بعد مرور احدي عشرة عاماً علي قيام الثورة بدارفور، دعونا نقارن بين اليوم و الامس عندما هاجم ثوار جيش حركة تحرير السودان في بداية الثورة بدارفور في عام 2003م على مواقع القوات الحكومية بمنطقة أبوقمرة في شمال دارفور كنت اعيش في تلك منطقة و رايت الهجوم التي نفذته الحركة، كان يقدر عددهم ب 15 جندي فقط ولديهم عربة واحدة ومسلحون باسلحة خفيفة ومع ذلك استطاعوا أن يسيطروا علي المدينة باكملها حيث استطاعت هذه القوة الصغيرة من الثوار الاستيلاء على عتاد عسكري ومعدات وعربات عسكرية وقبضت على اسرى ضباط في صفوف الجيش السوداني. وفي مارس 2003م ضربت قوة تضم 301 مقاتل علي اقل من جيش حركة تحرير السودان مطار الفاشر ودمرت 7 طائرات على الاقل رابضة في مرساها كانت على استعداد لتنفيذ ضربات جوية عشوائية على مواقع المتمردين وعلى القرى وابار المياه والاسواق والتجمعات السكنية في مختلف انحاء اقليم دارفور وقبضوا على قائد المنطقة العسكرية. وفي خريف نفس العام واصل الثوار انتصاراتهم وسجلوا هزيمة اخرى ثقيلة على الجيش الحكومي بمنطقة ابو جداد حيث خلف قوات الحكومة من وراءهم 18 عربة لاندكروزر مجهزة بكل انواع الاسلحة بينما لم تفقد الحركة جندياً واحداً في في تلك المعركة. و تكررت انتصارتهم في منطقة "عدار" حيث استولوا علي 14 عربة ايضاً مجهزة بكل انواع الاسلحة وقبضوا على عدد كبير من الاسرى. وبعد أقل من شهرين انتصرت قوات الحركة في معركتي أبوقمرة الثانية و الثالثة واستولت علي أكثر من 30 عربة و دمرت الكثير من الاليات العسكرية الحكومية و في نفس العام و من مناطق متفرقة من( عين سيرو ، اوروري ، قربو جنك ، كلبس ، طينة و كتم) استطاع الثوار من تدمير و الاستيلاء علي أكثر من 150 عربة من قوات الحكومة و مليشياتها و سيطرت علي 80% من اراضي ولايتي شمال وغرب دارفور و مع كل هذه الانتصارات المتوالية كان عدد جنود الحركة لا يتجاوزن 2000 جنديا. والان و بعد مرور 11 سنة على بداية الحرب في دارفور نجد ان غابات و جبال دارفور ممتلئة بالحركات المسلحة وعلى سبيل المثال وليس الحصر حركة العدل و المساواة السودانية، حركة تحرير السودان (جناحي مناوي وعبد الواحد) وحركة تحرير السودان للعدالة (على كاربيو) وغيرها، وتمتلك هذه الحركات الان قوة عسكرية تقدر بأكثر من 12,000 جندي و قرابة 900 عربة محملة بالاسلحة الثقيلة وفي نفس الوقت متحالفة مع الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال تحت مظلة الجبهة الثورية السودانية، بذلك قد يتجاوز عدد قوات الجبهة 20,000 جندي وقد يزيد عرباتها على 1500 عربة منتشرة في انحاء دارفور و كردفان و النيل الازرق. ولكن اذا نظرنا في اداء هذه الحركات اليوم تختلف كلياً مع اداءها عام 2003 لان في تلك الفترة كان الجنود يتلقون تعليماتهم من قيادة واحدة و تحت مسمي واحد وكان الهدف واحد و الكل يسعي الي إنجاح القضية وتحقيق مطالب الهامش المتمثلة في معالجة المشكلة السودانية من جزورها وتحقيق العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات لعموم الشعب السوداني والمساواة في التمثيل في حكم البلاد والتوزيع العادل للثروة والتنمية المتوازنة وازالة كافة الفوارق وبسط الحريات. أما الان فهناك كم هائل من هيئة الاركان و الرؤساء و القيادات الميدانية و الكل يسعي الى تحقيق اهدافه الخاصة على الرغم من أنهم يناضلون باسم قضية اهل دارفور، الا ان الجنود ربما لا ينفذون تعليمات قيادة جبهة الثورية بل ينتظرون تعليمات قادة حركاتم التي ينتمون اليها في الاصل، والاخرون من حولنا ينظرون الينا كأن أهل دارفور ليس لديهم الهدف بل يقولون إننا اصحاب مصالح شخصية ، لذا يجب أن نعترف بأخطاءنا و نصحح و نتعلم من اخطاء الثورات من حولنا و نتجنب اخطاء الحكومات متعاقبة التي حكمت السودان حتي لا نقع في نفس المأزق الذي تمر به الحكومة السودانية الان . محمود عمر [email protected]