] رفعت حاجبي الدهشة، عندما قرأت خبراً صاعقاً.. تحدث عن ضبط أكثر من سبعين رأسٍ من إناث الضان كانت معدة للتصدير عبر ميناء عثمان دقنة، بعد أن خضعت إلى عملية زرع أعضاء تناسلية للذكور، بغرض التمويه على سلطات المحجر البيطري، قبل تصدير الشحنة إلى السعودية. ] عش رجباً ترى عجباً!! ] تمت العملية المبتكرة عبر دس نعاج (مكندشة) وسط حوالي ألف من الذكور، قبل شحنها إلى المملكة، وبحسب ما ذكر الخبر فإن الشحنة المذكورة أتت من مراعي ولايتي كسلا والقضارف. ] هل يدرك من أقدموا على تلك الجريمة المنكرة أن فعلتهم تهدد الاقتصاد الوطني، وتنذر بوقف صادرات الضان السودانية إلى دول الخليج في المستقبل القريب؟ ] بل هل يدرون أن فعلتهم يمكن أن توقف حالهم هم، وتعطل عملهم هم حال مساعدتهم دول الخليج (وغيرها) على توليد الضان السوداني خارج حدود الوطن؟ ] ما حدث في ميناء عثمان دقنة يمثل ملمحاً طفيفاً لما تتعرض له ثروة السودان الحيوانية من مهددات، مبتداها عدم اهتمام الدولة بتنمية قطاعٍ يمكن أن يغنيها عن الدموع المسفوحة على ضياع نفط الجنوب، ومنتهاها رفد الخزانة العامة بمليارات الدولارات من قطاعٍ ضخم، لا يحظى بما يستحقه من اهتمام. ] هولندا.. التي تمد العالم كله بصادرات الألبان المجففة والسائلة، ومنتجات الأجبان وغيرها تستند كل ثروتها الحيوانية إلى ثلاثة ملايين بقرة فقط، بينما يمتلك السودان أكثر من ثلاثين مليوناً من الأبقار. ] ثلاثون مليوناً من الأبقار تسرح في أراضينا الخصبة، ومع ذلك يستورد السودان ألباناً بنصف مليون دولار كل عام، لأن القطاع المذكور لا يجد من يهتم به وينميه، وينفق عليه القليل من المال كي يحوله إلى كنزٍ ضخم. ] ثروة السودان الحيوانية تفوق ثروة هولندا بما يزيد عن أربعة أضعاف، ومع ذلك لا يتخطى مجمل صادراتنا الحيوانية مائتي مليون دولار في العام، ننفق أكثر من ضعفها في استيراد الألبان!! ] هل يعلم القائمون على أمر الثروة الحيوانية بالسودان أن ولاية النيل الأزرق وحدها تستند إلى أكثر من 15 مليون رأس من الأنعام؟ ] هل يعلمون أن مجمل ثروة السودان الحيوانية تفوق مائة مليون رأس من الأبقار والأغنام والماعز والإبل، ومع ذلك تقل مساهمة قطاع الثروة الحيوانية عن (20%) من مجمل ايرادات الدولة؟ ] السودان أغنى الدول العربية والإفريقية قاطبة بالثروة الحيوانية، لكن تلك الثروة الهائلة معطلة، وغارقة في بحور الإهمال، مع أنها يمكن أن تحول شعار (السودان سلة غذاء العالم) إلى واقعٍ معاش، بقليل من العناية وبعض الاهتمام. ] هي – أي الثروة الحيوانية- تكابد ذات ما تعانيه ثرواتنا السمكية من إهمال، علماً أننا نمتلك خمسة مسطحات مائية ضخمة، يمكن أن تدر علينا مليارات الدولارات من عوائد تصدير الأسماك، لو حظيت بالتفاتة عنايةٍ من الدولة. ] نعني بالمسطحات المذكورة بحيرات خزانات سنار والروصيرص ومروي وجبل أولياء وبحيرة النوبة، التي يذهب جل إنتاجها من الأسماك إلى الصيادين المصريين حتى داخل حدود السودان، بخلاف ساحلٍ يمتد أكثر من سبعمائة كيلومتراً للبحر الأحمر، ونهر النيل الذي يقطع السودان من أدناه إلى أقصاه. ] هل نحن بحاجة إلى الولولة على ذهاب البترول بوجود كل هذه الثروات الضخمة؟ ] بالأرقام.. وزارة الثروة الحيوانية (المهمشة التي ظلت تستخدم في استرضاء المهمشين وإسكات المعارضين) أهم من وزارة النفط.. لو يعلم السياسيون. ] لكنهم لا يعلمون!! اليوم التالي