هى فتاة محظوظة بكل ما تحمل الكلمة من معنى الفوز بسعادة الدنيا ، لانها ببساطة لم تكن شيئاً مذكورا ناهيك عن كونها مجرد نكرة تشغل حيز مادى يملى الفراغ المهنى فى بلاط ملكة صاحبة الجلالة ، يقال والله اعلم ، انها ولدت وفى فمها ملعقة من غبار ذهب الاعلام ، لذلك مبكراً فى سن الخمسين خاضت تجربة العمل كمذيعة ثانوية فى اذاعة امدرمان ، لكن للاسف خانتها الموهبة ! وحققت نسبة فشل حيرت افكار كبير المذيعين الذى كان يستوعب المذيعات للعمل فى الاذاعة تحت شعار ( التنازلات لزوم المذيعات ) فطردها من العمل كما تطرد البقرة الغريبة من القطيع ، فمشت مكبة على وجهها تلعن الظروف وتسب المعايير المهنية التى جعلتها مجرد مذيعة بالمعاش تقاعدت مبكراً بعد ان خدمة عامين بالتمام والكمال فى الاذاعة السودانية ، بعدها تقطعت بها السبل فلا زواج يخرس الالسن ولا عمل يكفيها مؤنة الزواج ! حتى اذن الفجر الذى شق الليالى ، وتخلقت قناة النيلين الرياضية وخرجت للدنيا كالمسخ المشوه ، فكانت المفاجأة كونها مذيعة نشرة الاخبار الرياضية بالقناة ، فسبحان الذى يحي العظام وهى رميم ، لقد اعتقد الجميع انها ماتت مهنياً وشبعت موت ! وما كاد الجميع يفوق من الصدمة حتى تضاعفت جراحهم واتسعت حدة دهشتهم عندما اكتشفوها بين عشية وضحاها وقد صارت كاتية صحفية وصاحبت عمود يومى يحمل عنوان رنان يجزب كل من يقف على خط التماس الثقافى ان يبصق عليه بصقة الصباح الكريهة الرائحة ليزداد نتانة حتى لا تفكر بائعات الذلابية تغليف بضاعتهنّ بصفحة هذا العمود الذى لو كان ينطق لاشتكى الى الله رئيس تحرير هذه الصحيفة الذى يترك كل من هب ودب يبرطع وينطط فى المواضيع لكأنما تربطها علاقة وطيدة بمشاكل وهموم المجتمع .. فهى انسانة من طراز نادر وفى احسن الاحوال لا اقول مصابة بمرض انفصام الشخصية ولكن تعانى من داء تأخر دورة العقل وهو مرض عضال لا شفاء البتة منه ، ومهما تعاطفت السلطة معها ومنحتها لقب الطبال وقلدتها وسام افضل مفغل نافع يخدم الاجندة الاعلامية للنظام ، تظل هى ذات الاعلامية الفاشلة التى تعتمد على شهادة الماء والخضرة والوجه الحسُن ، لانها لا تمتلك مثل صوت البلبل اذا ما اعتبرناها جدلاً مذيعة ، ولا تجيد صناعة العبارات والجمل المنمقة التى تشعرنا بمقامها الصحفى ، اذاً انها اقل مكانة وادنى الا يعول على اخطاءها الناس ، انها باختصار تريد الحياة ، فدعوها انها مأمورة بارادة ( الرغيف ) ومجبورة ان تخيب اعتقاد هند بنت ابي سفيان التى قالت : ( تموت الحرة ولا تأكل بثديها ) . [email protected]