* قبل أيام من الآن أقدمت السلطات السعودية على ترحيل 15 ألف مواطن سوداني من أراضيها من دون أن يرمش لها جفن، والسبب مخالفتهم لأنظمة الإقامة المعتمدة لدى المملكة. * لم يحتج السودان على الإجراء، ولم يؤثر ترحيل آلاف السودانيين على علاقات البلدين، من باب احترام السودان للقوانين المنظمة لإقامة الأجانب في السعودية، علاوةً على أن سلطات المملكة نفسها منحت المخالفين مهلةً امتدت عدة أشهر، على أمل أن يغادروا من تلقاء أنفسهم ولم يفعلوا. * لم تستهدف السعودية السودانيين وحدهم بالإجراء المذكور، بل رحّلت قبلهم أكثر من مائة ألف مخالفٍ، من مختلف الجنسيات. * خلال المهلة المذكورة أعلاه بادر حوالي (12) ألف سوداني بالعودة إلى بلادهم طوعاً، وسرت على من لم يستجيبوا مقولة (قد أعذر من أنذر). * السؤال (على حد قول الزميل الحبيب بهرام): لماذا لا تتعامل سلطات الجوازات والهجرة في السودان مع الأجانب بذات النهج المتبع في معظم دول العالم؟ * لماذا تغض الطرف عن وجود ملايين المهاجرين غير الشرعيين في بلادنا؟، وكيف تتركهم يشاركون المواطنين مشربهم ومأكلهم، ويزاحمونهم في مواصلاتهم، ويقاسمونهم خدماتهم الأساسية من ماء وكهرباء ووقود وعلاج من دون أن تلزمهم بتصحيح أوضاعهم، أو المغادرة (طوعاً أو كرهاً)؟ * إلى متى تبقى بلادنا مستباحة لأجانبٍ يلجونها بهجراتٍ غير شرعية، ويعيثون فيها فساداً، ويقيمون فيها ما طاب لهم، بل يتزوجون وينجبون فيها من دون أن يمتلكوا أي وثيقةٍ تمنحهم حق الإقامة؟ * نتفهم أن يستضيف السودان لاجئين تجبرهم ظروفهم على دخول أرضه مكرهين، ولا ضير في إكرام وفادتهم، وتوفير الطعام والكساء والدواء لهم، من باب إغاثة الملهوف. * لكننا لا نستطيع أن نهضم تساهل السلطات في دخول الملايين إلى السودان (كِيِري)، ولا نتفهم بقاءهم فيه بالسنوات دون أن يخشوا أي ملاحقةٍ ولا مساءلةٍ، حتى بعد أن أثبتت إحصائيات وزارة الداخلية أنهم تحولوا إلى مهدد أمني مؤثر، وأكدت أنهم يمارسون ترويج المخدرات والخمور والاتجار في البشر، بخلاف الجرائم الأخلاقية التي تفشت في العاصمة تحديداً كمحصلة طبيعية لغياب الملاحقة. * أمنوا العقوبة، وأعفتهم السلطات من مشقة الملاحقة، فأساءوا الأدب. * إجراءات تسجيل الأجانب وتجديد الإقامة والضرائب والرسوم المفروضة عليهم تعتبر من الموارد الاقتصادية الرئيسة للعديد من الدول.. حتى دول الخليج الغنية تفرض عليهم رسوماً عاليةً، وتلزمهم بدفع مبالغ مقدرة لتجديد إقاماتهم، وتحاسبهم على الخدمات الأساسية (من علاج وماء وكهرباء وخلافه) بقيمة تختلف كلياً عن المحددة للمواطنين، فلماذا نتساهل نحن (الفقرانين) مع الأجانب ونساويهم بالمواطنين؟، بل لماذا نعامل من لم يحترموا قوانيننا وتسربوا إلى بلادنا بطريقةٍ غير شرعية، معاملة المواطنين؟ * إلى متى تستمر تلك المسخرة؟ * التساهل الذي تمارسه حكومتنا في ملف الأجانب لا مثيل له في كل دول المنطقة، وقد استغربنا للنهج الذي مارسته وزارة الداخلية مع الإثيوبيين المقيمين في السودان بطريقة غير شرعية، حيث اكتفت بمناشدتهم عبر وسائل الإعلام بضرورة (إكمال إجراءات التسجيل) لمنحهم بطاقة تعريفية تحفظ (حقوقهم)، وتوفر لهم (الحماية)!! * عن أي حماية يتحدث الأستاذ بابكر أحمد دقنة وزير الدولة بوزارة الداخلية وسعادة الفريق أول شرطة هاشم عثمان مدير عام الشرطة؟ * هل تكفي بطاقة تعريفية لتقنين وضع مهاجر دخل البلاد بطريقةٍ غير شرعية، أو تجاوز المدة الممنوحة له في تأشيرة الدخول؟ * هل تكفي البطاقة المزعومة لمنع ملاحقة وترحيل من ينتهكون القوانين المنظمة للإقامة عندنا؟ * السلطات الإثيوبية نفسها لا تتساهل أبداً مع من يدخلون بلادها (كيري)، ولا تتردد في ضبطهم وترحيلهم على الفور، فلماذا تترك السلطات بلادنا مشرعةً لمن لا يحترمون قوانينها، ويقيمون فيها بلا ضابط؟ * إلى متى يستمر تساهل وزارة الداخلية مع الأجانب المقيمين (كيري) في السودان؟ اليوم التالي