إقصاء الزعيم!    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    السيسي: قصة كفاح المصريين من أجل سيناء ملحمة بطولة وفداء وتضحية    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    تشكيل وزاري جديد في السودان ومشاورات لاختيار رئيس وزراء مدني    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    الجيش يقصف مواقع الدعم في جبرة واللاجئين تدعو إلى وضع حد فوري لأعمال العنف العبثية    أحلام تدعو بالشفاء العاجل لخادم الحرمين الشريفين    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك    دبابيس ودالشريف    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منهج التربية الجنسية في المدارس السودانية أفكار الصادق المهدي ومقترحات
نشر في الراكوبة يوم 22 - 03 - 2014

كان ومازال منهج التربية الجنسية يثير عند المربين الكثير من الخوف والقلق , ولذلك فإن مؤلفي المناهج التربوية اعتادوا على رمي مسائل الجنس في بطون المناهج المتعددة ونثرها هناك وهناك تحت عناوين مبطنة كأنهم لا يعنونها ولا يهتمون بها , فيدرس الطالب أكثر من عشر سنين في المدارس الإعدادية دون أن يلم بما يفيد في مسألة الجنس رسميا , ويتخرج وهو يحمل علامات البلوغ في جسده دون اعتماد على مادة مقروءة مدروسة مقننة نير له طريق أحاسيسه التي يحس بها لأول مرة والتي ستتكرر في ما سيأتي من عمره بتنوعات وتطورات لم يؤهل لفهمها ومتابعتها وتوجيهها . ولا يثير الجنس وحواراته العصية كل هذا القلق في نفوس الآباء المربين إلا لأنهم قضوا أيضا سنواتهم الدراسية دون أن يفتحوا كتابا معلنا من وزارة التربية والتوجيه الحكومية يناقشهم في ما استجد داخل عقولهم وأجسامهم من تطورات ونزوات وشهوات , ولذلك يمكن لنا نسمي هذا الاتجاه , وهذه العقد , بعقد تدريس الجنس في المدارس , وهذه العقدة كبيرة جدا وتصل إلى حد الرهاب النفسي , وليس ذلك لأن الآباء المربين يعتقدون أن سلامة الطفل ونقاءه وبراءته تحتم إبقاءه القسري في مخاطر ومجاهل ظلام المعرفة الجنسية ولكن لأننا اعتدنا جميعنا على مناقشة أمور الجنس ملفوفة تحت عباءة الدين مع أن الجنس كعلم ودراسات اجتماعية وطبية قطع شوطا لا يمكن للدين أن يلحقه وأن يباريه فيه . ولذا لا ينزعج أحدنا في الفصول الدراسة عندما يتحدث أستاذ الدين عن الحيض والنفاس والغسل والاستنجاء وحب الشهوات من النساء وعن الحافظين فروجهم والحافظات ونساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم , ويسألونك عن المحيض , أو لامستم النساء , أو ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون , أما إذا صنعنا منهجا جنسيا علميا يتواكب مع تطور الأبحاث الحديثة , ويمدنا بالمعلومات العلمية الموثقة , والاتجاهات المحمودة إزاء الجنس , فإن الدهاقنة الذين يحرسون مملكة الجنس الدينية , والسيطرة الدينية القروسطية على الوعي سيقلبون الأرض رأسا لعقب وباسم الدين والشريعة التي امتلأت كتبها بترهات جنسية وأساطير وخرافات تعاف منها النفس ويستحي منها العقل .
