الشريد يزعم البعض أن لديهم الترياق السحري الذي يداوي كل جراح الوطن. لكننا نكتشف لاحقاً أن الدواء داء يضاف إلى مصائبنا العظام, وأن الترياق سمٌ زعاف. دقوا طبول الحرب في زمن الكآبة والضجر لبسوا من متحف التأريخ قُبعةً حمراء والتحفوا بثوب عمر بحثوا في كل ركنٍ عن شريدٍ تاه بين ضراوة المنفى ولعنات القدر سألوا عنه طيور البحر.. أصداف القواقع...والنجوم وكل حبات المطر وبعد أن أضناهم التسآل...والتجوال في شم الجبال الشامخات وفي سراديب المغارات البعيدة ...والحفر وجدوه آخر النهار عارياً....وجائعاً على فراء شاةٍ يُحتضر قالوا...يا ابانا انهض !! فقد جئناك بالتاج العزيز بصولجان الملك... بالمجد القديم المنتظر فتحوا له عينيه زجوا فيهما من خادع البريق ومضة !! ثم قالوا...هل ترى ؟؟؟ إن السماء بأرضنا قد أمطرت ذهباً وفضة !! فتحوا فمه سقوه من عصارة الأحلام جرعتين ! ومن رحيق أجمل الوعود قطرتين ! ثم قالوا أجلس على عرش الملوك فإنه يسمو بقدرك ها قد اتى كل الرعايا يرقبون طلوع فجرك مُرْهم بما قد تشتهيه فكلهم طوعٌ لأمرك لكنه... وبرغم سيل الكلمات الطيبات أغمض العينين في صمتٍ..ومات حملوا الجسد المتعب للمثوى الأخير دفنوه بين طيات الظلام كتبوا على القبر الحزين ما يلي ! هنا ينام هنا ينام في سلام متخماً وهانئاً ...ينام دافئاً وهادئاً ....ينام قانعاً وراضياً...ينام ثم بسملوا قليلا حوقلوا قليلا غنوا لمجد الثورة الكبرى طويلا ثم ولوا دون أن يسطّروا بقية الكلام وبعد برهةٍ من الزمن حلّق فوق القبر طائرٌ مهول سلّ من جناحه الغزير ريشةً وخطّ في الفضاء أحرفاً تقول هنا.... دُفن هنا قد مات من حصاده الدموع...والأحزان.....والمِحَن بنوه ........قاتلوه وكان في الحياة...اسمه الوطن وكان في الحياة...اسمه الوطن مأمون الرشيد نايل [email protected]