حينما تفشل حكومة على مدى ربع قرن من الحروب المشتعلة في شتى أطراف البلاد ..في حل تلك الأزمات الدامية حرباً او سلماً وبغض النظر عن قوة أو ضعف خصوم تلك الحكومة في ميادين معاركها المتعددة فإن ذلك دون جدال يعكس ضعفها وعجزها في مواجهة تلك الأزمات بالإرادة الوطنية الصادقة والحكمة التي يقودها بعد النظر.. لا نظرها عند رؤوس أصابع أرجلها بحثاً عن تثبيت خطواتها في تراب الوطن ولو مبللاً بدماء أبنائه الغالية من كل الأطراف أو ترسيخ وتمكين نظام بعينه أوفكرة ايدلوجية إقصاءاً لكل آخر ، ولن يتأتي الحل بالتسويات التي ترتادها الحكومة صاغرة حينما تلين شوكتها في ناحية فتفاوض القوي من تلك الحركات الثائرة على مبدأ إقتسام السلطة والثروة في إطار المكاسب الشخصية لأفراد بعينهم ولا تعود في شيء من الفائدة للإقليم المعني أو بمردود للصالح العام..وهذا مادرجت عليه حكومة الإنقاذ ظناً منها أن ذلك هو السبيل الذي يطفي الحريق ..فيما هو يخفي فقط أعراض اللهيب ليظل الوميض تحت رمادٍ فوقه صفيحٌ ساخن قابل للإشتعال متى ما تضاربت مصالح الطرفين من جديد ..ولعل تجربة دخول مني أركو مناوي الى القصر مساعداً للرئيس ونكوصه عنها عائداً الى الغابة من جديد وأمثلة أخرى خير دليل كان يتوجب على مخططي الإنقاذ في هذا الصدد أن يتعظوا به في البحث عن البدائل المثلى وأهمها توسيع المواعين الوطنية للتفاوض التي تقود البلاد الى مخارج تختلف عن كارثة ذهاب الجنوب ساقطاً ما بين إندفاع حرب الجهاد المحرقة لزهور الوطن اليافعة ..وإنكسار الإنقاذ جاثية عند طاولة التفاوض المهين رغم إدعاءات رضاء الضمير الواهية بتحقيق السلام في الجنوب وفقاً لإراده الناخب هناك وهو ما دحضته حرب الجنوب الحالية التي تلقى على الشمال بحمم لا أحد يعلم مدي سرعة وتباطؤ خطاوي تمددها في طرفي البلدين ! الرئيس البشير يعترف بملء الفم في رمضان الماضي بان يديه ملوثتان بدم أهل البلاد .. ولم ينطق بكلمة إعتذار أو يطلب العفو من أهل الضحايا دعك عن إعترافه بوجوب المحاسبة فذلك مبدأ خارج عن أدبيات حكمه الظالم على كل أصعدة الفشل السياسي والإجتماعي والإقتصادي ! ثم عاد منذ اسابيع قليلة يعترف علناً بفشل و كارثية سياسة التمكين بالولاء لا الكفاءة ويعد بطي صفحتها وفتح أخرى بيضاء جديدة ..دون إعادة إعتبار لكل الذين تشردوا جراء تلك السياسة أو الإعتذار لهم أو طلب العفو منهم على أقل تقدير تقتضيه تلك الحالة المأساوية للألاف رغم أن ذلك قدلا يضمد جراحات الأحياء منهم ولن يكفكف دمعات أسر الذين رحلوا ضيماً وغبناً ومن طعنات تلك السياسة الرعناء القاتلة في الرزق الكريم ! ليس هكذا تورد الأبل أيها الرئيس وانت الذي ترفض إتهام المجتمع الدولي لك بما إعترفت به ضمناً! وأنت الآن المسئؤل الأول الذي يعترف بعظمة لسانه بكل ما أرتكب من جرائم تتطلب منه شجاعة لمواجهة مصيرة وليس الإحتماء خلف الكرسي الذي لن تصمد ارجله الى مالا نهاية أمام صروف الزمن ومقادير الحياة الدنيا المتبدلة ! ثم تأتي لتعترف أخيراً بانك كنت فعلاً تسوق للتصالح مع من أسميتهم المتمردين بتوزيع هبات الثروة والسلطة .. وتهدد بقفل هذا الباب بل وتقرر ذلك دون مرجعية وعلى هواء الخطب الراقصة ..ثم تطلب من من أراد الغنيمة من الإياب سالماً أن يطلب منك العفو .. وأنت المتهم الأول على الأقل كرئيس للبلاد بفشلك في إحتواء انهر الدماء التي سالت من عروق الوطن وابنائه ..وها هوسيادتك تخطط للمزيد من حفر المجاري لسيول جديدة منها تعدنا بها أنت ووزير دفاعك الذي تصر على بقائه رغم كل فشله الماحق في حماية الحدود البرية و الأجواء والبحور، متحدياً الوطن وأهله بوجوده غصباً عن كل الحقائق التي تحتم إبعاده بل ومحاكمته لوأنه كان وزيراً في اسواء دول العالم الحر ديمقراطية وشفافية وعدالة وتعاند على إستمراره معولاً يوسع لك من مجاري تلك الدماءالقادمة لا قدر الله ! فمن يحق له أن يطلب العفو بربك .. ومن يحق له أن يعطي ذلك العفو ..يا عافاك وإيانا والوطن رب العباد الذي يعفو باقتدار ويعاقب بعدله المطلق . إنه المستعان وهو من وراء القصد. [email protected]