من أكثر الأخطاء التي تقع فيها المؤسسات التربوية التي ترفض فتح هذا القمقم المظلم على مجتمعاتنا الخائفة المرتبكة و تقرير منهج جنسي محكم وموثق وقابل للنقاش والمهنية هو أنها تعتقد أن الأطفال الأبرياء والمراهقين الذين أحسوا بفورة نشاط غير عادية والذين لا يعرفون شيئا عن الجنس واللذة الجنسية والخيالات الحميمية لم تكون لديهم رغبة جسدية وعقلية ونفسية على التعبير الجنسي عن أنفسهم . وهذا خطأ كبير . ففي مجتمعاتنا التي تدفن رأسها في الرمل هناك مساحة حرية شاسعة في أرض مظلمة تبنيها الأخلاق المزدوجة الوجه والرغبة الاجتماعية في التنفيس عندما تنعدم الأسس الرسمية له , فيعرف المراهق كل ما يريد معرفته بطرق مغلوطة تكلفه الكثير من الجهد والوقت وتلوث حياته العلمية والجنسية , وتجعله لقمة سائغة للخرافات والأوهام والمخاوف في عوالم السرية والكتمان والتخفي , وبدل أن يكون الجنس أداة لتطويره وتطويره ملكاته وعقله وإمكانياته , يكون أداة لتدميره وإضعافه وتعاسته , وتكون فترة المراهقة من أعصى المراحل في الحياة وأعقدها مع أنها ليست كذلك البتة . يتوفر في مجتمعنا نوعان من الأخلاق : الدينية وهي أكثر النوعين هشاشة وزيغا وتملصا , والنوع الثاني هي الأخلاق الطبيعية وهي أخلاق قسرية ولا ينفع فيها سوى التنظيم والمتابعة والتوجيه وهي إتجاه طبيعي في الإنسان وتسمح بالحرية الجنسية سرا على أوسع مدى , هذه الحرية المنكوبة بعصابة الفقهاء والمحرمين السرية هي التي تسمح لمجتمعنا بالتنفس الحر والطلاقة والاسترخاء المعنوي والعقلي والحيوية التي تقبل الحياة على علاتها ولكنها حرية كما نعلم مطاردة ولكن تجد قوانينها في الطبيعة البشرية وتجد مساحتها في حاجة المرء لها . مجتمعنا خائف إلى حد النخاع من الجنس مع أنه يدمنه ويترصد فرصه ويتحين لحظاته ولكنه يفعل ذلك سرا ولا يمكن إخراج هذا الظلام المغلق إلى عالم النور إلا بمنهج دراسي له معلم وله امتحان معلوم . إن هذه الأخلاق الطبيعية التي يعول عليها السودانيون كثيرا في عوالم تسامحهم وبساطتهم وأريحيتهم تسمح لهم بممارسة الجنس خارج إطار الزواج والمباح إذا كان الأمر سرا تغطيه غلالة الجدران وإذا سمحت الأخلاق فما أسهل من أن ينصاع الدين المطواع لكل صاحب هوى وطمع وغريزة .
مازلنا نعيش الجنس في طوره الخيالي والروائي وليس العلمي , ومن أفضل من عبر عن تلك الخاصية السودانية السرية هو الطيب صالح في موسم الهجرة إلى الشمال . أولئك كبار السن الذين يتحدثون عن الجنس ويضحكون ولا تبدو عليه أدنى علامات الاهتمام بالموضوع وخطورته وأزماته في تلك المساحة التي لا حظر عليها من هوامش الشيخوخة . والذين لا يبدو عليهم أنهم يربون أحدا ولا يقلقون لكلماتهم وأحاسيسهم وخيالاتهم . وما زلنا نعيش الجنس علميا في مراحله التي يتخلى عنها الدين طوعا كمراحل الجنين في بطن أمه وعلامات التشريح أما اللذة نفسها والعملية الجنسية نفسها فهذا ما لا يسمح به الدين من قريب أو من بعيد وفي هذه المرحلة بالذات توجد كل المعلومات العلمية الحديثة عن الجنس كإحساس صالح للدراسة والمراجعة والنقد وكل الكتب التي كتبت عن الجنس لم تتخط هذه المرحلة المهمة من عالم الدراسة الجنسية ككتاب الموسوعة الجنسية لخليل حنا تادرس وغيرها .
