بوركهارت الرحالة يحكي كيف أنه خلال تجواله في السودان أضطر إلى أن (يدفع!!) بين كل خطوة والثانية كيما (يتخارج) ويواصل مسيره.. * فمرة يدفع كيلات من الذرة، ومرة ريالات نمساوية، ومرة شيئاً من البارود، ومرة بعض كسواته الخاصة بما فيها (الزعبوط).. * وفي مرة- يقول بوركهارت- أنه ضحى ب(غدارته) الخاصة لأن (همَّباتي الأتوات!!) كان من العيار الثقيل الذي لا (تملأ عينه) حفنات ذرة ولا قمح ولا حتى (دقيق فينو).. * وبعد أن بلغ (مستقره)- بور كهارت- كان (أباطه والنجم!!).. * وبلدياتنا (مهمد)- من نلوة عبري- حاله الآن ليس بأفضل مما كان عليه حال بور كهارت هذا في الربع الأول من القرن التاسع عشر.. * الفرق فقط في أن (جابِّي) زماننا هذا- ولم نقل (همباتة)- يُقنِّون مفردة (هات!!) بمحسنات بديعية عوضاً عن رميها بجلافة في وجه (الضحية) كما كان يفعل مجردو بور كهارت حتى من (زعبوطه).. * فما أن تحرك (مهمد) ببضاعته (البطاطسية) من عبري حتى قيل له: (هات بتاع الضرائب 390 وما تنساش الدمغة).. * فدفعها؛ وقبل أن يستقر (جزلانه) في جيبه جيداً ظهر له (آخرون!!) وقالوا: (هات بتاع الرسوم الإدارية 391 بدمغتها).. * ثم ما أن تحرك حتى فوجيء بآخرين (يقنصون!!) له صائحين:(هات بتاع الزكاة 390 زائداً جنيه الدمغة).. * وقبل أن ينتهي (مهمد)- وبطاطسه- من إكمال التساؤل المشروع عن (إيه حكاية ال391 دي؟!!) اصطدموا بمن يصرخ في وجوههم: (هاتوا بتاع التفتيش 52 وجنيه الدمغة عشان نديكم الشهادة).. * فرد إبن عبري في سره (الشهادة والعمل الصالح!!) وهو يتوكل على الحي الذي لا يموت ويواصل سيره.. * وتفادياً للتكرار نتجاوز (جابين) كثراً ذوي شبه بالذين سلفت الإشارة إليهم ونصل إلى (ألذَّ!!) واحد فيهم أجمعين.. * أو بالأحرى، (ألذّ أتاوة!!) من بين الأتوات التي (اعترضت) طريق صاحب البطاطس المسكين.. * ويصح أن نقول كذلك (البطاطس المسكينة) بما انها (اتبهدلت تطاقشاً) من كثرة الوقوف المفاجيء بين كل خطوة وأخرى.. * إنها (أتاوة)- آسف- رسوم (جودة!!) قيمتها خمسين جنيها دون أن يُنسى جنيه الدمغة (بالطبع).. * (جودة) على (إيه)؟! ونظير (إيه)؟! وبسبب (إيه)؟! لا أحد يجيب.. * فالمهم أن يدفع و(خلاص) كما كان يدفع- (من سكات)- أخٌ له من قبل اسمه بوركهارت.. * فكل (أتاوة) من الأتاوات هذه- حسب محمد- زادت بأكثر من نسبة (100%) تحت ذريعة (رفع الدعم عن المحروقات!!).. * وأكثر ما يحيره- بخلاف حكاية ال(جودة) هذه- هو عبقرية (ناس الزكاة) في معرفة قيمة البضاعة قبل بيعها.. * وأحمد ربنا يا (مهمد)- على أية حال- أنهم (ما خلعوش منك الزعبوط!!!!!!!).