على طريقة المضحك المبكي،أو التراجوكوميديا، إختلطت مشاعرنا نحن أهل السودان خلال مظاهر الفرح التي أبداها أخوتنا الجنوبيون وهم يحتلفون بالإنفصال، أو الاستقلال كما ظل المتشددون منهم يرددون، في عام 2011. فحالة التراجيدا جاءت تعبيراً عن حزنناَ على انفصال الجنوب والكوميديا، أو الفرح، كانت عند تأملنا في ما أبداه الجنوبيين من مظاهر السرور وتحريك اليد في إشارة لوداع الخرطوم وقلنا فلنفرح لفرحهم إذا كان الأمر فيه الفرح لهم. فأختلطت المشاعر لدى الغلبة الغالبة من أهل السودان بطريقة غريبة وأصبحوا في حالة تشبه ما تكون بحالة الممثل الذي ينتقل أداءه بين البكاء والضحك في نفس اللحظة وبصورة هستيرية. وبدورهم لم يبدي الجنوبيون، أو الكثير منهم على الأقل، حينها أي ميل للتصديق بأننا كشماليين كنا نمر بحالة التراجوكوميديا هذه، ولعل السبب وراء ذلك إبداء البعض منا مشاعر واضحة في اتجاه الفرح بالإنفصال وذبحوا لذلك الثيران، ولكنها تبقى قلة قليلة ومعزولة تُسأل هي عن ما فعلت. واليوم نستطيع القول إننا كمواطنيين لدولة السودان، وفي حالة نادرة لم نعهد مثلها كثيراً لفترة طويلة عندما يتلعق الامر بالسياسة، توحدت لدينا المشاعر حيال ما يحدث في دولة جنوب السودان، ألا وهي الحزن ولا شيء غير الحزن، ولكن من يقنع حماد؟ من يقنع الجنوبيون أننا فعلاً نشعر بالحزن تجاه ما يحدث في بلادهم الآن، وأختفت من ملامحنا كل مظاهر الكوميديا وبقيت التراجيديا بظلالها القاتمة في هذه اللحظة؟ من؟ ومن الملاحظ أنه لم يفتح الله ولو بكلمة بسيطة على أي واحد من الذين كانوا يقودون دفة التشدد من الجنوبيين تجاه الشمال و"الجلابة" عن الموقف الذي أبداه الشماليون اليوم، وهذا ليس إمتناناً منا عليهم، ولكنها الحقيقية التي جعلت حتى أمريكا تقول في حق حوكمتنا كلمة لم نسمع بمثلها أو حتى ما يقاربها طيلة ربع القرن الماضي، إلا إذا استثنيا أحاديث المبعوثين الأمريكين للسودان السابقين الشبيهه بتصريحات لاعبي كرة القدم الذين يجلسون على مقاعد التقاعد، ومثلما ينشد صلاح بن البادية "فات الأوان"، فهي لا تسمن لاتغني من جوع. الصادق عبدالسلام [email protected]