شاهد بالفيديو.. الفنانة هدى عربي تدشن أغنيتها الجديدة (أخوي سيرو) بفاصل من الرقص المثير ومتابعون: (فعلاً سلطانة)    نائب وزير الخارجية الروسي من بورتسودان: مجلس السيادة يمثل الشعب السوداني وجمهورية السودان    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    تجارة المعاداة للسامية    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    الانتفاضات الطلابية مجدداً    استجابة للسودان مجلس الأمن يعقد اجتماعا خاصا يوم الاثنين لمناقشة العدوان الإماراتي    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    بالفيزياء والرياضيات والقياسات العقلية، الجيش السوداني أسطورة عسكرية    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    مجلس الأمن يعبر عن قلقله إزاء هجوم وشيك في شمال دارفور    السودان..البرهان يصدر قراراً    محمد صلاح تشاجر مع كلوب .. ليفربول يتعادل مع وست هام    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا "أدروب" يوجه رسالة للسودانيين "الجنقو" الذين دخلوا مصر عن طريق التهريب (يا جماعة ما تعملوا العمائل البطالة دي وان شاء الله ترجعوا السودان)    محمد الطيب كبور يكتب: السيد المريخ سلام !!    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    ب 4 نقاط.. ريال مدريد يلامس اللقب 36    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نيالا وسيناريو يوم القيامة المقبل
نشر في الراكوبة يوم 23 - 01 - 2014


بسم الله الرحمن الرحيم
في أوج شدة القتال الدائر ما بين التورا بورا والحكومة وجنجويدها، وعلي مدار عام كامل ما بين 2004م إلي 2005م، إنطلقت عدة شائعات منظمة ومتكررة تقول بأن: "هوي!" قوات الحركات المسلحة الدافورية ستدخل نيالا، وكان هناك ثمة تحديد لليوم والجهة التي ستدخل منها هذه القوات – تأكيدا للشائعة، بل وذهبت الشائعات أبعد من ذلك – بالقول: أن التورا بورا قد دخلوا مدينة نيالا وإستولوا علي كل شيء، وتمت لهم السيطرة التامة للمدينة وما حولها، حتي أن أبناء غرب السودان الساكنين بالخرطوم وغيرها وخارج البلاد، كادوا أن يصدقوا هذه الشائعات وكانوا فعلا قد إتصلون بذويهم للإطمئنان عليهم، ومن بين تلك المكالمات التلفونية التي أتذكرها هي ذلك الإتصال العاجل الذي قام به أحد أبناء مدينة مليط من بريطانيا بأحد معارفه فجرا بحي الوادي وقد إستقبل المكالمة وهو يعبر وادي نيالا مشيا علي الأقدام – يقول له: جاءتنا الأخبار المتبادلة بين السودانيين هنا في لندن بأن الحركات المسلحة دخلت نيالا فجر هذا الصباح، أفيدونا عن أحوال الناس والوضع. فرد عليه مستلم المكالمة: أنا الآن في بطن وادي نيالا ولم نسمع بأي هجوم!!!
في إدارة الصراعات والحروب تعرف الشائعة وتصنف بأنها جزء من الحرب النفسية، وعندما تطلق فإنها تطلق لتقييم ردود أفعال معينة تنبني عليها الخطط المستقبلية وهكذا. وفي حينها فات علي قادة الجنجويد ورؤساء أركانهم بالقوات المسلحة، فهم ما وراء هذه الشائعات ولم يدركوا لماذا يتم إطلاقها، حتي أنهم استهتروا بالتورا بورا، وقالوا كم أنهم كانوا كاذبين – يقولون ما لا يفعلون!. في الطرف الآخر كان هناك المراقبون المحليون والأجانب وكان الدوليون العاملين بوكالات الأمم المتحدة والمنظمات العالمية وغيرها، وكانت هناك الصحافة المحلية والعالمية والقنوات الفضائية من كل أصقاع الدنيا –كانوا جميعهم حاضرين بالإقليم يتسابقون لإرسال التقارير ونشر وبث ما يجري فيه، ولكن - من غرابة الأمر، لم يتم التطرق بشئ يوحي إلي تلك الشائعات. وهنا لا يقال بأن عدم التناول بالبحث والإستقراء لهذه الشائعات قد كان أمر مرتبا أو مقصودا بحد ذاته، ولكن الحقيقة التي خرجت بها كمراقب، هي أن إحتلال مدينة نيالا كان هدفا حقيقيا وجوهريا بالنسبة لحركات دارفور لأهميتها المحورية والإستراتيجية، حيث أن إحتلالها يؤدي للسقوط التلقائي لكافة المحليات الذي يعني عزل دارفور عن المركز تماما أو علي الأقل السيطرة التامة للمواقع ما بين نيالا وجبل مرة حتي تتم إدارة العمليات العسكرية بشكل أكثر فاعلية. فإن تم ذلك فإنه يمثل للحركات إختراقا غير مسبوق حتي للجيش الشعبي الذي فشل في إحتلال أي من مدن الجنوب الثلاث جوبا وواو وملكال طيلة حربه لخمسين عاما، وأنه يمثل أيضا كسرا لهيبة الدولة وتحطيما لبعبع الجنجويد. وعليه فإن التورا بورا قد قاموا بتلك الشائعات بشكل مقصود ومرتب لجس النبض. وعلي ضوء هذا التهديد فإنهم قد نصحوا تماما من قبل مجلس شوري الزغاوة بالعدول عن ذلك، لم له من عواقب وخيمة علي مناصريهم وبالتالي قطع خط إمدادهم وكسر شوكتهم، إلا أنهم راهنوا لمناصريهم بنجاح ذلك يوما ما!.
