بسم الله الرحمن الرحيم الرد على " إسبوع الإلحاد والرِّدة" جاء في صحيفة السوداني تحت عنوان "أسبوع الإلحاد والردة" لكاتب المقال بابكر فيصل، العدد (2875) ليوم الخميس 26/12/2013م الموافق 23صفر 1435ه. تحدث الكاتب بابكر عن فتاة الحاج يوسف التي تنصرت، وعن ما قاله عصام البشير في خطبة الجمعة محذراً من ظهور مجموعة (سودانيون لا دينيون). واستدل الكاتب بعدة أشخاص منهم أبوبكر الرازي وابن الراوندي والشاعر العراقي جميل صدقي الزهاوي وصاحب كتاب (لماذا أنا ملحد) اسماعيل أدهم وغيرهم؛ ويرى الكاتب أن الخطر الحقيقي يأتي ممَّن يتلبسون رداء الديَّن ويتخذونه مطيَّة لتحقيق مآربهم الدنيوية الفاسدة، ويرى أن الخطاب الإسلامي السائد لا يتناسبُ مع طبيعة المعارف والتحديات العصريَّة بل هو خطاب خارج التاريخ، ينشدُ كل الحلول لمشاكل الحاضر و المستقبل في الماضي، وهو خطابٌ قطعىٌ مُتعصِّب لا يقبل بالآخر المُختلف، ويُجافي القضايا الجوهرية في الدين ومقاصده الكبرى وفي مقدمتها قضيَّة "الحُريَّة" ويكتفي بالشكليات المظهرية في طريقة الكلام والملبس وأداء الشعائر. ويقول: (إنَّ القائمين على أمر الخطاب الديني من أئمة ودعاة ووعَّاظ يمثلون أكبر كارثة على الإسلام, فهم يقولون ما لا يفعلون, يُظاهرون الحكام المُستبدين, و يبرعون في إصدار الفتاوى الإنصرافية, و هم كذلك معزولون عن أحوال العصر الذي نعيش فيه, وقلَّما تجدُ منهم من يُجيد التحدث بلغة أجنبيّة كي يواكب التطورات المتسارعة في العلوم والتقنية والإتصال). انتهى أقولُ مستعيناً بالله ... لعلك فهمت فهماً مغلوطاً لمراد عصام البشير في الاستدلال الذي استند عليه بإطلاق مبادرة للحوار، وهذا لايتعارض مع تطبيق النصوص القطعية الدلالة فيما يخص حكم الردة، فالحوار الذي تحدث عنه عصام أخذه من كتاب الله عزّ وجلّ وذلك في قوله تعالى: (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ) والمخاطبة هنا لفرعون، فما بالك بمن هم دونه..!!. وأقول لك أن الدين الاسلامي لا يُبنى على الآراء والأهواء، وإنما على النصوص المحكمة والتشريع الرباني، لذلك حتى نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ينتظر حكم الله في كل أمر بل أحياناً يُعاتب في أمر فعله تشريعاً لنا نحن أمة الإسلام، وذلك تجده في قول الله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ۖ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ). فمرد كل قول الى كتاب الله وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم اذا تطابق معهما فيؤخذ وإلا فيُترك، (كُلُّ أَحَدٍ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيَرُدُّ إِلَّا صَاحِبَ هَذَا الْقَبْرِ) كما قال الامام مالك رحمه الله. وظهور جماعة شاذة في معتقدها أو سلوكها وتنصُّر شاب أو شابة لا ينقص من دين الاسلام شيئاً، فالاسلام دين قويم مستقيم لا يتعرج بتعرج البشر، فالبشر يُدانون بما يفعلون، وهذه الإمور ليست بالأمر الجديد على مر التاريخ فقد إدعى مُسيلمة النبوة وهؤلاء يعبدون الاصنام وأُخرُ يعبدون الشمس والقمر وهؤلاء يعبدون النار، ووقتها لم يكتمل الدين الى أن نزلت الآية (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)، عندها قال الصديق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم (مابعد التمام إلا