الحمد لله وحده.. كنا على ثقة أن الحق سينتصر مهما طال ليل الظلم.. والله العظيم لم يخالجني الشك لحظة أن الله سينصرنا ويعيد التيار إلى قرائها .. ليس لسبب غير ثقتنا في عدالة السماء قبل عدالة لأرض.. نهار أمس فوجئت باستدعاء من المحكمة الدستورية لاستلام قرارها الذي انتظرناه لأكثر من عام.. القرار واضح لا لبس فيه (يلغى القرار الذي أصدره مدير عام جهاز الأمن والمخابرات الوطني الخاص بإيقاف وتعليق صدور صحيفة التيار لمخالفته للدستور والقانون.. يسمح لصحيفة التيار بالصدور فوراً.. يرفض طلب التعويض).. حوالي عامين تكبدنا أبشع ما يمكن أن يتعرض له إنسان.. أن يسلب المرء حقه ليس في التعبير فحسب بل حقه في العمل.. دون حتى ذكر أسباب.. ثم توصد كل الأبواب.. وتعامل كالمنبوذ.. الذي يتحاشاه الآخرون خشية أن يتمدد إليهم العقاب.. باي ذنب أغلقت التيار؟؟ حتى هذه اللحظة لا أحد يدري.. ومع ذلك صبرنا بكل وقار.. لم نتهم أو نجرح أو نشتم أو نخسر احترامنا لأحد.. ذهبنا لكل مؤسسات الدولة.. الاتحاد العام للصحفيين السودانيين.. مجلس الصحافة.. لجنة الإعلام بالمجلس الوطني.. مفوضية حقوق الإنسان ( وهي هيئة حكومية تتبع لرئاسة الجمهورية) .. وكان واضحاً أن كل هذه المؤسسات لا تملك لنا حلاً غير المطالبة بالصبر الجميل.. الصحفيون (التيارون) الأفذاذ الذين حملوا التيار على أكتافهم طيلة سنوات صدورها قاسوا معاناة عظيمة .. فقدوا وظائفهم وعملهم ومع ذلك صابروا ورابطوا ثم لما طال عليهم الأمد تفرقوا بين الصحف الأخرى ومع ذلك لم ينسوا يوماً واحداً (تيارهم) وهم يدركون أن آخر الصبر نصر.. الصحفيون في الصحف الاخرى ما تركوا بابا للمساندة إلا طرقوه.. خاصة شباب (شبكة الصحفيين).. ولذلك كانوا أول من بكر إلينا بالتهنئة والفرح.. المحنة كانت كبيرة للغاية.. لكن أكبر منها محنة الوطن الأكبر.. ومهما تجرعنا نحن الألم والظلم فإنه صغير أمام ألم الوطن.. صدقوني وبكل إخلاص.. لا غبن .. لا حقد.. لا غضب .. صفحة وقلبناها.. كل من ظلمنا ولو بشق كلمة لا نجد له غير العفو.. بنية بيضاء وقلب مساحات الحب فيه لا تحتمل الكره.. صفحة جديدة ندرك فيها أن المطلوب عمله أكبر من الأوقات والطاقات وأنه لا مجال لهدر الوقت في مزيد من الصغائر.. وطننا اليوم يمر بمحك ومصير إن لم نتكاتف فيه ونؤكد الهمة فكلنا سيدفع ثمن التغابن يوم لا ينفع ندم.. قائمة الشكر طويلة.. لا تحتملها هذه المساحة.. لكني سأفيض فيها مرة أخرى بإذن الله.. وفاءاً للذين نصرونا حين الخذلان أربح.. وواسونا حين المواساة ضرب من المخاطرة الحمد لله أولاً وأخيراً اليوم التالي