في أوائل العام 2006م أيام عيد المولد، ضبطت السلطات الأمنية عربات حطب تدخل إلي المدينة وكانت محملة بالأسلحة تحت شحنات الحطب. كان هذا العمل يعني البداية لذلك السيناريو –تهريب السلاح لداخل مدينة نيالا وتسليح كل العناصر المناصرة، ولكن فشلت الخطة مع تكرار ذات النصيحة لهم بعدم الإقتراب من مدينة نيالا. في عام 2009م، كانت هناك محاولة أخري لحركة العدل والمساواة بعدما إنسحبت من جبل مون وجاءت لمناطق شرق نيالا حيث كان قبيل وصولها صرح قائدها الدكتور خليل بأنه سيعلن دولة وقد تحير المراقبون –أي دولة أنه كان سيعلن؛ دولة الزغاوة الكبري أم دولة منفي من الداخل أم أن الأمر كان مجرد زلة لسان وحسب!. ولكن لسوء التقدير في الأمر وقع قتال مرير بينهم وقوات أركو مني مناوي فشلت بسببه خطة الدولة وكرر كبراء الزغاوة من تشاد والسودان ذات التوجيه لكل من اركو وخليل بأن يوقفوا القتال ضد بعضهم البعض. وكانت النتيجة أن تم طرد قوات جيش تحرير السودان التابعة لمناوي من كل ما يسمي بالأراضي المحررة (ديار البرقد والداجو والمساليت) وتم إنسحاب كافة قوات العدل والمساواة عبر جبل مرة لدار زغاوة بشمال دارفور ومن ثم إحتل جيش الحكومة كل القطاعات شرق مدينة نيالا بما فيها مدينة قريضة أم ضل جنوبا. المحاولة الثالثة كانت بدافع ملامة كبراء الزغاوة لمناوي في صيف العام الفائت عندما تسبب الزغاوة بتنزيح أهله الزغاوة وتشريدهم بسبب وجود قواته بقراهم وحلالهم وإنسحابه بل فرار قواته من حمياتهم حيث تركهم عرضة للجنجويد الذين إستباحوهم وخربوا ديارهم ونهبوا جميع ممتلكاتهم ومواشيهم. فقد شكل هاجس الرد والإنتقام وعدا لا فكاك منه ولا تراجع عنه بالنسبة لقوات حركة مناوي حتي تستعيد الثقة التي بدأت تفتقدها يوما بعد يوم من كافة مناصريها ومموليها بالداخل والخارج، حيث صرح جميع قادتها بالثأر من الجنجويد وخاصة حركة علي سافنا والجيش الحكومي ومحاولاتهم لإقتحام مطار نيالا تنفيذا لوعود قائدهم المتكررة في تهديده الخاص بإقتحام هذا المطار أولا، ولكن أرجأت المحاولة للفشل التام في الإستيلاء علي مطار نيالا تمنيا بما فعلوه بمطار الفاشر العام 2004م.
أما المحاولة الأخيرة فقد جاءت عند مقتل أحد كبار تجار ولاية جنوب دارفور، الزغاوي الشهيد إسماعيل وادي في منتصف سبتمبر 2013م، والذي كانت عملية إغتياله الدافع الأقوي لإقتحام نيالا من كل الجهات. وكادت المدينة أن تشهد يوم قيامة وفي عز الضحي، وقد خرجت الزغاوة بالآلاف وحرقت مكاتب رئاسة الولاية، واقتربت قوات التورا بورا من الجهات الجنوبية والشمالية لمدينة نيالا إيذانا بالإقتحام، وقد ضبطت السلطات الأمنية مرة أخري عمليات تهريب آربجيهات وأسلحة متوسطة لداخل مدينة نيالا بركشات تنفيذا لهذه المحاولة، ولم يقم حينها كبراء الزغاوة بإسداء أي نصح لحركة مناوي بالتخلي عن الهجوم، ولكن لولا لطف الله لشهدنا ذلك اليوم ونحن أحياء. وعلي ضوء هذه التطورات شعر الناس بمكر الزغاوة وقد قرأوا ذلك علي وجوههم من سوء الإستقبال في صيوان عزاء القتيل إسماعيل وادي. وعرفت السلطات أن تدبيرا ما ستقوم به هذه القبيلة بمدينة نيالا، وتم إستدعاء الوالي للخرطوم في اليوم التالي، وكان قبل عودته السريعة لنيالا قد أرتهم الحكومة بأم أعينهم تكشيرها الأنياب لهم، حيث قامت بعلميات تسليح مباشر "علي عينك يا تاجر" بكافة الأسلحة للجنجويد بمدينة نيالا ردا علي عمليات تهريب الأسلحة الغير معلومة من قبل الحركات المسلحة لداخل نيالا، وبدأت قوات حميدتي وقوات إبراهيم شريف وغيرها من التأهب لردع أي تحرك للزغاوة وأعوانهم المحتملين بالمدينة، وأعطيت التعليمات واضحة بالضرب المباشر لأي تحرك ما بما فيهم الزغاوة في صيوان العزاء. إلا أن الزغاوة وبذات القدر قد فهموا جدية الأمر ومخاطره الرهيبة عليهم وعلي الغير. وعندها تراجعت حركاتهم المسلحة عن خطة إسقاط مدينة نيالا بأيديهم، وانعكس ذلك في تغيير لهجتهم مع حسن إستقبالهم للناس بوجه غير عابس في ذلك العزاء! وقد كانت المجاملة المتفق عليها لكسر الوجوم –تقول: (جماعة دا عاوزين يفتنونا معاكم!) في عبارة مبهمة من سياقها –فهل الجماعة المقصودة بالفتنة هي الحكومة أم الجنجويد، ولكن من الوضع العام للأحوال يفهم إنهم هم لا فرق بينهم!