النقصان) وصدق الصديق فالنقصان نراه يوماً بعد يوم من بني جلدتنا ويتحدثون لغتنا ويصلون معنا ويقرأون كتابنا..!!. فيطلع علينا هذا ويقول أن الأصل في أمر (الرِّدة) هو أن الاسلام دين الحرية والعدل لا يُعاقب من يخرج عنه في الدنيا، بل يترك حسابه لرب العالمين يوم الموقف العظيم. وأقول لك رحمك الله اذا كان الامر كذلك لما وصل الينا الاسلام نتفيء ظلاله لا نقص فيه ولا لبس، إلا اذا كنت تقصد أن الاصل لمن لم يكن مسلماً أن يعتنق ما يشاء (لا إكراه في الدين) أما مجرد ما تلفظ الانسان بالشهادتين "لا إله إلا الله محمد رسول الله" فأصبح مسلماً له ما على المسلمين وعليه ماعليهم، لا يحق له أن يخرج من الاسلام . واذا فعل يُستتاب فإن لم يرجع يُقام عليه الحد شرعاً وقانوناً كما في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من بدل دينه فاقتلوه)، والنصوص في هذا الباب كثيرة ومعلومة. ولنا هنا في السودان قصة يذكرها الكبير والصغير لأحدهم أراد لنفسه الهلكة وهو الزنديق محمود محمد طه الذي من أقواله (...أن الصلاة الشرعية فرض له وقت ينتهي فيه وذلك حين يرتفع السالك إلى مرتبة الأصالة ويخاطب بالإستقلال عن التقليد ويتهيأ ليأخذ صلاته الفردية من ربه بلا واسطة تأسياً بالمعصوم). وقال: أن الصلاة رفعت عني وقال : (سبحاني ما أعظم شأني) وقال ما لا يسع المجال لذكره؛ ولكن الله سخّر له عبداً من عباده وهو جعفر النميري الذي قطع أوصال الجمهوريين وإقتلعهم ولم يترك لهم فرصة ليعبثوا وفسدوا، فكان حكم الإعدام عليه حفاظاً لهذه الأمة، رحم الله النميري وجزاه عنا وعن الاسلام كل خير. وأما عن قولك : (قد منح الإسلامُ البشر حُريَّة الإيمان أو الكفر به على أن يتحملوا نتائج خيارهم في الآخرة وليس في الدنيا ( وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا) أقول أن قولك هذا من مُخيلتك وأن الاستدلال بالآية في غير محله، فالآية تتحدث من أولها عن المؤلفة قلوبهم الذين كانوا يجلسون مع النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر الله النبي الكريم بأن يصبر معهم (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)) كما ورد في تفسير القرطبي: (جاءت المؤلفة قلوبهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : عيينة بن حصن والأقرع بن حابس فقالوا : يا رسول الله ; إنك لو جلست في صدر المجلس ونحّيت عنا هؤلاء وأرواح جبابهم - يعنون سلمان وأبا ذر وفقراء المسلمين ، وكانت عليهم جباب الصوف لم يكن عليهم غيرها - جلسنا إليك وحادثناك وأخذنا عنك ، فأنزل الله - تعالى - : واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه - حتى بلغ - إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها . يتهددهم بالنار . فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - يلتمسهم حتى إذا أصابهم في مؤخر المسجد يذكرون الله قال : الحمد لله الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع رجال من أمتي ، معكم المحيا ومعكم الممات. انتهى التفسير. ويمكنك أن ترجع الى التفاسير ليتضح لك الأمر. ولا تعليق لدي على أوردته على أن محمد حسان يركب همر أو طائرة فهذا لا يعني الامة في شيء... (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم) ... والله من وراء القصد.... أحمد أبوعائشة [email protected]