الممارسة الديموقراطية اصعب طرق الوصول للسلطة او صنع القرارات المؤسسسية غير انها اكثر الطرق المتواثق عليها قيميا واخلاقيا, وبذلك ظلت ديموقراطية وستمنستر تمثل تحدى لكل النظريات السياسة الممناهضة للفكر الليبرالى ولم تستطع صناعة فكرة جديدة تتفوق عليها, وكانت محاولة النظرية الثالثة وهى الطريق بين الأشتراكية والراسمالية فسقطت وسقط القائد وهكذا سوف تظل الديموقراطية الليبرالية والتى تحكمها قواعد نسبية تتطلب قدر وروح عالية للقبول فى حالة فقدان النتيجة او حتى النصر لايتطلب فرض هيمنة ونشوة ربما تستفز الآخر ويجنح لخلق تيارات ولوبيات تفسد النصر والهزيمة على السوداء.وفقهاء الفكر السياسى يشددون على مقولة Minority should subordinate majority مما يفتح جدلا سياسيا وفكريا وأخلاقيا فى حقوق الأقليات حتى لو كانت 49% فهى أقلية وفق الديموقراطية الليبرالية, وهكذا يتطور الفكر السياسى عبر التجارب والممارسة وهو موضوع حديثنا فى هذا المقال والذى سيكون مجالا غارق فى فلسفة المنهج الديموقراطى,وهذه الفرضية لا تعنى ان هناك التزاما وثوقيا بقواعد اللعبة الديموقراطية ,وكثيرا ما نشهد عنف ودما بعد نتائج انتخابات وهو سلوك ملازم للمجتمعات التى لا تزال فى طور التكوين , والعالم الثالث يمثل عصب هذه المجتمعات, وافريقيا تحديدا,أما قارة آسيا فتشهد استقرار سياسيا وتطور فى الممارسة الديموقراطية,خاصة دولة الهند من حيث النظام السياسى والنظام الحزبى فى ظل دول مترامية الأطراف ومجتمع يشكل فسيفساء,وحى باكستان التى تتأرجح ظلت الديموقراطية تشكل عقيدة الصراع السياسى وما صحاحبه من عنف. ومما تقدم تبرز صورة واطار تشمل الديموقراطية والتطور فى حزب ألأمة أو حزب الأمة وممارسة الديموقراطية, وهو موضوع متشعب وشيق فى نفس الوقت يفتح شهية الكثيرين للكتابة والتناول مدحا وقدحا, وبما أن حزب ألأمة منفتح على جماهير الشعب السودانى فلن يرفض النقد بصورته العلمية والعملية, غير أن المسرح النقدى يسع مهرجين كثر يجيدون فن صناعة مسرحية عبثية هم ابطالها ورواودها ,وتتم الدعوة لها تحت مسميات اخلاقية شتى ولن يفرق ان لم تجد مسرحا او مسرحية ,وحزب ألأمة التى يمتلك كما جماهيريا مقدرا لابد له ان يتلقى هذا الكم من التقييم والتقدير هذا فى شأن حزب ألأمة, أما قيادته ممثلة فى السيد الصادق المهدى وهو شخص charismatic دون شكل يشكل نقطة تلاق وافتراق بما له من ميزات شخصية وقدرات سياسية وفكرية تسهم فى بعث الحراك السياسى والثقافى وهو مشارك فى منتديات ومراكز دارسات عالمية ومحلية وما فوزه بجائزة قوسى العالمية للسلم الا نتاج هذه الجهود وهى التى خلقت حراكا وولدت صراعا وتجازبا وسط جماهير الشعب السودانى, ولم ينج حزب ألأمة فى مسيرته الطويلة من سهام المؤامرات والانقسامات ربما يكون هناك نزاعا تنظيميا او فكريا يقود fraction او حتى splitters وتتم المعالجة وفق مقتضيات التطور التنظيمى او الفكرى وهذا ما حدث فى ستينيات القرن الماضى, والمشهد الآنى الذى