فالمتتبع للهجمات التي تقودها الحركات المسلحة ضد المواقع الحكومية، يعلم بأن هذه الحركات لا تقوم بأي هجوم إلا إذا كان الوضع في حالة فكاك وعدم إستعداد. وهذا ما كانت تنتظر هذه الحركات حصوله بمدينة نيالا بشكل من الأشكال، سواءا كان ذلك بلخم الناس بمظاهرات مبرمجة ومن ثم الإنقضاض، أو بإنتهاز مناسبة ما مواتية تحفز للقيام بهجوم مباغت ومطوق للمدينة من كل الجهات. وعلي هذا الوضع صمم أركو مني مناوي هجومه المحتمل علي مدينة نيالا وإحتلالها بهدف تحقيق أربعة أهداف في آن واحد:
أولا: تحقيق حلمه من السيطرة علي أهم مركز إستراتيجي بغرب البلاد، تمهيدا لتحقيق الهدف الأسمي المعروف. وهنا يقول بعض الخبراء العسكريون، بما أن إقتحام نيالا يظل أمرا مطلوبا من قبل هذا الرجل، إلا أنهم يرونه كما رأوا من قبل ما حدث لأخوانه في حركة العدل والمساواة في الهجوم الفاشل علي العاصمة المثلثة، والذي بنهايته ولت قوات خليل هاربة لم تتوقف إلا في أم جرس بتشاد، وهي الأٌقوي والأكثر عدة وعتادا والأفضل تدريبا والأحسن تنظيما. فهل سيتعظ مناوي من الدرس، أم أنه سيجعلها مجرد مناورة لدخول سريع وخروج أسرع منه، أم أن لديه خططا شارونية نيرونية سيفاجئ بها الجميع كما سيفاجئهم بمدافعه وذخائره المعروفة عند قواته ب "ألهاكم التكاثر" الإسرائيلية الصنع.
ثانيا: الثأر لقتل وتشريد أهله الزغاوة من مواقعهم بقري مرلا، لبدو، مهاجرية وحجير وام قونجة واللادوب وغيرها ومن قبل منطقة قريضة وضواحيها المسماة بأمبرو الجديدة. وهنا يسود إعتقاد جازم بأن عمليات النهب المنظم التي تقوم بها قوات مناوي مع المطالبة بدفع مبالغ فدية ضخمة عن كل عربة مخطوفة، هي مخطط لجمع أموال لدفع تعويضات لأهله الزغاوة الذين تشردوا ونهبت أموالهم مؤخرا بسبب فشل قواته في حمايتهم والدفاع عن قراهم بعدما استخدموها كملاذات آمنة ومناطق راحة ونقاط إمداد لمتحركات قواته.
ثالثا: تحسين صورته أمام القبائل الغير عربية التي فعلت جيوشه بها الأفاعيل في نفس المواقع المذكورة أعلاه. وذلك بمخاطبتهم والإعتذار إليهم في كل ما حصل من قواته منذ العام 2005 وحتي أحداث قريضة في أكتوبر 2006م، وكذا عمليات التصفية والإعدامات لعديد من أبناء الداجو والبرقد المستنيرين وكل قياداتهم الرافضة للوجود المسلح للزغاوة بمناطقهم. فقد مثلت تلك الإعتداءات عملا مشينا للزغاوة وكيف أنهم جاؤوا في أعوام 1970م مجرد نازحين مزارعين، وكيف أنهم تحولول لمستوطنين محتلين لآراضي القبائل الأصلية بذريعة التمرد علي الدولة. وتفيد آخر المعلومات أن حركة مناوي كانت في مسعي جاد في أيام مقتل أبو البشر بمنطقة خور أبشي لتوقيع إتفاق مع مليشيات البرقد بالمنطقة إستدراجا لهم للمساعدة في مخطط هجوم يوم القيامة الآتي علي مدينة نيالا قبل نهاية هذا العام 2014م.
