* مواصلة لحديثنا السابق ,حيث اشرنا في الجزأ الاول بتأريخ 17/2/2014م من هذا المقال الي مزايدات طرفي التفاوض ومتاجرتهم الرخيصة بألام ومعاناة مواطني المنطقتين , وعدم رغبتهما في اشراك اصحاب القضية والمعنيين بها في المقام الأول في حلها , وتعمد ابعادهم واقصائهم وممارسة الوصاية عليهم ومعاملتهم كقصر وناقصي أهلية . وكما اكدنا بأنهم جميعهم يتهافتون لتحقيق اهدافهم الخاصة جدا والبعيدة جدا عن اهداف وتطلعات وطموحات شعبنا الأبي , حيث علمتنا تجارب الاتفاقيات الثنائية السابقة انها لا تحقق السلام بأي حال من الأحوال , ,واشرنا الي ان تغييب القوي السياسية واصحاب المصلحة من ابناء المنطقتين من هذه المفاوضات العرجاء سيجعل من السلام حلاما من احلام اليقظة . * الان وقد انهارت المفاوضات تماما , واسدل الستار علي اخر مشاهد المسرحية السيئة الاخراج , دون التقدم قيد أنملة , وأعلن الوسيط الافريقي ثامبو مبيكي رسميا ليلة الثلاثاء 18/2/2014م تعليق المفاوضات بين وفدي الحكومة السودانية والحركة الشعبية - قطاع الشمال الرامية لانهاء الحرب في منطقتي جنوب كردفان والنيل الازرق وامهل الطرفين عشرة ايام لاستئناف التفاوض. وكشف الوسيط مبيكي في مؤتمر صحافي عقده بمقر المفاوضات بالعاصمة الاثيوبية اديس ابابا ان الوساطة قدمت للطرفين مقترحات للتشاور مع قيادتيهما بشانها قبل العودة للتفاوض في غضون عشرة ايام مبينا ان الوساطة درست الاوراق التي قدمها الطرفان واتضح انه لابد من تقديم مقترحات من الوساطة لاحداث تطور في العملية التفاوضية. واصطدمت جولة المفاوضات التي انطلقت قبل ستة ايام بإصرار وفد الحركة على حل شامل لكل قضايا السودان وتمسك الوفد الحكومي بالتفاوض حول المنطقتين فقط. يذكر ان الجولة السابقة للمفاوضات انهارت في ابريل من العام الماضي في اعقاب اختلاف الطرفين حول اجندة التفاوض حيث تصر الخرطوم على البدء بالملف الامني ويصر وفد الحركة على ان تكون الاولوية للملف الانساني .. * وفي الواقع لم يكن هناك عاقل واحد ينتظر ويتوقع نتائج ايجابية من مثل هذه المسرحيات المملة والمكررة والتي بدأت أولي عروضها منذ بدايات مجئ النظام في 30/ يونيو 1989م , { وقد عقدت هذه الحكومة جولات لا حصر من المفاوضات مع حركات مسلحة، بدأت بمفاوضات أديس أبابا فنيروبي مع الحركة الشعبية عام 1989، ثم مفاوضات فرانكفورت مع مجموعة رياك مشار في 1992، فمفاوضات أبوجا 1992 ثم 1993 مع فصيلي الحركة الشعبية، قبل أن يتم الانتقال إلى سلسلة من مفاوضات الإيغاد في نيروبي ظلت تنعقد وتنفض لعشر سنوات بدءاً من عام 1994 حتى توجت باتفاقيات نيفاشا في مطلع عام 2005. وقد تخللت تلك الحقبة مفاوضات منفصلة مع حركة رياك مشار توجت بدورها باتفاق الخرطوم عام 1997. وقبل الفراغ من هذه المفاوضات الماراثونية بدأت الحكومة مفاوضات مع حركات دارفور في عام 2004 بدأت من أبشي وانجامينا قبل أن تنتقل إلى اثيوبيا فأبوجا حيث انتهت إلى اتفاقية أبوجا عام 2006. أعقب هذا جولات من المفاوضات تستعصي على الحصر، وفي كل عاصمة تخطر على البال، ومع حركات لم يعد أحد يحصي أسماءها أو يحتاج إلى ذلك، لأنها تظهر وتختفي كنبات الفطر } كما اشار د.عبد الوهاب الافندي في مقاله لصحيفة القدس العربي بتأريخ 18/2/2014م . * ان الأستمرار في تبادل الأتهامات ومحاولة تحميل كل طرف للأخر المسؤولية , هو هروب من مواجهة الحقائق , وتعنت ومكابرة وتنصل من المسؤولية المشتركة مع التفاوت في الدرجات , وامعان في الاستهزاء والاستهتار والاستعلاء علي القوي السياسية الاخري واستصغارها , والاستهانة بجماهير شعبنا السوداني . حيث * ولقد تأكد بما لا يدع مجالا للشك عدم حرص الطرفان وعدم قدرتهما علي انهاء الأزمة المتطاولة , ومع كل ذلك يصران ويتعمدان اقصاء القوي السياسية الاخري , بالرغم من ان الحركة الشعبية ظلت في اطار الاستهلاك الاعلامي تتمشدق في كل المناسبات بمشاركة القوي السياسية في الحوار والمفاوضات لكن يبدو نظريا فقط , وفي ذلك يؤكد فاروق ابوعيسي رئيس الهيئة القيادية لقوي الاجماع الوطني , ورداً علي سؤال حول تلقيهم أي دعوة من الحركة الشعبية شمال للمشاركة في المفاوضات في 13/2/2014م كخبراء ومستشاريين قال ابو عيسي لم نتلق أي اتصال او دعوة من الحركة الشعبية ولم تستشيرناعلي الرغم من اننا حلفائها . وحتي اكثر المتشائمين لم يكن يتوقع هذه النهاية الدراماتيكية للجولة الجديدة وبهذه السرعة الفائقة , ولقد تلاعب الوفدين بمشاعر الشعب السوداني وداسا عليها , ولم يتم مراعاة معاناة و الام الجوعي والمرضي والجرحي والايتام والأرامل والنازحين واللاجئين الذين ضاقوا ذرعا , ومازالوا في الأحراش والكهوف والاكواخ والكراكير وفي معسكرات اللجؤ في الدول المجاورة , ويعلنون الأمرين من استمرار هذه الحرب العبثية في النيل الازرق وجنوب كردفان . وعلي كافة القوي السياسية الفاعلة التحرك الايجابي والضغط علي النظام واجباره للرضوخ صاغرا لايقاف استمرار هذه الفوضي والعبث , ويجب عدم السماح بالعودة الي هذا التهريج مرة اخري , واذا كان لابد من حوار ومفوضات حول قضايا البلاد وقضية منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان فلابد من ان تكون بمشاركة كافة القوي السياسية بلا استثناء واصحاب المصلحة من مواطني المنطقتين من مختلف الشرائح ومكونات المجتمع ومنظمات المجتمع المدني , لايقاف الدوران في الحلقة المفرغة والانتقال التدريجي للتحول الديمقراطي ووضع حد فاصل ونهائي للحوارات والاتفاقات الثنائية لعدم جدواها كما اثبتت تجارب الاعوام الماضية . 19/2/2014م [email protected]