بسم الله الرحمن الرحيم في الذاكرة قصة السوداني الذي يخدم في قصر الحاكم الإجليزي وكان يستقبل أهله ويقضى حوائجهم متى إستعانوا به على مخدومه الخواجه ،وبعد الإستقلال ظهرت عليه آثار النعمة بعدما استفاد من عطايا المسئول الإنجليزي جزاءاً لخدماته الطويلة الممتازة . وفي مرة زاره قريباً له وبعد أن أنزله مقامه بقوله (يا خالي) طلب عطية من مال يسدبها حوجته ولكن تفاجأ بزجرة منه وانكر عليه مناداته ب (يا خال )فغضب الرجل غضباً شديد ورد عليه (بالحيل ماك خالي فليس لي خال ساط الحلة وشال بنت الإنجليزية). تذكرت هذه الطرفة وأنا أتابع الحديث الكثيف عن الفساد والمعلومات الغزيرة عن فساد الأراضي. ولكني للأسف لم أجد غير قضية الأقطان ومكتب الوالي وبعض تقريزات المعارضة لرموز النظام ونشرها لبعض الصور لقصور مدعاة لقيادات الحزب الحاكم .وحتى أكون دقيقاً فهي لم تخرج من كونها إتهام لموظفين إستغلوا الوظيفة وهذا فساد طبيعي يحصل في أرقى الأنظمة الديموقراطية الغربية فقضية الأقطان المتهم فيها ذو خلفية يسارية وهو من بقايا نظام مايو أو ديموقراطية الصادق المهدي إن لم تخني الذاكرة . فلن نلتفت الى من بدأ الفساد بالتاكسي التعاوني ولن نهتم (بغسان) الذي لم يتجاوز عمره سنتين في 30ينويو 89م( يعنى شافع ساكت) .وسندع وكيل نيابة صغير وقاضي درجة أولى يقوم بالمهمة . وبالقطع الفساد في النظام استشرى ورائحته أزكمت الأنوف حتى جعلت منسوبي النظام يرفعون المذكرات يطالبون بمحاربته قبل أكثر من ثلاثة أعوام (مذكرة الأف أخ) ولكن أن تصبح قضية خرجت للإعلام عبر والي الخرطوم نفسه لتشغل الرأي العام وتصرف السياسيين عن قضايا الحوار من حريات وحكم إنتقالي لوقف الحرب ومعالجة معيشة الشعب لشئ يدعو للريبة .وهنا يحضرني الذين أثاروا غباراً كثيفاً حول الفساد وجدتهم ثلاث فئات .الأولى معارضين إهتموا بإلصاق التهمة برموز النظام ليحققوا غرضين الأول إثبات فشل التجربة الإسلامية وبوار مشروعهم وإنتهازيتهم ويعززون بها موقفهم الرافض للحوار وهذا لعمري ترف سياسي وإنصراف عن قضايا الوطن الملحة . فجملة المبالغ المتحدث عنها في هذه القضايا لن يتجاوز المليار دولار وهو المبلغ المطلوب لحل أزمة الحرب في دارفور عام 2003م ومع تطور الحرب وإرتفاع القتلى الذين بلغت تقديراتهم ما يقارب النصف مليون مع الأعداد الكبيرة من النازحين والمهجرين الذين فقدوا أموالهم وأملاكهم وهو ما يفوق العشرة مليار دولار في أقل تقدير مع إعتبار حرمة النفس التي لا تقدر بمال فكيف لمن يضربون الخدود لأموال نهبت ويتجاهلون دعاوي وقف الحرب وحفظ الأنفس ولكنه ترف وسطي نيلي وجدل سياسي لو سألت ثكلى من دارفور أو نازح عن خيار بين العشرة مليار والعيش الآمن الكريم لإختار الأمن والسلام . ولأصبح الحديث عن الفساد مستساغاً لو كان النشر بالمستندات عن وزير أو مستشار إتحادي ،فلا يكفي نشر صور لبعض منازلهم التي يسكن مثلها الفنانون ولاعبي الكرة . أما الفئة الثانية التي تهتم بقضية النشر عن الفساد فهم إسلاميون إختاروا الحياد عند المفاصلة أو شعبيون بعدت عليهم الشقة فاستجابوا لإبتزاز السلطة فتعهدوا بترك السياسة والتخلي عن حزبهم مقابل وظيفة يقتاتون منها أو تجارة يخافون عليها أو منسوبون للحزب الحاكم إنطلت عليهم دعاوي الدولة الإسلامية فلما إستفاقوا على مليارات الفاسدون ثم تمنوها لهم . وهؤلاء لن تجرفنا دعاويهم وبطولات يدعونها بالنزاهة وشجاعة النشر وملفات يدعون معرفتها فقد سكتوا عن الفساد أعواما وركنوا الى الظلم دهراً.فإن كانوا جادين عليهم إثبات فساد قيادات الإنقاذ والحزب الحاكم والأجهزة الأمنية والعسكرية ،. أما أن يكون المتهمون صغار الموظفين والأعوان فهذه فرية لن تنطلي علينا. أما الفئة الثالثة فهي مراكز القوى في النظام التي لاترغب في الإنفتاح ولاتدعم أي تسوية سياسية لمشكلات البلاد خوفاً على مصالحها وهي من تدير كل هذه الجلبة عن الفساد وقد بلغت نجاحاً مقدراً فقد نسي الناشطون الحديث عن الحريات والفترة الإنتقالية ووقف الحرب وصرفوا جهدهم في نشر الحديث عن الأراضي والمليارات المنهوبة وكأنا قطعنا شوطاً في التغيير .فقد خرجت الشعوب العربية تهتف الشعب يريد إسقاط النظام لأنها علمت أن أي حديث عن إصلاح قبل الإنتقال لن يجدي ولم تفتح ملفات الفساد ورد الأموال الا بعد نجاح الثورة . فمن الذي يعمل على إجهاض مشروع الإنتقال السوداني قبل نضوجه .؟ عموما توهم البعض أن الحديث عن فساد مكتب الوالي وشركة الأقطان سيسقط الإنقاذ ولكنهم نسوا انها الجرادة التي عضتها حية الثورة السودانية . [email protected]