رابعا وهو الأهم: إستعادة الثقة التي فقدها مناوي تماما بين أهله الزغاوة خاصة بعد قيام مؤتمر أم جرس نهاية أكتوبر 2013م والذي كان قاصمة الظهر ليس له وحسب بل لجميع حركات الزغاوة المسلحة. ويعتبر هذا الأمر من أصعب التحديات بالنسبة لمناوي –إما أن يحتل مدينة نيالا صامدا شامخا في مغامرة ليس هو لاعبها المتحكم فيها لوحده ومخاطرة لا يعلم مداها بكل ما أوتي من خطط وأفكار، وإما أن يقبل بمقررات أم جرس مطأطئ الرأس زليلا عند إدريس دبي، وإما أن يذهب إلي الدوحة وهو أكثر تطأطؤا وإزلالا تحت تجاني سيسي! ولكن المنطق السليم يوحي بأن مناوي سيقبل بالأمر الأخير نزولا عند رغبة أهله في قبول مؤتمر أم جرس وتوقيع مصالحة ما مع الحكومة، وهذا ما أشار إليه محمد بن شمباز رئيس بعثة اليوناميد في آخر لقاء بقيادات الزغاوة بأديس أبابا في شهر نوفمبر الماضي من العام 2013م.
هذا في جانب قوات مناوي، وأما قوات العدل والمساواة فقد جربت الأمر في عاصمة البلاد عام 2008م وهي ربما ليست علي إستعداد لتكرار مغامرة غير مضمونة بعدما شلت قوتها في معارك جبال النوبة مؤخرا. هناك سيناريو آخر يتنبأ بأنه ربما سيكون هناك هجوما متزامنا من كافة الحركات المسلحة علي مواقع هامة بإقليم دارفور، حيث تقوم قوات مناوي بالإنقضاض علي نيالا وتقوم قوات خليل بالإنقضاض علي مدينة الفاشر في نفس يوم وساعة هجو قوات مناوي المحتمل علي نيالا. هذا السيناريو ضعيف الإحتمال لإختلاف الرؤي ما بين دكتور جبريل من جهة ومناوي وعبد الواحد من جهة أخري. فالعدل والمساواة تحركها الأجندة الترابوية علي نار هادئة، وجيش تحرير السودان عبد الواحد تحركه الأجندة العلمانية والمخابرات الدولية، أما مناوي فهو الأقرب للصلح رغم أنه مقاتل وحسب وليس صاحب أجندات بخلاف برنامج دولة الزغاوة المؤجل بمؤتمر أم جرس نهائيا حتي إشعار آخر. ولكن القاسم المشترك ميدانيا بين هذه الحركات هو وجود مقاتلين عرب بين صفوفها وهو ما يمثل تحرجا وتحديا لمدي المصداقية والشفافية لهذه الحركات المدارة زغاويا في كل أمورها الظاهرة والباطنة. قوات العدل والمساواة ليس من المؤمل دخولها في أي برنامج من هذا القبيل، اللهم إلا نزولا عند رغبة وأمنية محجوب حسين أب شعراية الذي هدد سكان العاصمة وأرعبهم بإخلائها والإبتعاد عنها مسافة عشرين كيلومتر منذرا بقرب دخول قوات الجبهة الثورية العاصمة المتجهة صوبها من عدة محاور. فإن قسنا كلامه بإعتبار الحرب النفسية، فإن الفرق واضح بين إشاعاته التي يطلقها بنفسه وشائعات هجوم نيالا في العام 2004م والتي لم يعرف لها قائل تحديدا حتي الآن – فأي نوع من الرجال هذا المحجوب!
أما بالنسبة لعبد الواحد وإستعداده أو مساهمته في هذا اليوم فإنها غير واضحة، مرقد علي ثلاث بيضات؛ بيضة التدخل الدولي للولايات المتحدة وحلف الناتو بدارفور، وبيضة الإبادة الصامتة والغير معلنة للقبائل العربية بدارفور وبيضة حرب الإستنزاف الطويلة التي يزعم الإنتصار فيها مهما طال الزمن. وفي جميع هذه السيناريوهات كان القاسم المشترك لعبد الواحد هو أنه يسكن أهله دوما بأن النصر آت وقرب خلاص، ويطمئنهم بألا يستمعوا لكلام الحكومة ومؤتمر الدوحة وتجاني سيسي فيما يتعلق بالعودة الطوعية، وكان يكرر لهم مقولته: ما ترجعوا من معسكرات النزوح واللجوء، نحن لازم نطرد المستوطنين الجدد من قرانا الجونا من النيجر وغيرها، لازم ندق الجنجويد وننزع أسلحتهم ونودي قادتهم للمحكمة الجنائية الدولية ولازم نقبض علي عمر البشير وأعوانه ونسلمه للاهاي ونعدموا زي ما قبضوا وأعدموا صدام حسين. فكل تلك البيوض تعتبر ضاربة متعفنة؛ الأولي الخاصة بالتدخل الدولي، فهي لعبة مخابرات دولية سقط فيها عبد الواحد بعلم أو دون علم، لأن أجندة هذه المخابرات هي إستمرار الحرب ودوام الفوضي في بلاد المسلمين وهذا ما لم يفهمه هو أبدأ. فمهما أعلن عن تخليه عن دينه وتمسكه بالعلمانية الغربية ومهما تقرب من إسرائيل، فإن رجال أولائكم المخابرات ليسوا بأغبياء ينتظرون منه كفرد