عدم وجود منهج علمي لدراسة الجنس أدخله في عالم الأساطير فبعض الناس وبلغوا من العمر فوق الخمسين وكانوا متزوجين ولهم أبناء ظلوا يعتقدون أن مجرى البول في العضو التناسلي للمرأة هو نفسه المكان المقابلة الجنسية , كما أن بعض النساء كن يعتقدن أن مجرى البول في الرجل يختلف عن مجرى المني , وبعضهم ظل على قناعة راسخة أن الحيوانات المنوية تصنع وتخرج من الظهر ومفاصل العظام , وظن بعضهم أن المرأة يمكن أن تحمل أيضا إذا لامسها الرجل من المستقيم وأفضى بها هناك , والغالبية تؤمن أن احتساء الخمر ومعاقرة الأفيون يزيد من التهيج الجنسي ويضاعف المتعة , أو أن المرأة أكثر شهوانية من الرجل وأن أعضاء ا لمرأة التناسلية هي التي تسبب لها شدة الشهوة وفداحة الغلمة , والحقيقة أن شهوة الرجل أكثر من المرأة بنسبة خمسة إلى وحد , وهناك اعتقاد شائع مخرب أن الإنسان يفقد نشاطه الجنسي بتقدم السن , وأساطير أوجاع الولادة , وما هي سوى تمدد عنق الرحم, وأن الحمل خارج الرحم يتم في تجويف البطن أو السطح الخارجي للرحم , وكان بعضهم يظن وهم من سكان المدن أن مجرد إبرام عقد مع امرأة يكفي للإنجاب , ومازال البعض يؤمن بفعل التأثير الشرق أوسطي من كتب أمثال رجوع الشيخ إلى صباه والأغاني وكتاب شقائق الأترنج في رقائق الغنج للسيوطي وكتاب مراقي الزلف أن الحديث الزوجي أثناء الجماع والمؤانسة والدلع إنما ينتج الخرس في الولد , وأن النظر إلى الفعل وإلى فرج المرأة عند الجماع يكون منه العمى في الولد والحول وصنعوا من هذه المسألة البسيطة قضية دينية استعانوا عليها بالأحاديث وفن الرواية والوضع فقالوا : سئل مالك عن النظر إلى الأعضاء الجنسية أثناء الجماع فأرخص فيه , واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل هو وعائشة من إناء واحد , وهما ينظران بعضهما لبعض .
ونشرت أمثال هذه الكتب الكثير من الأساطير مثل قولهم إن نكاح المرأة والرجل واقف يسبب مرض الرعاش ويهد الركائب وأن النكاح على جنب يسبب عرق النسا والنكاح في الحمام يورث العمى وضعف البصر وتطليع المرأة على صدر الرجل حتى نزول المني يورث وجع الصلب ووجع القلب وإن نزل شيء من ماء المرأة في الإحليل أصيب الرجل بالقتلة وهي اليرقان ( والمرأة لا تقذف وليس لها سوى إفرازات تساعد على الإيلاج وعلى حركة الحيوان المنوي عبر المهبل والرحم إلى حالب المبيض حيث يتم الإخصاب ) ثم زعموا أن وطء العجائز ( ممارسة الجنس مع كبيرات السن ) سم قاتل من ( غير شك ).
ومن أكثر ما يجب أن ينبه له المربون تلك الأسطورة التي تنتشر في بوادي وأرياف السودان وتتمدد إلى مدنه وهي أن اقتراب الإنسان من الحيوان جنسيا ينتج مخلوقا نصفه إنسان ونصفه الآخر حيوان , وربما انتشرت تلك الأسطورة من كبار السن لردع المراهقين والعزاب في المناطق الزراعية والرعوية وحيث تقدس المرأة كإلهة وحيث ينتشر العوز والكبت الجنسي الطويل من الاقتراب من الحيوانات جنسيا وهو مرض يسمى الزوفيليا ويعاقب عليه القانون حتى في الدول الأوربية وكان معروفا في العقائد القديمة قبل الأديان السماوية ولذلك حرمته التوراة ونصت على قتل الإنسان والحيوان معا لكن تحريمه لم يرد في القرآن وذلك لأن المجتمع العربي كان تجاريا أو لأن الحرية الجنسية كانت متوفرة بداخله وذلك بكثرة أنواع الزواج وإعطاء المرأة حرية كبيرة في الزواج والطلاق .
