الوشائج الشعبية والوجدانية لم تتأثر بخلافات الأنظمة السياسية في البلدين بعض العواصف والقطيعة وترت الأجواء بعد محاولة إغتيال مبارك وقبلها زيارة وزير الدفاع أسهمت في تحريك الفتور الأخير لصالح علاقات إستراتيجية تقرير:أشرف إبراهيم العلاقات السودانية المصرية الطبيعية من المسلمات والثوابت لبلدين لافكاك لهما من بعض مهما شابها من توتر على المستوى السياسي أو عدم تفاهم بين الأنظمة السياسية الحاكمة هنا وهناك لإعتبارات عديدة تتمثل في الجوار القديم قدم التاريخ ولايمكن لأي قوة أن تبدله الى انتهاء الدنيا هذه من البداهة المسلم بها ابتداءاً ,ثانياً خلق هذا التجاور مصالح مشتركة تتمثل في تبادل المنافع والتبادل التجاري والنيل الذي يجري على طول البلدين ممثلاً شرياناً للحياة فيهما ويشكل عوامل تلاقي ولاتنتهي ولذلك كلما مرت العلاقات هذه بقطيعة سياسية أو فتور طال الزمن أم قصر سرعان ماتتلاشى العاصفة لأن الثابت هو علاقات طيبة يستفيد منها كلا من البلدين الذين يمثل كلاهما العمق الإستراتيجي الأمني والإقتصادي والإجتماعي وماعدا ذلك يصبح هو المتغير الذي يستحق الوقوف عنده ومعالجة أسبابه لكي تنساب العلاقات بصورتها المنشودة التي ينبغي أن تكون معياراً للعلاقات الممتازة بين الشعوب خاصة وان شعبي وادي النيل مايجمع بينهما أكثر من مايفرق لولا تقاطعات السياسة. قطيعة وتوتر في مرات عديدة حدثت قطيعة سياسية على مستوى الأنظمة بين البلدين وخصوصاً في عهد الرئيس الأسبق المخلوع مبارك بعد ان اكتشف وقوف الأخوان المسلمين بالسودان خلف انقلاب يونيو 1989م وقاد ضدهم العديد من المحاولات لإبعادهم عن المسرح السياسي وإدارة الدولة في السودان تارة بدعم المعارضة المسلحة ضد نظام الخرطوم أو ايواء المعارضة المدنية وقد كشفت قيادات في الحكومة ملابسات وخفايا تلك الفترة بعد اقتلاع نظام مبارك ولعل كل الذي فعله حسني مبارك بسبب الحساسية الشديدة ضد الاخوان في مصر سابقاُ وماتزال حيث كان السبب الرئيس في عداء مبارك للإنقاذ في بداياتها هو الإنتماء للاخوان ثم جاءت محاولة الإغتيال التي تعرض لها مبارك في أديس أبابا واتهم السودان ممثلاً في النظام بالضلوع فيها لتتأزم العلاقات بشكل غير مسبوق واحتل الجيش المصري مثلث حلايب الذي كان حوله بعض المنازعات ولم تصل مرحلة الإحتلال الكامل الا في عهد مبارك وقد روي عن الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر ان السودانيين لو دخلوا قصر عابدين لن يدخل معهم في حرب وليس حلايب وهذا يعكس الفهم المتقدم الذي يفكر به الزعيم الراحل .وهناك أسباب أخرى غير خافية تتمثل في الأحلاف والعلاقات الدولية وتأثير الدول الغربية في المنطقة العربية والأفريقية والرئيس مبارك كان جزء من منظومة التحالفات الغربية التي كانت ترى في النظام السوداني خطراً يتمثل في رفضه الخضوع للهيمنة الغربية فضلاً عن توجهاته الإسلامية ولهذا تأزمت العلاقات كثيراً وأصبح ملف السودان في يد المخابرات المصرية بقيادة اللواء عمر سليمان ,بيد انه بدأت العلاقات في التحسن نوعا ما في السنين الأخيرة للرئيس المخلوع مبارك قبل تبدأ ملامح جديدة لقراءة مستقبل العلاقات بيد البلدين في ظل حكم الرئيس محمد مرسي وبدأ الإهتمام بالعلاقات بين البلدين ينمو والتعامل مع السودان بإعتباره جار مهم وليس ملفاً امنياً ليتم إقصاء الرئيس مرسي وعادت من جديد التوترات غير المعلنة وظل الإعلام المصري يعزف على وتر دعم حكومة السودان للاخوان المسلمين وايواء قيادات منهم ونشرت العديد من الرسائل والوثائق المفبركة