تركه هو فقط لدينه وفتحه لمكتب بإسرائيل، إنهم يريدون كفران جميع أهله الفور بدين محمد حيث تقوم الكنائس بجبل مرة مقام الجوامع والبارات مقام الخلاوي، وعندها سيرضوا عنه ويمكن أن يفعلوا ما لم يكن قد فعلوا في العراق وافغانستان وفلسطين. ولكن من ثمة أمر آخر يواجه عبد الواحد هو تنامي السلفيين والوهابيين الفور تحت مسميات أنصار السنة وخلافه والذين تنظر إليهم ذات المخابرات الاجنبية بإعتبارهم أمتدادا لطالبان والقاعدة في دارفور. فهذا الأمر هو أكبر تحدي بالنسبة للإستاذ عبد الواحد، لأن أجندة هولاء الوهابية هي تحرير أرض الإسلام من الكفرة النصاري واليهود والشرك والمشركين والأمم المتحدة وقواتها الدولية المنتشرة في كافة بلدان المسلمين. ولذا فإن هذه المخابرات ستظل تصور لعبد الواحد وتزين له أمر تطويل الحرب دون أن يدري أنه المتضرر الهالك والخاسر الأكبر من هذه الحرب، التي هم يريدونها دائرة حامية الوطيس بين مسلمين بعضهم البعض، سواءا كان هذا في دارفور أم في الصومال، أو باكستان، أفغانستان، العراق، ليبيا، مصر أم سورية بل وحتي كامل تراب السودان!. أما بالنسبة لإستهداف عبد الواحد لأبناء القبائل العربية حول مناطق الفور بجبل مرة وغيره، فإن خطة الإبادة الصامتة لهم تجري علي قدم وساق، وأنها تتخذ أربعة محاور؛ محور تخريب العقول عبر الخمور وتفشي المخدرات، ومحور العقم من الولادة عبر إضافة مواد معقمة ومذهبة للرجولة في الخمور البلدية، ومحور القتل الغير مباشر بالأمراض عن طريق العدوة ببعض الأمراض كالحمي الصفرا وغيرها، أو الإيقاع بهم في الحروب القبلية بين قبائل العرب بعضهم البعض (هنا تفننت حركة العدل والمساواة أكثر من غيرها في إفتنان القبائل العربية)، ومحور الزج بالمقاتلين العرب بالحركات المسلحة في معارك معلومة الخسارة سلفا تماما كالحادثة الأخيرة بالقرب من خور رملة والتي هرب عندها القائد طرادة ممتطيا حمارا ومتخفيا في ثوب إمرأة تماما كما فعل عبد الواحد نفسه من قبل.
ومن خلال ما تقدم، فالراجح أن حركة مناوي هي المتوقع أن تتجشم خطة إجتياح مدينة نيالا لوحدها، حتي إن خسرت تخسر لنفسها وإن نجحت فللجميع ولها القيادة والريادة. ومن قراءة الوقائع المستجدة من مؤتمر أم جرس المذكور، إلي عمليات تجييش الجنجويد الهائلة والأخذ بهم إلي ساحة العمليات بجنوب كردفان وقرب عودتهم لدارفور، إلي عملية مقتل قائد الجنجويد أبو البشر والإستعدادات الجارية من أهله الرزيقات بالثأر لمقتله، إلي عمليات خطف الشاحنات التجارية وبشكل منظم من قبل حركة مناوي بدارفور، كلها معطيات تشير بأن أمر ما تفكر في فعله حركة مناوي بدارفور ألا وهو نيالا وسيناريو يوم القيامة المقبل. ولمعرفة متي هو، فيمكن إستنباط ذلك بالوقائع الآتية:
1. أولا - عمليات خطف الشحانات التجارية ومصادرة جميع بضائعها:
أقامت حركة مناوي لهذه العملية المنظمة ثلاث مواقع ثابتة ومعلومة بولاية جنوب دارفور خلافا للمواقع الأخري بولايات دارفور الأخري. فهذه النقاط تعمل علي ثلاثة محاور؛ شارع برام –أبوعجورة ومركز تحركة نقطة أم قونجة، شارع الضعين -نيالا–شعيرية ونقطة تحركة منطقة شرم، ومحور شارع الفاشر-نيالا-دار السلام ونقطة إرتكازه خور أبشي. ففي هذا المحاور ومنذ بداية العام 2012م وإلي الآن، فقد ضمنت حركة مناوي رواتب مقاتليها من الرسوم التي تفرض علي كل البصات واللواري المحلية، ثم عملية التزود بالوقود والمواد التموينية المصادرة بشكل يومي في هذه الطرقات الحيوية ، وإن جملة ما قمت بخطفه من عربات وشاحنات يفوق ال 270 مركبة ببضائع تقدر بمئات المليارات من الجنيهات، إلي جانب إستلام عشرات المليارات الأخري عبارة عن مبالغ فدية لفك المركبات المخطوفة حتي ترجع للخدمة مرة أخري ويتفادي خطفها في المرات المقبلة ليخطف غيرها لتظل الحركة التجارية منتعشة دون توقف لتتكر نفس العملية –هكذا دواليك. فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل هذا العمل المنظم هو آخر يد أم إستعداد ليوم الجد!