لا يمكن إنتاج مخلوقات هجينة في عالم الكائنات الحية إلا في حالات محدودة يعرفها كل من درس صفات الأحياء وذلك مثل التزاوج بين سلالتين من نفس النوع كتزاوج النمر البنغالي مع الأسيوي أو في حالة التزاوج بين نوعين مختلفين ولكنهما من نفس الجنس كتزاوج الأسد مع عائلات النمر أو في حالات أخرى تعتبر نادرة جدا ولكنها تنتج كائنا غير قادر على الحياة وغالبا ما يموت فور ولادته وذلك كتزاوج الخروف والماعز , ولكن لا يعرف في الطبيعة بتاتا إنجاب هجين بين مخلوقين مختلفين في السلسلة الطبيعية للكائنات الحية , ولذلك لا يمكن مع ووجود علاقات جنسية , ولادة هجين من إنسان وكلب ( أو إنسان وحمار أو إنسان وحصان الخ .. ) لأنهما متباعدان طبيعيا في الرتبة وكذلك لاختلاف عدد الكروموسومات أو الصبغات الجينية , فالكلب لديه 78 كروموسوم بينما الإنسان لديه 46 كروموسوما , وحتى لو تقارب عدد الكروموسوم فلا يمكن تهجين الإنسان مع الحيوانات القريبة منه في العدد , فمثلا لا يمكن إنتاج هجين بين الإنسان والأرنب الذي يمتلك 44 كروموسوما أو بين الإنسان والفأر الذي يمتلك 42 كروموسوما , وهذه الحيوانات إلى جانب قرد الشمبانزي الذي يفترض نظريا إمكانية زواجه مع الإنسان هي الأقرب من كل كائن حي آخر من ناحية الصبغات الجينية للإنسان . وبعيدا عن الإنسان فيمكن كما نشاهد كثيرا خلق هجين صالح للحياة بين الحصان (46 كروموسوما ) وبين الحمار ( 62 كروموسوما ) , لأنهما إلى جانب التقارب الكروموسومي فهما أيضا من نفس الفصيلة والرتبة , فنجد البغل يمارس مهنة أبائه في المزارع ولكن لأنه يمتلك 63 كروموسوما فإنه يكون عقيما ولا يمكن أن يتناسل مع حظيرته .
في أوائل القرن العشرين حاول عدد من العلماء الأوربيين والسوفيت أن يحرزوا قصب السبق في مضمار التلاحق ضد الطبيعة , فقاموا بمحاولات كثيرة لتخصيب إناث الشمبانزي بالسائل المنوي البشري أو تخصيب بعض النساء بالسائل المنوي للشمبانزي ولكن كما تقول المنصوصات لم تكلل تلك المحاولات بالنجاح , ولم تحدث حالة حمل واحدة , ولكن لا يوجد كائن حي واحد قريب من الإنسان مثل قردة الشمبانزي فهي قريبة من ناحية الرتبة ومن ناحية عدد الكروموسومات ولأن الإنسان وقردة الشمبانزي يمتلكان خريطة وراثية واحدة , أما ولادة هجين بين الإنسان والحمير أو الحصين أو الأبقار فمستحيل جدا , وهذا من ناحية الحقائق العلمية , أما من ناحية الشائعات , فأنت تسمع حتى في الجامعات المعتبرة في السودان ومن أفواه المعلمين من يقول بولادة سخل أو حمل أو جرو له وجه إنسان أو أطرافه أو فمه ثم مات من فوره . ولم يبق من علاقات الإنسان المحرمة بالحيوانات سوى تلك القصة التي ذكرها أحد مؤرخي القرون الوسطى عن أحد النبلاء الذي كان يملك قردة , وكان يعاشرها , إلا أنه وفي إحدى الليالي , هاجمته القردة بمطرقة ضخمة حينما أحست بغيرة شديدة , وقامت بتهشيم رأسه , وذلك لأنها رأته نائما في حجرته غارقا في أحضان زوجته . وأورد المؤرخ أن القردة أنجبت فيما بعد مخلوقا هجينا مختلط الملامح وزعم أنه رآه بنفسه . ووردت في ألف ليلة وليلة بعض قصص النساء اللائي عشقن قرودا تمتعت بالشبق الهائل والقوى الجنسية التي لا تهدأ . وكان علماء العرب في القرون الوسطى يحذرون النساء في مؤلفاتهم من خطورة التعري وكشف أجسادهن أمام ذكور القرود لأنها تشتهي نساء البشر جنسيا .
