للمؤتمر الوطني قدرة عجيبة على جهجهة الساحة السياسية وتشتيتها بمبادرات ناقصة فبمبادرة الحوار التي اطلقها المؤتمر الوطني في أواخر شهر يناير الماضي لم تأتي إلا نتيجة لمظاهرات سبتمبر 2013م التي أدت الى إحتقان الشارع السياسي بسبب غلاء المعيشة وزيادات البنزين والخبز والغاز والغضبة الشعبية التي تعرضت لها المؤتمر الوطني وبعض رموزه الذين مل الشعب رؤيتهم على مدى اربعة وعشرين عاماً بسبب تواجدهم اليومي على شاشات التلفزيون والصحف وتصريحاتهم القاسية. وبهدف الخروج من تلك الازمة السياسية لم يجد المؤتمر الوطني بداً سوى إزاحته لبعض رموزه المعنيين من المقاعد الأمامية لمقاعده الخلفية لممارسة ادوارهم السياسية من وراء حجاب. ولإتمام عملية التغيير الشكلي قام المؤتمر الوطني بإعلان بعض التعديلات الوزارية الشكلية التي تخدم حزب المؤتمر الوطن من الداخل خاصة بعد خلافهم حول أحداث سبتمبر وخروج مجموعة غازي صلاح الدين وضغط مجموعة سائحون وتأسيسهما لحزبين جديدين. ومن أجل توسيع دائرة التغيير الشكلي ولشغل الساحة السياسة بملهاة آخرى ريثما يلتقط المؤتمر الوطني أنفاسه ومعرفة نتائج البرنامج الإسعافي بالزيادات التي اعلنتها الحكومة في المحروقات وبعض السلع الأخرى قفز المؤتمر الوطني لمربع الاحزاب بأعلانه مبادرة الوثبة التي ولدت ناقصة الاركان عمداً كسباً للوقت وتخفيفاً لحدة التوتر والاحتقان السياسي. دخلت المبادرة شهرها الثالث وتُركت الحالة الحوارية في البلاد بطريقة الفراش المبثوث فالكل يموج في بعض لا يدري من يحاور من والى أين تصير الأمور مع استمرار حالة الجهجهة دون تحديد مرجعية الحوار أو آليته أو سقفه الزمني حتى يتحول الحوار لغاية لا لوسيلة تؤدي إلى توافق سياسي يهدف إلى إخراج البلاد من أزمتها السياسية والاقتصادية بل والاخطر من ذلك كله أزمتها الاجتماعية. ومع أن المؤتمر الوطني لم يقم بإعلان مرجعية أو آلية أو تحديده لسقف زمني للحوار عمداً لا يوجد ما يشير حتى الآن إلى سعي الحكومة إلى تحديد ذلك في المستقبل القريب إلا أن استمرار حالة الحوار بهذه الطريقة ستؤدي إلى إكتشاف الأحزاب السياسية التي قبلت بمبدأ الحوار بأنها لم تكن سوى فريسة أبتلعت طُعم المؤتمر الوطني وأن مبادرة الوثبة لم تكن سوى خدعة سياسية أدت إلى عودة المؤتمر الشعبي الى موقعه سالماً من نافذة الوثبة بعد خروجه من باب المفاصلة عام 1999م ولم يكن أمام الأحزاب السياسية التي اندفعت الى ساحة الحوار السياسي بكل ثقلها مثل حزبي الأمة والإتحادي الديمقراطي الأصل وحزب الإصلاح الآن من بدء سوى لملمة مذكراتها الرصينة والخروج من مولد الحوار دون حمص.. عبدالرحيم وقيع الله [email protected]