وفق ما حدث ويحدث في السودان الشمالي تتواصل فصوله بدولة جنوب السودان،التغيير الذي أجراه الرئيس عمر البشير والذي يبدو في ظاهره شبه غير مؤسسي وأطاح بكبار القادة وقدامى المحاربين في خطوة مذهلة،كان قد سبقه نظيره سلفاكير بذات الخطوة،تشكيل حكومة جديدة استبعدت قيادات الحركة الشعبية ورفقاء الدرب عقب اتهامات بالفساد أدى إلى إقالات شبه جماعية،حتى أن كثيرون ذهبوا إلى أن حكومة سلفاكير الجديدة أكثر تعاطفاً مع حكومة الخرطوم،لدرجة أن بعض التحليلات أشارت لتدخل الخرطوم في تغييرات جوبا،لكن الواضح أن ما تم هنا وهناك هو خطوة كبيرة تم الاتفاق عليها. لم يستوعب كثيرون أن ما حدث في جوبا قبل يومين هو محاولة انقلابية حقيقية،وإنما ردة فعل زائدة من الرئيس سلفاكير نتيجة شكوك وظنون وشعور بالمؤامرة ليس إلا،كما أنها خطوات استباقية تمنح سلفاكير كامل الشرعية للضرب بيد من حديد على المجموعة المُقالة ذات الصوت العالي والتي تعتبر مهدد حقيقي بالنسبة له،النائب السابق والمتهم بتدبير الانقلاب رياك مشار في أول حديث له،قال إن ما حدث هو سوء فهم بين أفراد الحرس الرئاسي ونفى عن نفسه التهمة جملةً،الرئيس سلفاكير لم يتقدم بأي دلائل قاطعة،وكما حدث في السودان مع مجموعة صلاح قوش واتهامهم بتدبير محاولة انقلابية،ولم تُقدم أدلة قاطعة لإثبات ذلك،اعتقال واعتقال،خلص في نهاية الأمر إلى إعفاءات رئاسية،ولم تتم حتى محاكمة،لكنها كانت المقدمة الكبرى للإطاحة برؤوس كبيرة داخل النظام محسوب عليها رئيس المخابرات السابق قوش،والوضع الآن في الدولتين يسير في اتجاه واحد ربما لصالح القبضة القابضة التي سيأتي ما بعدها. مؤكد أن العلاقات بين الدولتين دخلت مدخل صدق خلال الشهور الأخيرة وبوتيرة متسارعة هدأت الأوضاع الحدودية،تراجعت الروح الاتهامية بين الجانبين،وسارت الثقة في اتجاه النمو السريع،ومع استمرار ما يحدث من ترتيبات داخل الحزب الحاكم بالسودان والتغيير الذي يجري بجنوب السودان والذي يقوده الرئيس سلفاكير،تجد العلاقات بين الدولتين تسير في اتجاه الهدوء والاستقرار أكثر مما كانت عليه قبل ذلك،معلوم أن هنا وهناك أصوات لا تريد علاقات مستقرة،وإن كانت لا تريد حرباً علنية،لكنها في كل الأحوال أعلنت مواقفها ضد الدولة الأخرى إن كان بالشمال أو الجنوب،أو هكذا ثبتت مواقفها بحسابات المصالح التي تشترط استمرار توتر العلاقات،الجبهة الثورية ليست بعيدة عن المشهد الحالي بأي حال من الأحوال ولو اختلفنا في أين يكون موقعها مما يحدث،هل تتقدم أم العكس،مع العلم أن هناك تيار عريض بدولة جنوب السودان لم ولن يتخلى عن علاقته مع الجبهة،الآن كل هذه الأصوات التي تُصنف على أنها معرقلة للعملية السلمية بين الدولتين هي في الواقع خارج دائرة القرار،أو قل نفوذها في صناعة القرار بالنسبة للسودان الشمالي،وما سيرسى عليه الرئيسان البشير وسلفاكير هو ما سيحدد،على الأقل المستقبل القريب. = الجريدة [email protected]