لو كانت المناهج الجنسية في مدارسنا من أجل مكافحة الكثير من الخزعبلات التي لا يمكن أن نحيط بها هنا لكان ذلك سببا وجيها من أجل تدريسها . ولكن لأننا لم نفعل ذلك ولا مرة واحدة سوى في بعض المواضع اليتيمة وعلى استحياء , فإننا نجد الأمر صعبا ومستحيلا . ونستطيع في هذه المناهج التي يجب أن يقف عليها أكبر المعلمين سنا وخبرة ومهارة وتحمسا والذين يجب أن يدربوا تدريبا عميقا على تدريسها على معالجة الكثير من القضايا الحيوية والحساسة في مستقبل المراهقين والمقبلين على الدراسة والمراهقة إلى جانب مقارعة الخرافات التي تنتشر بين كل القطاعات الشبابية , المتعلمة والجاهلة , الذين في فترة المراهقة والذين كادوا أن يتجاوزوها ولم يتزوجوا بعد . إذا علمنا حيث أجمع العلماء من الأطباء في القديم والحديث أن كل آفة تقع لبني آدم أصلها النكاح . فجلد البنات المستترات ذوات البناطلين أصلها النكاح , ومداهمة الآمنين في بيوتهم من أجل إثبات الزنا , والاغتصاب , وخطف النساء بالسيارات , وسرقة المال العام , والتعذيب والتلذذ به , وشهوة القتل وسفك الدماء , وانتشار القتل داخل الأسر , والمسافحة , والمخدرات , والأطفال بلا أبوين , والتغرير بالأطفال , وإفراغ ا لدين من محتواه بواسطة التخمة , والانحرافات السياسية والإعلامية , وتحول المربي والمعلم إلى ساكت عن الحق , أصلها كلها النكاح .
في عام 2010 وفي إحدى خطبه المنبرية دعا الصادق المهدي إلى إدخال مادة التربية الجنسية في المدارس وهو السياسي الوحيد الذي أعرف أنه يتحدث عن الغيب الذي نطأه , وعن القنابل الموقوتة التي نلف بها عقولنا , فقامت عليه حملات الذين يريدون إخفاء حقائق من أمثال أن المرأة تضرب في المضاجع أو فتح النقاش في مسائل من أمثال أتأتون الذكران من العالمين ؟ أو توسيع الإدراكات المدرسية في قضايا من أمثال حرمت عليكم أمهاتكم , وكان سبب دعوته ذاك الجهل الشبابي والمدرسي بين الجنسين بأمور مهمة في الجنس لحماية النفس والمجتمع , وانهيار الأخلاق انهيار غير مسبوق , وارتفاع نسبة اللقطاء إلى ألف لقيط في العام في العاصمة وحدها , وانتشار الإيدز بصورة وبائية , وعزا كل تلك المظاهر والبلاوي إلى الانحراف التربوي والتلاعب بالقيم الدينية والسودانية من ثلة من المنحرفين والأشقياء , ذاك الانحراف الذي أدى لرفع شعارات إسلامية فارغة من المحتوى , وقشور دينية تافهة لا يعترف به الدين ولا المتدينون ولا العصر ولا العقل , وأشار للحالة الاقتصادية المتردية التي يجب أن تعالج بعض إفرازاتها بالمقررات الدراسية الواقعية , والمرتبطة بالتفكير والخيارات الشخصية , فنحن ومنذ زمن المهدي الكبير لم نستطع أن نفرض طقوس وممارسات اجتماعية لتخفيض نفقات الزواج , وما ذلك إلا بسبب عدم وضع منهج للثقافة الجنسية , ولم نستطع أن ندمج القبائل مع بعضها البعض وتشكيل نسيج أمة واحدة متلاقحة ومتقاربة في الملامح والذكاء ذات مستقبل واحد وهوية واحدة إلا بسبب غيب المنهج المعرفي الجنسي الذي يمكن له أن يقود شعبا واحدا بدولة قومية واحدة . السبب الرئيسي لانفصال الجنوب هو عدم معرفتنا بالثقافة الجنسية . ولأن الدين كما علمنا من التجربة الماثلة قد عجز في خلقنا وتكويننا نهائيا كأمة واحدة ذات مزاج واحد فما أحوجنا لمنهج تربوي جنسي نحن أحوج إليه حتى من الدول الأوربية لحل أزمتنا الاجتماعية والسلالية التي قسمتنا حتى داخل الخرطوم إلى عرب ونوبة لأننا لم نجد الوسيلة الفكرية والروحية لإعادة امتزاجنا . كما أشار إلى استقطاب اجتماعي أو التمكين الذي أدى لانهيار الطبقة والوسطى التي حملت عبء القيم الدينية منذ أن نشأ ما يسمى بالسودان , الانحراف الإعلامي واندفاع الفضائيات بكل ما هو مثير وفاتن وجميل إلى درجة أن السودان يطأطئ رأسه لشعوره بالدمامة والانزواء في ذيل قائمة التاريخ , وأشار إلى العولمة التي فتحت المجتمعات على بعضها وعرفت الشباب السوداني بالحريات الواسعة التي تعيش فيها المجتمعات الأخرى ونجاحها اقتصاديا وانضباطها اجتماعيا , بينما يعيش هو وسط شعارات مضللة وسط ضوائق وانسدادات وكبت باسم الإسلام ونفاق اجتماعي وديني يحمل المراهق مسألة الجنس لوحده . الذين عارضوه كانوا يعلمون الآتي .
