1- ***- لم يعد خافياً علي أحد ان العلاقات بين المملكة العربية السعودية ونظام الخرطوم تمر حالياً بأزمة اعترف بها صراحة السفير الدرديري محمد احمد وأكد بوجود هذا التوتر، غير ان السفير- وبحسب ماجاء في خبر بثه موقع الراكوبة بتاريخ يوم السبت 8 مارس الحالي - قد استدرك بالقول "هنالك الكثير مما يتم الآن سواء كان معلنا او غير معلن لإعادة الامور نصابها مع المملكة السعودية على خلفية إيقافها التعاملات المالية مع المصارف السودانية"، مشيراً إلى أن هناك مساعي حكومية لانهاء حالة الحصار المفروض على السودان". ***- من كان يتابع عن قرب تاريخ العلاقات السودانية- السعودية، يجد ان هذا التوتر اصلآ لم يكن جديدآ على الساحة، فمنذ سنوات فاقت ال24 عامآ وهو يأخذ طابع المد والجزر بينهما ، بدأه نظام البشير في اوائل التسعيينات عندما ادار ظهره للسعودية متفقآ مع الرئيس صدام حسين علي ضرب المدن السعودية، وفي مرة أخري اتهمت الخرطومالرياض بانها قد شحنت اسلحة ومعدات حربية سعودية كانت مرسلة لجنوب السودان لتسلم لجون قرنق وتمت مصادرتها من علي شحن في وسط البحر الاحمر، ووقتها صدرت العديد من التصريحات الرسمية البالغة الحدة وبنبرات قاسية لم نسمع بمثلها من قبل وان صدرت من مسؤوليين سودانيين!! ***- ولم تسكت المملكة علي هذه الاتهامات الخطيرة التي لم يثبت فيها اي مسؤول سوداني صحة شحن الأسلحة، فنشرت الصحف السعودية الكثير والكثير جدآ عن بعض خفايا حقائق خطيرة اوجعت نظام البشير بعد ظهورها للعلن!! 2- ***- ان هذا التوتر الجديد الذي جاء قبل ايام قليلة مضت يختلف تمامآ عن التوتر السابق مابين البلدين عندما قام الطيران المدني السعودي بتوجيه اوامره لكابتن الطائرة التي كان يستغلها البشير في رحلة الي ايران بالعودة للخرطوم لانها حلقت في سماء السعودية بدون اذن مسبق، ويختلف هذا التوتر ايضآ عن غضب الحزب الحاكم من المسؤوليين السعوديين الذين تجاهلوا تمامآ وجود الرئيس البشير في المملكة لاداء مراسم الحج، وقام عاهل المملكة باستقبال رؤساء الدول الاسلامية الذين جاءوا للحج وتجاهل البشير وبكري حسن صالح!! 3- ***- عندما سحبت المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات العربية سفراءها من قطر علي اعتبار - بحسب وجهه نظر هذه الدول- ان الدوحة لم تلتزم باتفاق بين دول مجلس التعاون الخليجي يقضي بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لبعضها البعض، كان يمكن (سودانيآ) وان نقول انه شأن داخلي يخص منظومة مجلس التعاون الخليجي ولا يخصنا بقريب او بعيد. ولكن ماأن اعلنت المملكة وبكل وضوح ان كلا من جماعة الإخوان المسلمين وتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" وجبهة النصرة هي جماعات إرهابية ، وانه من بين المنظمات التي أعلنتها السعودية ايضآ "جماعات إرهابية" كل من حزب الله في السعودية وجماعة الحوثيين في اليمن....عندها لمس طرف السوط السعودي النظام في الخرطوم الذي يؤيد ومنذ زمان طويل جماعة الإخوان المسلمين وحزب الله!! 4- ***- ولتجفيف منابع التمويل للمنظمات الأرهابية في المنطقة العربية قامت المملكة باصدار عدة تشريعات نصت علي41 مادة، وشددت على أن جرائم الإرهاب وتمويله تعد من الجرائم الكبرى الموجبة للتوقيف، كان واضحا في تجريم كل فعل يتضمن جمع أموال، أو تقديمها، أو أخذها، أو تخصيصها، أو نقلها، أو تحويلها - أو عائداتها - كليا أو جزئيا لأي نشاط إرهابي فردي أو جماعي، منظم أو غير منظم، في الداخل أو في الخارج، سواء أكان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر من مصدر مشروع أو غير مشروع. ***- قال الدكتور خليل كردي، عضو في مجلس الشورى السعودي وخبير مالي ومصرفي، إن قوانين مكافحة تمويل الإرهاب في السعودية، والتي تم تطويرها حتى صدر النظام الأخير، هي قوانين ثابتة وجاءت متسقة مع القوانين الدولية لجرائم