يصور عدد من أحزب ألأمة هذه حالة مؤقتة تنتهى بزوال السطلة ولا أدرى كيف تحتفظ سلطة بأحزاب لا تضيف لها غير عبء ومطلوبات لا تنتهى,لايهم مادام النظام يبحث له عن كورس للترديد ولزوم الجوقة والكورال,واذا ما عمدنا لتقييم موضوعنا عن ممارسة حزب ألأمة للديمقراطية وهو عنوان المقال وموضوعه فأننا سوف نجده الأوفر حظا والأعلى كعبا بين الأحزاب السياسية السودانية خاصة تلك التى تتوكأ على عصاة الديمقراطية وتتمشدق بالحداثوية والتقدمية وتفتقدها نظرية وممارسة فقط شعارات تردد بلا وعى, وكلها شعارات براقة جوفاء لاتحمل مضمونا,وهى لم تمارس الديموقراطية مما يجعلها فى موقف اخلاقى لاينسجم والدعوة لنظام حكم تعددى, وفاقد الشئ لايعطيه, لكن اعراض الممارسة الديموقراطية ظلت تلازم حزب الأمة وحمى انعقاد المؤسسات يلازم الجميع وهى حالة انتقال من ابوية حزبية نحو المؤسساتيةinstitutionalism وتسود روح المنافسة من أجل تحقيق نصر أو حتى الحاق هزيمة,ربما يكون ذلك شيئا طبيعيا أن يسعى كل فريق لتحقيق النصر وفق قواعد اللعبة ويمنع اللعب على ألأجسام والتسبب فى تعطيل الخصم بكل الطرق كذلك احترام النتيجة النهائية وفق قواعد اللعبة.الوجود المؤسسى شئ غير القيادة الآسرة التى تسيطر على كل مقاليد التنظيم الحزبى وتوجه المؤسسات بقرار وهذا ربما نجده فى الحزب الأتحادى الأصل ومولانا السيد الميرغنى الذى لايعترف بالمؤسسات,أما حزب الأمة له مؤسسات ويعقد مؤتمرات دورية لا يركن لقرارات فردية وقد تجاوز قوى اليسار مجتمعة واليمين فى تقديم أمرأة لرئاسة المكتب السياسى ومن ثم الأمانة العامة ومن قبل قدم أول أمرأة للوزارة وهى الأستاذة رشيدة عبدالكريم لهو شئ جدير بالوقوف والتأمل, ومن يعتقد أن حزبا كهذا يمكن تسيره وفق تعليمات الزعيم فهو مخطئ بحيث تدار الأمور وفق منهج ديموقراطى وهذا ما حدث عن فتح باب الترشح والأنسحاب فى اجتماع الهيئة المركزية الأخير ومن حق الرئيس أن يرشح ما يشاء لكن تخضع كل الترشيحات للمعايير الديموقراطية ,وما حدث فى ترشيح الرئيس لأمرأة يتعتبر فى ذاته حدثا خاصة أنه امام الأنصار المعروفة بضوابطها وشعائرها الدينية الصارمة مما يعتبر تطورا فى النظم الحزبية بل تطور فى الفقه الاسلامى التجديدى وهزيمة للمدرسة السلفية, خاصة أن التهم تتطارد حزب الأمة ووصفه بالطائفية والرجعية من قوى اليمين واليسار,الكتاب الغارقون فى الوصف اللائحى وفق النظام الأساسى لحزب الأمة فهذه محمدة أن جعل حزب الأمه فقها دستوريا يثرى ساحة النقاش ويكون مادة لطلاب العلوم السياسية لدراسة النظم الحزبيةparty system وهى حالة مطلوبة سوف تكسب الساحة فكرا سياسيا مستنيرا.أما تجاوز النقلة النوعية التى أحدثها حزب ألأمة الذى قدم أمرأة لتولى هيئته المركزية فهذا أمر جدير بالتأمل والتدقيق خاصة من الكتاب الباحثين عن ثقوب فى جدار حزب الأمة, وصول أمرأة لهذا المنصب المتقدم يدفعنا للسؤال بامكانية تقدم أمرأة لحكم السودان مستقبلا هل آن الأوان.....؟ [email protected]