التي قصد منها تأزيم العلاقات والتشكيك في نوايا السودان رغم تأكيدات الحكومة السودانية وعلى كافة المستويات وقتها بأن مايجري في مصر شأن داخلي. زيارة مهمة الزيارة التي قام بها الفريق أول ركن مهندس عبدالرحيم محمد حسين، وزير الدفاع، الى القاهرة مؤخراً واستغرقت يومين وصفتها بعض وسائل الإعلام والمحللين بالناجحة خاصة وانه قد التقى خلالها المشير عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع المصري والمسيطرعلى الوضع السياسي في مصر الأن ويساهم بدرجة كبيرة في رسم المستقبل القريب على الحد الأدنى طالما كان قائداً للجيش الذي يملك زمام الأمور هناك إضافة الى التكهنات التي ظلت تشير بإستمرار مؤخراً الى ترشحه لرئاسة الجمهورية في الإنتخابات القريبة المقبلة ، الزيارة التي أعلنت بشكل مفاجئ قال عنها العقيد الصوارمي خالد سعد الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة للزميلة اليوم التالي إنها جاءت تلبية لدعوة رسمية من وزير الدفاع المصري، لبحث القضايا الأمنية المشتركة والملفات ذات الاهتمام المشترك بين البلدين وهذا الحديث أعطاها بعداً يتمثل في الرغبة المصرية في تحسين العلاقات وإنهاء حالة الرمادية التي سادت في الفترة القليلة الماضية ليخرج الحوار الى العلن وتفتح الملفات الأمنية والسياسية فالواضح كما قيل وذهب اليه المحللون ان الزيارة لم تكن في إطار أمني فقط كما هو متوقع في لقاء وزيري الدفاع ولكن لها أبعاد سياسية ستسهم بصورة كبيرة في الإنفتاح والتعامل المباشر بين الجانبين سيما وأن هناك حديث عن مغادرة وزير الخارجية علي كرتي الى القاهرة في غضون اليومين المقبلين لبحث العلاقات الثنائية وترميم جدر الخلافات بين الجانبين. قوات مشتركة السفير كمال حسن علي قال أن الرئيس البشير سبق وأن عرض على الجانب المصري نشر قوات مشتركة لمراقبة الحدود بين البلدين، وهو يعضدد ماقاله وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين عقب مباحثاته مع السيسي، حيث كانت من نتائج الزيارة الاتفاق على إنشاء قوة مشتركة سودانية مصرية لمراقبة الحدود وعقد دورات تدريبية مشتركة بجانب التعاون في مجالات التسليح، وكذلك التنسيق في القضايا الاقليمية المتعلقة بأمن وسلامة المنطقة، والوزير عبد الرحيم أشار الى أن الزيارة لا تخلو من اشارات سياسية مهمة تتمثل في أن التعاون بين البلدين مستمر بغض النظر عن التطورات الداخلية في أي منهما، وتؤكد استمرار التواصل وهذه نواحي ايجابية ونشر القوات المشتركة تطور مهم يسهم في ازالة التوتر واشاعة التعاون بين البلدين ، مستقبل مشترك الزيارة كما أسلفنا وضعت الخطوط العريضة للمستقبل المشترك للبلدين اللذين يجمع بينهما رابط كبير يتمثل في وشائج وجدانية وعلاقات شعبية راسخة لم تفلح تقاطعات السياسة في فك إرتباطها بغض النظر عن النظام الذي يحكم في القاهرة أو الخرطوم والمطلوب الأن رفع وتيرة التنسيق لتجاوز الملفات ذات الحساسية مثل ملف حلايب وأزمة سد النهضة في اثيويبا التي اشاع الإعلام المصري بأن السودان باع مصر ووقف الى جانب اثيوبيا وهو موقف أشارت الحكومة السودانية الى انه مرتبط بالمصالح وليس له اي خلفيات سياسية ,فيما تسعى مصر الى العودة الى حظيرة الإتحاد الأفريقي عبر بوابة الوساطة السودانية وكل هذا يوضح حاجة البلدين لبعض بعيداً عن التكتيكات السياسية المرحلية ولذلك تعتبر زيارة وزير الدفاع السوداني قد القت بحجر في بركة العلاقات بين البلدين لتحرك الساكن نحو واقع أكثر تفهماً لمسار العلاقات بين البلدين. [email protected]