نبأ الصراع المحتدم بشدة بين وزير البيئة حسن هلال وهيئة المواصفات والمقاييس، وحماية المستهلك بسبب دخول أغذية مسرطنة (فول الصويا) المحورة وراثياً إلى السودان لاستخدامها في تحضير بعض المأكولات في المطاعم يكشف بجلاء أن الحرب التي تمور بعنفٍ في أكثر من (50%) من مساحة السودان ليست العدو الوحيد بل هناك أعداء يقذفون سمومهم كما الكوبرا بين المواطنين في المدن التي نعتبرها آمنة لتصبح متكأً للمهاجرين من مناطق النزاع والبيئات الفقيرة إلى مدنٍ تخفف وطأة المعاناة؛ إلا أنهم يجدون حروباً من نوع آخر لا تسمع لها دوي مدافع وضرب طائرات، ولكن تسمع أنين الضحايا في مستشفى الذرة؛ حيث جرعة العلاج تصبح بعيدة المنال لبعض المرضى. مجرد الحديث عن أن وزير البيئة تدخل لحماية هذه الصفقة التجارية الخاسرة إنسانياً أمر يتطلب وقفةً جادة لمواجهة العداء الحكومي للإنسان السوداني الذي استُبيح قتله بدخول المواد المسرطنة عبر المواد الغذائية بما فيها القطن المحور وراثياً وثبتت خطورته في بذوره التي أدت إلى نفوق أعداد كبيرة من الماشية وفقاً لما صرح به الطبيب البيطري خالد المقبول.. إذاً توسيع دائرة الفساد مستمرٌ بلا حياء والشاهد أن وزير البيئة شمر ساعده لحماية المواد المسرطنة والسماح بدخولها إذاً الشعب السوداني بصدد مواجهة حرب تهدد وجوده بصمت في ظل أزمة الضمير التي جعلت وزيراً يسمح بتقيل شعبه بدس السم في الدسم. المعركة الشرسة بين مؤسسات الدولة حول (فول الصويا) وظهور معسكرين أحدهما ضد الإنسانية (وزير البيئة) وآخر تمسك بأخلاقه من أجل حماية الإنسانية (هيئة المواصفات والمقاييس) تعكس مدى الاستهتار بسلامة المواطن ووضعه بين سندان الحروب ومطرقة المواد المسرطنة أي أن آلة الحرب ليست وحدها تحصد أرواح المواطنين في الهامش بل هناك حرب أخرى خطرة مدمرة وشرسة وتكمن خطورتها في أنها باردة ترتكب جرائم الحرب والإبادة دون أن تدون المنظمات الأممية أسماء مجرمي هذه الحرب (المواد الغذائية المسرطنة) هل روح المواطن رخصية إلى هذه الدرجة؟ ولماذ ينتزع بعض المسؤولين الحق في الحياة هل ضاعت كل القيم الأخلاقية حتى نستسهل قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وما هي المصلحة التي يخرج بها الوزير في مهمة الدفاع عن صفقة (فول الصويا) وما هي الجهة التي ستدخل هذه الصفقة؟ وما هي صلة الوزير بالمستثمر؟ إذا كان هناك مستثمر وطني أو أجنبي يريد أن يستثمر في أرواح الشعب ينبغي على رئاسة الجمهورية التي أعلنت انتهاء سياسة التمكين وعهد (أولاد المصارين البُيض) مواجهة هذه القضية وحسم أمرها بقرار ينهي مأساة المواد الغذائية المسرطنة وإجراء تحقيق يكشف العصابات التي تقتل المواطن بهدوء مقابل ترقيها المادي. الجريدة [email protected]