2. ثانيا –إحياء نشاط القائد علي كاربينو ومحاولة ضم مليشيا البرقد وتحييد المسيرية نتيقة:
لقد قامت حركة مناوي بالفعل بمساعدة كاربينو بقيام حركته وضم معها حركة أبو البشر وسعت كذلك لضم مليشيا البرقد إلي جانبها، إستعدادا ليوم الجد يوم قيامة نيالا المقبل. فبتكوين هذه المجموعة القتالية المشتركة الأهداف، نفذت حركة مناوي إعتداءات نوعية ضد قوافل تابعة لليونامبد وأطواف تجارية ومتحركات حكومية كما قامت بتنفيذ هجمات منتقاة ضد مواقع عسكرية حكومية في كل من منقا، مرشنج، دوما، كتيلة ومؤخرا السنطة الجمل شرق برام، وذلك بغرض زيادة الذخائر وزيادة عدد العربات القتالية وإنهاك قدرات الحكومة. لهذا الهدف قامت حركة مناوي بقيام حركة التحرير والعدالة قيادة كاربينو وضم مليشيا أبو البشر ومليشيا البرقد بقيادة أب ضر إلي جانب سعيهم لتحييد قبائل المسيرية بمنطقة نتيقة وعدم إشتراكها في أي إعتداء محتمل عليهم. ويجئ كل هذا الترتيب إستعدادا ليوم آت ومعركة فاصلة مرتقبة.
3. ثالثا –تصفية أبو البشر قائد مجموعة الجنجويد المتفلتة:
إنضم ابو البشر لحركات الزغاوة المسلحة قطاع خور أبشي بشكل رسمي في أواخر إكتوبر العام 2013م، إلا أنه عمليا قد انخرط معهم في عدة عمليات هجومية وأخري إجرامية سواءا كانت ضد اليوناميد أو مواطنين عزل منذ مايو من نفس العام. وبسبب قسمة الغنائم من كل الإعتداءات التي قاموا بها جميعا تآمرت الزغاوة عليه حيث كان من الراجح أخذه لثلث الغنائم مما قد يترتب عليه تنامي قواته الغير مضمونة المواقف مع معرفته لأسرارهم وقدراتهم ومواقعهم الملاذية، قاموا بإستدعاؤه لإجتماع للتناقش حول قسمة الحصاد، وفي وقتها إتهموه بالخيانة في ذات الإجتماع وقاموا فورا بقتله بدم بارد هو وكل من معه من قادة مجموعته البالغ عددهم تسعة أفراد. وفي بيان لهم عبر موقعهم بالأنترنت قاموا بنسب كل الأعمال الإجرامية إليه والتي فعلوها سوية منذ مايو 2013م إلي 20 ديسمبر 2013م، وكأن شيئا لم يكن وكأنهم لم يفعلوا فعلا مشينا وقد مئات نهبوا العربات وخطفوا عشرات الأفراد العزل خاصة في شارع الضعين –نيالا ونيالا –برام. وهنا يقول أحد أبناء المنطقة المتأثرين، أن مقتل أبو البشر هو ليس البداية ولا النهاية عند الزغاوة المسلحين، فقبلها قد قتلوا العشرات من أبناء القبائل المشاركة معهم في التمرد من برقد وداجو وغيرهم وقد بلغ عدد المصفيين من البرقد وحدهم رقما تجاوز ال 90 رجلا وشابا بارزا قبل نهاية العام 2006م فقط. ولكن مقتل أبو البشر هذا له طعمه الخاص ويجئ في ظروف حرجة بالنسبة لحركة مناوي وهي تعد العدة لذلك اليوم المجموع له التورا بورا من كل خور وكركور وجبل وعتمور. ويوضح الشخص المتأثر أن الخطة من وراء مقتل البشر ومساعديه كانت تهدف لنصب كمائن لأهله الهوجائيين والإنقضاض علي أي مجموعة منهم تقوم برد فعل عاجل لأخذ الثأر من قتله كما هو متوقع عندهم تماما، ثم الإنقضاض علي أي مجموعة أخري كشرك قصدوا منه حصاد قوة الرزيقات قبل حضور قوات حميدتي التي لها تدبير آخر ومعاملة قتالية مختلفة. إلا أن أهل القتيل ابو البشر قد تجمعوا فعلا بالقرب من خور ابشي حتي بلغ عددهم ال 60 عربة قتالية وكادوا أن يجهزوا بالهجوم علي قوات أركو مني ولكنهم لسبب غير معلوم إما أنهم أجلوا الهجوم وإما تركوه نهائيا لإكتشافهم للشرك المنصوب لهم من قبل قوات مني الفائقة التجهيز. فقوات الزغاوة الآن علي أهبة الإستعداد التام لأي طارئ محتمل من أي جهة كانت، وكل هذا لأجل الإستعداد ليوم المفاصلة الكبري.
