من الأخبار المفرحة القليلة التي تتناولها وسائط الإعلام من حين لآخر، ما رشح بالأمس عن إستعادة السودان لمنطقة الفشقة الحدودية بولاية القضارف، والتي تبلغ مساحتها 44 كيلو مترًا مربعاً، والمتنازع عليها بين السودان وأثيوبيا، وظلت محتلة منذ أكثر من عشرين عاماً بواسطة أثيوبيا، فقد توصلت إجتماعات اللجنة المشتركة السودانية الإثيوبية، إلى إتفاق يتم بمقتضاه إعادة المنطقة ويتوقع أن تبدأ أعمال ترسيم الحدود بين البلدين في القريب العاجل، من خلال إيفاد خبراء إلى المنطقة، مع تقدم ملحوظ في الاجتماعات بتحديد مواقع وعلامات ترسيم الحدود، كما يتوقع أن تبدأ أعمال خبراء الحدود من الجانبين السوداني والإثيوبي قبيل نهاية العام الجاري. مساحة منطقة" الفشقة" التي تقع في ولاية القضارف تبلغ نحو 250 كيلو مترًا مربعاً، ويشقها نهر"باسلام" إلى جانب نهري" ستيت وعطبرة"، كما يوجد بها أراضي زراعية خصبة تصل مساحتها إلى 600 ألف فدان، وظلت محتلة ويقوم مزارعون أثيوبيين بزراعتها والإستفادة منها خاصة وأن المنطقة تقع في حزام الرى المطرى التي لا تحتاج الى تكاليف إنتاج كبيرة. أن تأتي متاخرا خيرٌ من الا تأتي، فقضية الفشقة ظلت مصدر إزعاج وتوتر في كل موسم حصاد، اذ لا يخلو موسم من مناوشات وإشتباكات بين مزارعين سودانيون وآخرين أثيوبين، بسبب عدم وضوح الحدود بين البلدين وزعم كل فريق باحقيته للأرض ولذا فانه من الخير أن تحل هذه القضية وإن كان حلها قد تأخر كثيراً. يبدو إن زيارة رئيس وزراء إثيوبيا ديسالين وتشريفه مع رئيس الجمهورية المشير البشير قبل أيام إحتفالية إفتتاح شبكة الربط الكهربائي بين البلدين قد سرّعت كثيراً خطوات اللجنة المشتركة التي ظلت تنقعد وتنفض لسنوات دون أن تصل إلى نتيجة بشأن القضية إذ أن اللجنة أعلنت قبل إنقضاء أُسبوعين عن توصلها للاتفاق حول تبعية المنطقة للسودان، وهذا أمر يؤكد أن اللجان التي كانت تتفاوض لم تكن تمتلك الإرادة الحقيقية أو أنها كانت تنتظر الزخم الرئاسي من الدولتين. بين السودان وأثيوبيا الكثير من الروابط والوشائج والواقع يؤكد التداخل الكبير بين الشعبين، وبالطبع فإن إستعادة الفشقة سينعكس إيجابا على العلاقة بين الشعبين الذين يتقاسمان حتى لقمة العيش سواء في الخرطوم أو في أديس أبابا... وبالتالى فان عودة الفشقة عودة مؤكدة للاستقرار على الحدود بين البلدين. وبخلاف الفشقة هناك أيضاً مثلث حلايب الذي يحتله الجيش المصري والذي يمثل جزءاً من محلية حلايب أقصي شمال البحر الأحمر وتبلغ مساحة الجزء المحتل حوالى 300 كيلو متر. لا يوجد بها مواطنون مصريون فقط بها الجيش والشرطة المصرية بالإضافة إلى الأطباء والمعلمون المصريون، ويوجد مواطنون سودانيون، بدأت السلطات المصرية في ترغيبهم للإنضمام إلى مصر، يقومون بتوزيع المواد التموينية ويقدمون لهم عدداً من الخدمات. ورغم إن قضية حلايب تطاول أمدها الا أن الحكومة عليها أن تتعامل مع القضية كحق أصيل لا تكفي معه شكوى أُودعت مطلع تسعينات القرن الماضي منضدة مجلس الأمن، فكما جائت الفشقة الى حضن السودان عبر التفاوض، يجب أن تعود حلايب ايضاً. [email protected]