عندما فرضت الدولة استخراج شهادة القيد المدني التي تحتوي على الرقم الوطني على كل المواطنين كوثيقة ثبوتية بدلاً عن الجنسية السودانية كان لزاماً عليها أن تيسر عملية استخراجها لأي مواطن أياً كان مقطنه في شتى بقاع السودان الممتد , فللأمانة و التاريخ و على مستوى المدن الكبيرة فإن الدولة لم (تقصّر) في حق مواطن في هذا الخصوص , فكل الإجراءات المتبعة في استخراج شهادة القيد المدني مجانية و ميسرة للحد البعيد فقد قمت باسخراج شهادتي بتلك الطريقة الميسرة من مدينة كادقلي قبل أكثر من عام فقط تسدد الرسوم مقابل استخراج البطاقة القومية الوثيقة الثبوتية الأكثر أهمية و أكثر شمولاً , أما فيما يتعلق بالأقاصي و الأمصار و الأرياف و صغار المدن فإن الأمر لجد مختلف تماماً و يعطي انطباعاً بأن إنسان الهامش أقل قيمة من غيره , فالطريقة التي يتم بها استخراج الرقم الوطني تثير الدهشة و أحياناً الغضب حد الضحك فأول ما يتم التوقف عنده هو الرسوم المفروضة مقابل استلام الأورنيك الذي يملأ بواسطة المواطن و التي حسب علمي في مدينة رشاد قيمتها 20 ج عشرون جنيهاً و عندما سألنا عن سبب فرض تلك الرسوم قيل بأن منها حوالي 15 جنيه مخصصة لإعاشة التيم العامل علماً بأن أفراد هذا التيم موظفو دولة يؤدون في واجبهم لا أكثر و لزاماً على الدولة أن توفر لهم ترحيلهم و إعاشتهم و هذا ما ثبت من خلال الاستفسار لا سيما و أن الإدارة العامة للسجل المدني لها سمعتها كإدارة تابعة لرئاسة قوات الشرطة التابعة لوزارة الداخلية فالأمر في هذه الحالة له عواقبه أما باقي المبلغ و هو 5 خمسة جنيهات فقيل بأنها مخصصة لما يسمى بلجنة تدمير عفواً تطوير مدينة رشاد علماً بأنه قد تم تخصيص مبلغ من حكومة ولاية جنوب كردفان و قدره 420000 فقط أربعمائة و عشرون ألف جنيه سوداني لهذا الغرض و لم ندر حتى الآن هل تم استلام المبلغ من الولاية ؟و من المستلم ؟ أم أن الأمر كان ألعوبة سياسية للتخدير فبقي للجنة تدمير عفواً تطوير مدينة رشاد أن تتسلط على جيوب المواطنين و تدخل في معيشتم التي ترفدها معاول الكدح و المعاناة عبر منفذ استخراج الرقم الوطني ؟ و الأدهى و الأمر فإن مراكز استخراج الرقم الوطني صارت مراكز تجارية من الدرجة الأولى فهي تحتوي على قسم لتصوير المستندات بأسعار خرافية و استخراج صور فوتوغرافية بأسعار توحي بأن مستخرجيها يعانون من داء السعر ( مبلغ 15 جنيه لصورتين باسبورت ) هذا مع الاحتكار التام لهذه التجارة و رفض كل الصور التي تأتي من خارج المراكز متعللين بأنهم يريدون صور بمواصفات معينة و أبعاد محددة ( حلوة أبعاد دي ) مع خالص تأكدنا بأن الصور الفوتوغرافية لديهم لا شئ يميزها سوى ( الكلفته ) , فالأمر و بكل وضوح فيه استغلال وحشي للحد البعيد لبساطة المواطنين و أحياناً ( عوارتهم ) فيبقى السؤال الملح : ما هو دور الدولة ممثلة في رئاسة قوات الشرطة إزاء هذا الموضوع ؟ و أخشى ما أخشى أن يكون أبناء المنطقة أو أعضاء ما يسمى بلجنة تدمير عفواً تطوير مدينة رشاد ضالعين في هذا الأمر و قد يتكررهذا الفساد في شتى الأماكن النائية عن كبريات المدن و قد نما إلى علمي بأن بعض القرى ستصل رسوم الأورنيك فقط فيها إلى 50 ج خمسين جنيهاً ( و الله يكضب الشينة ) , ففي كل الأحوال نريد التعامل مع مثل هذه الظواهر بحسم فتجاهلها يجعل المعنيين بالأمر في قائمة المشجعين على الفساد و الثراء الحرام . [email protected]