أ – يمكن أن نجمع في منهج واحد بين الدين وما ورد في القرآن وما قررته العلوم العصرية .
ب- التعليم والثقافة الجنسية توفر الحماية من تحرشات الكبار وتلقي الضوء على خدعهم .
ج- المعرفة الجنسية الفطرية لا تكفي لأن الممارسة بلا معرفة لجوانب الشعور الجنسي وآلياته يحول الإنسان إلى مخلوق غريزي كالحيوان لا يتجاوب مع الاحتياجات النفسية والروحية مع الشريك .
د- لا يمكن مكافحة الأمية الجنسية بترك المراهقين للإنترنت وإنما بالدراسة النظامية المنهجية .
ما يجب أن يعرفه الذين يعارضون برامج الثقافة الجنسية المدرسية أن عالم الأطفال ليس بريئا تماما من رذاذا المعارف الجنسية المغلوطة وإذا كان الإحساس الجنسي إحساس فطري وينشأ مع الإنسان منذ مولده فلماذا ترتعبون من تدريسه ومعرفة حدوده وضبطه وترشيده ؟ .
المنهج الذي نود أن نقترحه هنا وبكل وضوح ينبغي أن يناقش الموضوعات الآتية , ويمكن الإضافة إليه أو الحذف منه وهي :
(1) التربية الجنسية ما هي ؟ - نصائح عامة في التربية الجنسية .
(2) سلوك الإنسان الجنسي – الشهوة . العاطفة . الحب .
(3) مراكز اللذة في المخ . تشريح مراكز اللذة . العلاقة بين المخ والأعضاء التناسلية . الدماغ المحرك الرئيسي للعملية الجنسية .
(4) الهرمونات الجنسية . الذكر . الأنثى . تأثير الهرمونات على الجنس .
(5) كيف يحدث الجنس . اللمس . القبلات . النشوة .الهياج الجنسي . الغريزة . أطوار الجماع .
(6) دراسة تشريحية للأعضاء التناسلية عند الأنثى . عند الذكر . كيف يحدث الانتصاب ؟ مم يتكون السائل المنوي . الحويصلتان المنويتان . البروستاتا . الرحم . المبيضين . إفرازات الأنثى . غشاء البكارة . أنواعه .
(7) الخفاض . أنواعه . أخطاره .
(8) الدورة الشهرية . مشاكل الدورة . متى يحدث الحمل ؟ الإجهاض . أخطاره . القوانين المنظمة . نبذة عن الإجهاض في العالم .
(9) الطفولة والأمومة . لبن الأم .
(10) الغذاء والجنس .
(11) الجنس الشرجي . مضاره . أمراضه
(12) الاستمناء . ( ولابد من مناقشتها باستفاضة لأن مجتمعنا يحرم كل أنواع العلاقات الجنسية بين الجنسين ويؤيد فقهيا ودينيا العادة السرية بل يحرم كذلك كل أنواع زواج المتعة وزواج المسيار الذي أباحه بعض فقهاء السعودية . )
(13) الجنس الآمن . الإيدز . الاغتصاب .