4. مجئ قوات قائد الجنجويد الأعلي بولاية جنوب دارفور:
هذا هو دائما التحدي الأكبر لكافة جموع التورا بورا في وجه الأرض – مليشيا الجنجويد!. قوات القائد حميدتي قد ذهبت لمران قتالي بمنطقة جديدة وهي مرتفعات جبال النوبة التي من الواضح أنهم قد حققوا فيها نجاحا وتفوقا باهرا علي الجناح الآخر من قوات الزغاوة –قوات حركة العدل والمساواة التي حتي منعت من الفرار والتوجه نحو دارفور، وحصرهم بمناطق جبال النوبة والهروب جنوبا لحدود دولة جنوب السودان. تتجمع الآن قوات حميدتي بالقرب من الأبيض، وتفيد المعلومات أن هدفهم المباشر عند عودتهم هو إخراج قوات مناوي من جنوب دارفور. الأعداد هائلة من العربات القتالية، التسليح يفوق نوعا وكما مما عند قوات مناوي، هولاء يقتالون بأنفسهم مباشرة وهؤلاء إعتادوا القتال بغيرهم من أبناء القبائل الأخري، إذا من غير المألوف أن تقاتل الزغاوة لوحدها كزغاوة صافيين صر!!! وتفيد الأخبار أيضا أن قوات الزغاوة زادت من تواجدها بالمناطق شرق نيالا، وأصبحو يتنادون من كل مكان إستعدادا لحرب نهائية.
5. مؤتمر أم جرس – القرارات المؤلمة:
هو أيضا من أهم التداعيات الخطيرة علي الزغاوة المقاتلين بالحركات المسلحة. لقد قيم أبناء الزغاوة العقلاء هذه الحرب التي أداروها وكانوا لها قادة وممولين لأجل تحقيق هدف معلوم ظاهره المشاركة في السلطة وبسط العدل والمساواة والرفاهية لكل السودان، ولكن باطنه هو ما كشف عنه عبد الواحد حينما تفاصلا مع مناوي قبيل مؤتمر حسكنيتة مشيرا إليه بالأجندة القبلية الضيقة للزغاوة، وما أوضحه القائد أحمد كبر نائب والي شرق دارفور الحالي حينما إنفصل عنهم جميعا وقد قالها صراحة إنا وجدناهم يخططون لأجل قيام دولتهم، وكذا ما صرح به قادة الميدوب عن كل المعلومات والمستندات التي تحصلوا عليها من حركة العدل والمساواة قبل الخروج من جبل مون حتي قام النقيب شرطة متمرد سليمان صندل حقار بإعدامهم جميعا. فعقلاء الزغاوة راجعوا أمر الحرب وقد خرجوا بقرار حاسم أيدهم فيه الرئيس إدريس دبي ومعظم مجتمعات الزغاوة وهو ترك الحرب والتوجه لبناء مناطقهم المخربة بسبب الحرب وتنميتها وتعليم أبنائهم وكفي الله المؤمنين شر القتال. هذا الأمر لم يرق للزغاوة مؤيدو الحرب ووصفوا المؤتمر بأنه خيانة للقضية وبيعة لآمالهم للرئيسين البشير ودبي. فهذا المؤتمر معناه هو قطع الإمداد عن الحركات المسلحة وهذا ما يفسر تعجل قوات مناوي لخوض مخاطرة كوماجية حاسمة في نيالا قبل تبدد تجهيزاتها العسكرية وخاصة مع غياب تيمان إردمي والدكتور شريف حرير عن حضور هذا المؤتمر الذي له دلالته عند كبراء الزغاوة في السودان وتشاد معا. فالأول هو من أقطاب برنامج دولة الزغاوة الكبري التشاديين، وأما الثاني فهو زغاوي سوداني من الجيل الثاني وأنه سائر علي ذات الطريق ولكنه مهتم بوضع دارفور تحت الوصاية الدولية أولا. فحركة مناوي من هذا المؤتمر –كأنما تقول للزغاوة أمهلونا وأعطونا فرصة، سنريكم الويل بالأعداء وسنسلج صدوركم بالأخبار السارة بالإستيلاء علي مدينة نيالا، فهلا نحن علي موعد بهذه الأخبار الكوماجية!!!
وعليه نستخلص مما ذكر، أن حركة مناوي علي إستعداد تمام للقيام بعمل ما، علي طريقة علي وعلي أعدائ، ووضع جميع الزغاوة في الخيار الصعب والأمر الواقع، إما القتال وإما القتل والهزيمة والضياع الأبدي للقضية. ولهذا الأمر فقد تم تسريب السلاح الكافي لأفراد الزغاوة داخل نيالا، وأصبحوا الآن من أكبر وأكثر المجتمعات تسلحا بالمدينة، وتمضي الخطة بأن يتحرك الزغاوة في الحركات المسلحة بإقتحام المدينة في هجوم متزامن مع الخلايا النائمة داخل المدينة والمنوط بها التحرك بمركباتهم التي يضعون فيها مدافعهم كما فعل ثوار القزافي وقيامهم بالهجوم من الداخل علي مواقع مختارة سلفا الهدف منها هو إسكات النيران المحتملة من الطرف الآخر وهم الجنجويد، الشرطة الموحدة، شرطة الإحتياطي المر كزي، مواقع الآمن العام، مواقع الدفاع الشعبي، مواقع القوات المسلحة الثلاثة، إحتلال المطار وتطويق كل الأسواق بالمدينة مع الإنتشار التام بكافة طرقات المدينة في كافة الأحياء. أما قوات الزغاوة في حركة مناوي فيكون دورها هو ضرب حصار محكم علي المدينة بمنطقة عازلة بعرض 20 كلم حول المدينة بهدف التصدي لأي هجوم من خارج المدينة، وخاصة مما يسمي بقوات حميدتي وغيرهم من الجنجويد المحتمل تدفقهم من المحليات. وتمضي الخطة والتي إن صمدت في إحتلال المدينة لثلاثة أيام علي التوالي، فإنه عندها سيأتيهم الدعم من الحركات الأخري –خاصة بقايا حركة العدل والمساواة وحركة عبد الواحد نور.
