أيها الوالي المتحلل: أنا ( حزين ) إذن أنا ( لص ) مقدمة : الجريمة تسبب الصدمة أو ( الحزن ) , وهذا معلوم , ومادامت الجريمة في طي الظلام , ومخططاتها في الأدراج المغلقة فلن يكون الحزن إلا كاللص الواقف أعلى الجدار يراقب النائمين وهم بالملايين لعل الله يخسف بهم الأرض السابعة أو يرسل لهم صيحة كصيحة قوم ثمود , وهنا لن يكون الضمير في إجازة وإنما لص آخر من الزمرة الملكية , وحينما يستيقظ الضمير وهو على البحر لن يستيقظ إلا على الدموع والعويل وإمارات النكسة و ( والحزن ) . " أ-بعض عصابات المافيا في اليابان يقومون بقطع إصبع أعضاء العصابة ليكفروا عن ذنب ما – في حالة فشل أو عصيان أمر من أوامر الزعيم –إنهم يجدون في العقوبة لأنهم يجدون في العمل ويضاعفون العقوبة لأنهم لا يقبلون ا لخونة , فحتى أساطين الجريمة يحبون الأنقياء ويريدون الأصفياء ولا يقبلون أصحاب عصاية قايمة وعصاية نايمة . لماذا لا تقطع مافيا التمكين أصابع الولاة , على اٌلأقل الأصبع الصغير , وهم يجيدون البتر والقطع من خلاف ؟ لماذا لا يقطع الوالي أصابع من خانوه وقصروا رقبته القصيرة وجعلوه كالسمسمة وسط حبات الترمس ؟ لماذا يكتفي الوالي بالحزن كالمحبين والعشاق وكالمراهقين والمراهقات حينما ينشدون خدعوها بقولهم حسناء والغواني يغرهن الثناء ؟ هل الحزن كفارة ذنب كصيام شهرين متتاليين وكعتق رقبة وكإطعام من وسط طعام أهل البلد ؟ أم أن الحزن أيها الوالي كالتحلل وفقه السترة والشروع في ا لزنا تلاعب بالمشاعر البشرية النبيلة وتلاعب بالدين القويم ؟ . ب- أيها المنغولي المتغطي بثقوب الإنقاذ : اسمع وتعلم حسن الاستماع كما تتعلم حسن الحديث , وتعلم فن التوبة كما تتعلم فن المداراة والدس وسوء التدبير والضحك في ظلام الليل على أصحاب الأمانات . عندما كان الوالي حزينا ومنكسرا كشيخ خلوة اغتصب طفلا كان أيضا متوترا وخائفا ويتوقع صفعة كصفعة بكري حسن صالح التي سارت بها الركبان و أمام الكاميرا ولكنه لم يقل : من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر . ولم يقل : كل ابن آدم خطاء , وخير الخطائين التوابون , بل ابتلع الدموع التي قرف منها ضميره . ت-أيها الولاة الخائفون من المحاسبة : ها أنا أعلن لكم شعار الحركة الإسلاموية الجديد : الحزن بديل للخوف . الحزن كفارة لكل ذنب حتى لاغتصاب الأطفال . كيف يحاسب الوالي الحزين كالمراهقين والمراهقات وكالمحبين والعشاق ؟ الحزن الكسيح فقط بعد اكتشاف الجريمة بالمليارات والدموع تتقاطر كدموع التماسيح , وليس بعد أن يصحو الضمير من صياحه الكاذب قبل اكتشاف العبث بمقدرات أمة من النائمين الذين أوكلوا أمرهم ومصيرهم لله الذي لا تضيع عنده الودائع ولكن من ناموا أملا في يقظة الله أيضا يستيقظون الآن ويودون أن يعرفوا أين ذهبت أموالهم ؟ ومن هم اللصوص الذين تحكروا في المكاتب وتجبروا بالأقلام ؟ وكيف تمكنوا من رقاب الناس وهي طويلة ؟ وكيف دخلوا إلى الخزائن وهي واسعة و من الذين ساعدوهم ؟ ث-أيها الوالي لا تحزن إن الله معنا . هكذا يقول لصوص المكتب قبل أن تضيفهم وسائد الأمن . ج-أما من كلب ليطلق على أحد الولاة ( الحزانى ) ليشم جرائمه الملفوفة في سلفان الأحزان, أما من صقر ليرى ما يدور تحت الأدراج وفي مجالس طفيليات الأرض وعبدة الشيطان الذي يجازي الخطيئة بملايين الدولارات , فإتش هولمز صاحب القلعة الدموية يفر من قصره وحيدا مرعوبا بعد اكتشاف مخابئه السرية , من الموت إلى الموت , ومن المكتب إلى الرئيس , كي يعتذر لمقصلة الفساد التي تنتظره على أحر من الجمر . يهرب من أنوف الحقيقة ومن عيون الجوعى والنازحين ولكن لكل قصر كبوة ولكل لص ثغرة حتى وإن كان ما يسرقه هو مرتبه الشخصي أو فراش مبيته . ح-هل الحزن دليل على اضطرابات وجدانية تجتاح السراق ؟ هل التمكين حالة متأخرة من حالات كراهية المجتمع تسبب تبلد وتعفن الحواس حتى عند الولاة ؟ هل أنتج التمكين مرض الكلبتومانيا في الحركة الآسلاموية وهو هوس السرقة حيث يعرف المريض أن السرقة جريمة , فيخفيها ما استطاع بدعاوي التزوير مثلا والانشغال بصلاة الصبح العسيرة مثلا , أو بتربية لحية بيضاء أو ممخوطة مثلا , ثم يشعر بعدها وخاصة حينما تظهر كلاب الحراسة التي تبلغ حاسة شمها أكثر بملايين المرات مما عند الإنسان , يشعر ( بالحزن ) والاكتئاب . فالحزن من أعراض داء هوس السرقة . احزن أيها الوالي وقل عندما تخرج الدولارات من أوراق السلفان : من الحزن ما قتل . خ-ليس كل المجرمين بلا شرف إلا الذين جاءوا مع سيل الإنقاذ العكر وهم يتلفتون , وسأحكي لكم ثلاث قصص . 1- هناك قانون اسمه قانون الصمت يحكم عمل رجال المافيا , فهم يتقاتلون بين بعضهم البعض بصمت , ويصفون حساباتهم حتى الموت دون أن تسمع شكوى أو أنة أو زفرة دون وشاية حتى من الضعيف المنكسر أو الذي على وشك أن يخسر معركته الأخيرة , فلا يسربون معلومة كبرت أو صغرت لشرطة أو أمن أو صحافة , يموتون كالأشجار واقفة . وهم على جرائمهم يضربون أروع الأمثلة على البطولة , وحفظ السر , والإيمان بمنظماتهم , فيموتون فداء للمجموعة التي قد تهزم اليوم لتنتصر في الغد . ولكن أنظر للإنقاذيين كأنهم تجمع أولاد ( سلسيون ) . لا يعرفون الشرف في أي مرحلة من مراحله . 2-يقال أن جزار ( روستوف ) في روسيا الذي قتل أكثر من خمسين شخصا بين امرأة وطفل في جرائم متسلسلة . قد حبسوه في زنزانة خاصة , ووضعوا كاميرات تراقبه على مدار الساعة , ووفروا حماية لزنزانته من أكفأ رجل الأمن والمراقبة , لأن جرائمه هي قتل الأطفال والتحرش الجنسي بهم وقتل النساء , وهناك في سجون روسيا من المجرمين من يرفض ذلك ويعاقب عليه فورا , فهذه الجرائم الغبية والخسيسة كجرائم نهب المال العام تعتبر لدى عصابات الجريمة المنظمة الروسية عملا مخلا ومخجلا يعرض صاحبه للقتل والتنكيل , فما أن يروا أمثال هؤلاء المجرمين معهم في الزنازين حتى ينهالوا عليهم طعنا وضربا وركلا حتى الموت . من تجرأ من مجرمي الإنقاذ الذين ملأوا أفواههم بالجراد في أي مرحلة من مراحل الشرف أن يأخذ أحد الولاة بيمينه وشماله حتى يصرخ الوالي الذي أدمن الاستثمار في الحزن قائلا : يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي؟ 3-في أي مرحلة من مراحل الجريمة هناك شرف , ولكن هيهات أن تجده في رجال الإنقاذ الذين تواروا خلف المدفعية الثقيلة للمليشيات والأمن , فقد أوردت الأهرام في 2012 قص لص في حواري القاهرة قطع يديه تحت عجلات القطار لأنه شعر (بالحزن) وتأنيب الضمير وليس كالولاة الذين يستعلمون الحزن كقناع للشرف واستدرار العطف وذر الرماد في القلوب وذلك عندما اكتشف في مرحلة من جرائمه أن بعض ضحاياه كانوا أكثر منه فقرا وجوعا ومع ذلك كانوا لا يمدون أيديهم ولا يفتحون بيوتهم للسرقة والمسروقات , فقام بقطع يديه حتى لا يتمكن من العودة إلى السرقة مرة أخرى , أم الانقاذيون فإنهم لم يستطيعوا أن يصلوا إلى شرف الحزن ( الصادق ) الذي يقطع اليدين ويسد باب الجريمة وإنما إلى ( الحزن ) القناع الذي يؤدي إلى التبرئة ومعاودة الطاق طاقين . ح-يقول الشاعر أحمد مطر : اثنان في أوطاننا , يرتعدان خيفة من يقظة النائم : اللص والحاكم . ولكن ربما لا يعرف هذا الشاعر أن الأمور تطورت في وطننا , وأن اللص والحاكم أصبحا يتجسدان في شبح واحد . خاتمة : أيها الوالي المكروب ( الحزين ) المتدثر بظلام دعوات الأسلامويين الكابية التي ليس لها نتيجة إلا ما أنت فيه الآن من الحرج وسوء التهمة والدفاع عن النفس حتى بالمصلين المساكين من رواد الفجر , أما كان لك أن تلجأ إلى دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم " ما قال عبد قط إذا أصابه هم و( حزن ) , اللهم إني عبدك , وابن عبدك , وابن أمتك , ناصيتي بيدك , ماض في حكمك , عدل في قضاؤك , أسألك بكل اسم هو لك , سميت به نفسك , أو أنزلته في كتابك , أو علمته أحدا من خلقك , أو استأثرت به في علم ا لغيب , أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي , ونور صدري , وجلاء ( حزني ) , وذهاب همي , إلا أذهب الله همه , وأبدله مكان ( حزنه ) فرحا . " أو بالعدم أما كان لك أن تلجأ إلى دعاء ذي النون وهو في بطن الحوت وتكون واضحا مع شعبك ورئيسك وتقول " لا إله إلا أنت سبحانك , إني كنت من ( الظالمين ) . " خالد أبوبكر أبوعاقلة [email protected]