن تشتريه من الدكان بيكون شفاف . لازم ترج الزجاجة لانه اللون بيكون مترسب ، المشروب اسمه كوفولا . في الهند الصندل حارسنو بالجيش . انحنا صدرنا الكركدي بي حبوبه للصين . غشيناهم في الوزن . الصين دلوكت بتصدر الانقارا حقتنا مصنعة . وقبل مدة اشتريت كركدي شاي في اكياس وتعبئة جميلة . مكتوب عليه كركدي بالعربي والافرنجي ، ومصنوع في الاردن . الغريب شنو ما كل السودان بتعالج في الاردن . والاردنيين بتعالجوا في اسرائيل واوربا . اثيوبيا بلد البن واسمه كافي او كوفي في كل العالم لانه قبائل الكافا في مقاطعة سدامو في جنوباثيوبيا هم اول من شرب وزرع البن في العالم . ولكن شجيرات البن نقلت الي البرازيل . والبقية قصة معروفة . في اثيوبيا علبة النسكافيه الكبيرة ثمنها نصف دخل المزارع الاثيوبي في شهر . وافريقيا اكبر منتج للكاكاو وليس هنالك مصانع شكولاتة . في سويسرا وبلجيكا في معاهد وكليات للشكولاتة . في مايو 1974 كنت وسيطا لبيع الخروع السوداني لشركة المانية ب 2الف مارك للطن . وفي 1984 عرضت الخروع لنفس الشركة والسعر كان 2الف مارك . وعذرهم ، ان الدولار كان اربعة ماركات وصار ماركين . ولكن السبب الاول هو ان الخروع السوداني كان الاجود في العالم . ولكن في عشرة سنوات صارت النوعية متدنية. ومزارع الخروع كانت تغطي مساحات ضخمة في اعالي النيل . مصر وبعض الدول العربية تستورد السمسم السوداني ويصنعوه ويصدروه لكل العالم حتي السودان.والسودان كان يستورد الزيت من ماليزيا . ونحن قد صدرنا النعاج السودانية وبعد قليل سنستورد الخروف السواكني من السعودية . زمان في السعودية الجزار بيعمل ضنب الخروف السواكني الطويل باروكة بيعلقوا في اي خروف ولمن يكمل اللحم يحول الضنب . خليك من الخروف السودان صدر البروفسيرات . وما عندها مانع يصدروا الباقين ونستورد بنقال فلبينيين . اقتباس من موضوع قديم منشور في الراكوبة في سنة 1977 كنت امثل شركه دنماركيه اسمها كو في اندرسون و ذهبت للسودان لشراء البصل المجفف من المؤسسه الغذائيه و مكاتبهم جنوب حدائق الحيوان . و عندما عرفت ان المدير العام هو الغالي محمد سليمان الغالي جارنا في امدرمان و صديق اهلي الكبار و يعرفوه تحببا بي ود ام الغالي لان امه في الحي معروفه بي ام الغالي . و كانت اخر مره نتقابل فيها في يوم السبت 10/9/1970 في شارع تحت ظلال الزيزفون في برلين الشرقيه بصحبة ابراهيم مجذوب مالك و الدكتور سهل خالد موسي . طلبت من الغالي ان يبيعنا كل محصول البصل من مصنع اروما ، فرفض قائلا انه لا يريد ان يربط نفسه بمشتري واحد او بلد واحد . و هذه مشكلة الصمغ العربي و الحبوب الزيتيه و القطن قديما . لان المشتري الوحيد يتحكم فيهم . و ان نائبه قد وقع عقدا مع الشركه الهولنديه فاندورن و هي جزء من مجموعة البض و كان يبيعهم الستمائه طن و هي انتاج السودان الكامل. و لهذا منع الغالي دخول اي ورقه لنائبه لمدة سنه كامله . و ان الانتاج في تلك السنه كان اربعمائه طن فقط و يمكن ان يبيعني مائه طن اذا اعطيته سعرا جيدا حتي يضطر الهولنديين لرفع اسعارهم . في العاده يدفعون للمشتري اثنين في المائه من قيمة العقد كتخفيض . فاقترحت عليه ان يبيعني كل الكميه و انا متنازل عن الاثنين في المائه زائدا نصف مارك عن كل كيلو . و عندما رددت الامر عدة مرات سألني الغالي ( قصدك شنو ؟ ) . و عندما لمحت انه يمكن ان يتصرف فيها كما يشاء . انتصب واقفا بقامته الطويله قائلا ( انا مافي راجل ابن راجل بقول لي الكلام ده ، انا بفكر في صالح البلد . انت ليه ما تفكر في صالح بلدك يا شوقي. الهولنديين ديل بسرقونا ، بشتروا الكيلو بي اتنين و نص مارك . خواجاتك ديل بكون مدينك حد اعلي . انت وريني عشان البلد تستفيد .) و امام رجل يرفض 200 الف مارك لم يكن امامي الا ان اشعر بالخجل و وضحت له ان السعر هو تلاته مارك و خمسه و سبعين في المائه . و بعد توقيع العقد قال لي الغالي بان المدير الهولندي لم يصدق الي ان اراه الغالي خطاب الاعتماد و صار يزرع المكتب جيئه و ذهابا و يتحث بالالمانيه مع الغالي التي كان يرفض التحدث بها في العاده لان الهولنديين يكرهون الالمان عادة . لم اقابل الغالي منذ السبعينات و هنالك من يظن ان الغالي بليد لان تلك الفلوس كانت وقتها تكفي لشراء عدة منازل فاخره . و لكن الغالي عاش كرجل شريف و سيموت كرجل اشرف . و بعدها صرت انا افكر في البلد و مصلحة السودان . ع . س . شوقي [email protected]