فهذا السيناريو رغم نجاحه من الناحية النظرية إلا أنه محكوم بزمن وصول قوات حميدتي لدارفور. وعليه فإن حركة مناوي الآن هي علي أربعة خيارات لا خامس لها –بالنحو الآتي:
1. أولا- تنفيذ الهجوم علي مدينة نيالا بذلك السيناريو المذكور قبيل وصول مليشيات حميدتي من كردفان. لا تتوفر معلومات عن نوايا هذه القوات. ولكن الزغاوة المسلحين علي خلاف الزغاوة المتحضرين بالمدن، فإنهم الآن في حركة دأوبة لإختراق قوات مناوي خاصة من العناصر الغير عربية التي تقاتل معها. فقد سرت شائعات مبرمجة عن نية هروب قوات حميدتي من أمرته بمجرد وصولهم لدارفور. وبما أن سيناريو يوم القيامة لا محالة قائم، فهذه الإرهاصات والتوقعات لا تضمن تأخير هذه القيامه قبل مجئ هذه القوات، فليس من المحتمل إنتظار قيامها لأكثر من هذا!!!
2. ثانيا- التوصل لتسوية عاجلة فيما يتعلق بدفع دية القائد أبو البشر ومساعديه المقتولين ودفع كل التعويضات الأخري المتصلة بجريمة الإعدام، وذلك بتحرك ووساطة من حكماء الزغاوة الرافضين للعمل المسلح علي خلفية مؤتمر أم جرس. فالمتوقع عمل هذا الإتصال هذه الأيام بين الرزيقات، وحميدتي نفسه بعدم مهاجمة الزغاوة المسلحين وحكومة الولاية كراعية للتسوية في مقابل دفع الدية والتعويضات والإمتناع عن خطف الشاحنات والموافقة ببقاء قواتهم بمواقعها الحالية دون القيام بأي نشاط عسكري كهدنة قصيرة مشروطة بالإنسحاب المعلن الآمن لقوات مناوي لمواقع أخري خارج الولاية نحو دار زغاوة الأصلية بشمال دارفور أو قبول الدخول في إتفاقية الدوحة.
3. ثالثا- الإنسحاب من المنطقة نهائيا بما فيها وجود قوات مناوي في الثلاثة محاور المذكورة من قبل نحو دولة جنوب السودان إستفادة من الوضع المضطرب فيها. ولكن تقول بعض التسريبات بأن الوجهة ستكون أم جرس وليس ولاية بحر الغزال التي سيتم خزن جميع أسلحة حركات الزغاوة فيها. فهذه الرغبة قد فعلها من قبل مناوي نفسه عندما خدع الحكومة بإتفاقه معها في أبوجا مايو 2006م، حيث كان هدفه من التوقيع هو لأخذ هدنة من الحرب التي أرهقته والإحتفاظ بكافة مواقعه والإحتفاظ بكافة قواته وأسلحتها، حيث أنه قد ظل رافضا تطبيق الترتيبات الأمنية وعندما إجبرته الحكومة علي التطبيق، فإنه قد خرج نهائيا من الإتفاقية معلنا إنضمامه للتمرد والجبهة الثورية لاحقا. فهل تهريب الأسلحة وخزنها بأم جرس هي كشف لحقيقة مصداقية مؤتمرها عما إذا كان المقصود منه هو مجرد توفير هدنة لكافة مقاتلي الزغاوة ومن ثم إستئناف القتال لاحقا بأساليب جديدة وأهداف واضحة، وبفترة إستراحة لا تقل عن العشر سنوات. أم أنه سيتم مصادرة هذه الأسلحة لصالح السودان والقبض علي مجريمهم ورد كل المركبات المخطوفة والمخزونة هناك!!!
4. رابعا –قطع الطريق أمام قوات حميدتي بإعلان مناوي القبول بالجلوس والتفاوض مع الحكومة المركزية. فهذا الخيار هو الأصعب بالنسبة للزغاوة المحاربين لما يحمل من شماتة وسخرية بهم، فكما قالت الحكومة والوسطاء وخاصة رئيس بعثة اليوناميد بأن أبواب الدوحة مفتوحة إلا لمن أبي، فالفرصة مع مناوي دون خجل لتجنيب مدينة نيالا هذا السيناريو السيء والغير مضمون النتائج لطالما الصلح خير –فهلا إليه!!!
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.