(14) الحمل . تطور الجنين . تحديد النسل . العقم . الفياغرا .
(15) أنواع الزواج . عند الجاهليين . عند المسلمين . القبائل الإفريقية
(16) ماذا يحدث في الزواج . كيف تكون سعيدا في الزواج ؟ من تختار ؟
(17) التزاوج بين القبائل السودانية . زواج الأقارب . الوراثة . الجينات . قبائل سودانية
تتمتع بالذكاء . بالجمال . بالقوة البدنية . الأمراض الوراثية . التخلف العقلي والإنجاب .
الجينوم البشري . علم اليوجينيا الإيجابي . ما هو ؟ كيف نستعمله لتحسين صفات أطفالنا وراثيا. التشجيع على التزاوج خارج الأسرة خارج القبيلة . التهجين بين القبائل السودانية . إضعاف سلطة العائلة على المرأة من أجل إتاحة الفرصة للانتخاب الطبيعي والانتخاب الأنثوي . تلاقح الأصول الزنجية والعربية أفضل من تلاقح هذه الأصول في داخل دائرتها الثقافية والاستعلائية الموروثة .
(18) القرآن الكريم والجنسانية – دراسة آية سورة البقرة 222 ويسألونك عن المحيض و223 البقرة نساؤكم حرث لكم و 165-166 الشعراء أتأتون الذكران ( والفرق بين المثلية واللواط ) و23 النساء حرمت عليكم أمهاتكم و228 البقرة المطلقات يتربصن و187 البقرة أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم و34 البقرة واللاتي تخافون نشوزهن .( لفظ الجنسانية لفظ عام يدخل فيه كل ما يتعلق بالجنس )
إن منهج التربية الجنسية ما هو إلا منهج لتقليل مخاطر الجنس والتحرز من الأمراض المنقولة جنسيا ولتجهيز الشبيبة لفترة البلوغ الصعبة حيث سيساهم المنهج في فهم المتغيرات وحسن التعامل مع الإحساس الجنسي والقدرة على تطويره وتوجيهه والسيطرة عليه بل والاستفادة منه ومعرفة مراحل تطوره , وهذا سيساعد في تحسين الحياة المستقبلية وفي العمل وفي العلاقات الاجتماعية . كما أن الجنس أصبح علما وله من يتخصص فيه ويبحث ويؤلف الكتب بشأنه . ولحل مشكلة الانزواء والانطواء والحياء التاريخي في نفوس المربين يمكن إرسال المقرر الدراسي إلى الأسر كما يفعلون في أمريكا كي تقوم الأسرة بنفسها بالتدريس والمناقشة والحوار , وما على المدارس أو الوزارة بعد ذلك سوى وضع الامتحانات النهائية حتى تتحقق المشاركة الشعبية لأن القضية أصلا قضية شعبية وقضية اجتماعية يجب أن يثقف المجتمع بأكمله مع التلاميذ في منهج واحد , وبمثل هذا المنهج يمكن أن تتصل الجسور بين الأجيال الصامتة إزاء بعضها البعض كأن التاريخ أصبح بلا لسان , وتتغير الخارطة الذهنية وخارطة المصارحة والمكاشفة أمام أكثر مشاكلنا غموضا وسكوتا داخل الأسر , كما يساهم المنهج في التطور الجيني والعقلي المحبوس خلف التقاليد وطقوس الزواج القبلية البالية , ويخلق طفرات سلالية وجينية كما يحدث في أوربا أحوج ما يكون السودان الذي ينخرط شبابه في التطرف والعنف والفساد إليها . فلا تتطور إنساني بلا تطور جيني . ولا اتحاد سكاني وقومي بلا قومية جنسية وتلاقح عام . فالسودان كما وضع بكل تجلياته , وتعرى بكل جرأة , وكواحد من دول العالم الأشد فقرا وبؤسا وتعاسة , وكواحد من دول التطرف الديني والانكفاء التاريخي الذي ظهر بأنه لا يقبل الحضارة والتمدن يسقط شيئا فشيئا بسبب التخلف الجنسي والوراثي في أتون الوصايا الدولية التي ظهرت طلائعها في دارفور والخرطوم والجنوب وأبيي كدولة قاصرة جائعة لا توفر الأمن وليست راشدة
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.