تمويل الإرهاب، وهو نظام متكامل تم فحصه من المؤسسات الدولية، وتقوم وزارة الداخلية وبالتعاون مع جهات حكومية أخرى أهمها مؤسسة النقد العربي السعودي بتتبع الأموال الموجهة للجماعات التي تعتبرها السعودية أو المنظمات الدولية إرهابية، ومن الطبيعي أن تكون اللائحة الجديدة أو المنتمون إليها ضمن أهداف هذا النظام في المرحلة المقبلة بصورة أكبر. ***- واكد الدكتور خليل كردي، إن الجبهة المالية لمحاربة الإرهاب هي أكثر الجبهات سخونة وأهمها، لأنه دون تمويل لن يكون هناك نشاط لتلك الجماعات التي تظهر في أسماء وأشكال مختلفة، بالإضافة إلى الجبهتين القانونية والأمنية، موضحا أن معظم المنظمات الحركية في المنطقة والتي تدعي الدفاع عن الإسلام هي منظمات تخدم مصالحها وتقدم الجهاد بطريقة غير صحيحة، ومع تنامي دورها وجب القيام بخطوات أكثر صرامة في هذا الاتجاه. وبين الخبير المالي أنه رغم أن عمليات مراقبة النشاط المالي لتلك الجماعات والمنتمين إليها لا تتم كلها عبر النظام المصرفي، فإن السعودية نجحت أيضا في التصدي للمسألة سواء أثناء نقل الأموال بصورة نقدية أو عبر أصول معينة. ***- فضل أبو العينين، مصرفي سعودي ومتخصص في قضايا غسل الأموال، أكد من ناحيته أن السعودية والجهات المعينة ستعمل تلقائيا على وضع أي أموال أو أصول أو أنشطة مالية لتلك الجماعات تحت المراقبة والمساءلة، مؤكدا أن نظام جرائم الإرهاب وتمويله نص على حق الجهات المختصة في مراقبة النشاط المالي لهذه الجماعات أو عناصرها سواء عبر عمليات بنكية أو مصرفية أو مالية أو تجارية، أو الحصول مباشرة أو بالوساطة على أموال لاستغلالها لمصلحتها، أو للدعوة والترويج لمبادئها، أو تدبير أماكن للتدريب، أو إيواء عناصرها، أو تزويدهم بأي نوع من الأسلحة أو المستندات المزورة، أو تقديم أي وسيلة مساعدة أخرى من وسائل الدعم والتمويل مع العلم بذلك؛ بالإضافة إلى كل فعل يشكل جريمة في نطاق إحدى الاتفاقيات الواردة في مرفق الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب، وبالتعريف المحدد في تلك الاتفاقيات. 5- ***- وبناء علي ماسبق اعلاه، قامت المملكة العربية السعودية بسن بعض القوانيين الخاصة مع النظام في الخرطوم، ومن بين هذه القرارات منع بنوكها من التعامل مع نظرائهم السودانيين، وإيقاف التعاملات المالية مع المصارف السودانية، ولا يخفي علي احد ان هذا القرار السعودي لم ياتي من فراغ، فمنذ زمان طويل والسعودية وبقية دول الخليج تراقب بدقة سياسات البشير وتنفيذه لكل المخططات القطرية المخربة في المنطقة والتي وصلت الي حد قيام المؤتمر الوطني بتبني تمويل المظمات الارهابية في مصر سرآ بالاسلحة والذخيرة والمال، ولما انكشفت المؤامرات سارع وزير الدفاع عبدالرحيم حسين بالسفر العاجل للقاهرة لتدارك الفضيحة!!..ولما كانت السعودية وبقية منظومة دول الخليج يهمها وبصورة كبيرة أمن وأمان مصر فانها قد سعت جادة لتجفيف رافد من روافد الأرهاب من خلال توقيف تعاملاتها مع البنك السودانية!! 6- ***- وبدلآ ان يفهم البشير ويستوعب الدرس تمامآ السعودي ويتمعن في مغزاه ولماذا وصلت الأمور بين البلدين الي هذا الدرك الخطير، راح البشير ويهاتف أمير الكويت يطلب منه التدخل لتنقية الأجواء بين دول الخليج...وكأنما الشأن السعودي مع نظامه ليس بالشئ الخطير!! 7- ***- وبدلآ ان يتمعن نائب الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي في السودان ابراهيم السنوسي لماذا جنحت السعودية لحظر المنظمات المتطرفة، راح وكعادته وبعيدآ عن الموضوع الاصلي ويزج باسرائيل وحشو الكلام عن "الثوابت الفلسطينية والعربية والإسلامية"!! 8- ***- ويبقي السؤال مطروحآ: ( بعد المقاطعة الاميريكية للسودان منذ عام 1995 والتي قصمت ظهر الاقتصاد السوداني، هل ستكون المقاطعة السعودية قاصمة لنظام البشير والارهاب?!!)... بكري الصائغ [email protected]