كثيراً من الروايات عن ظاهرة تقمص أو تلبس التوائم أثناء النوم ليلاً على هيئة القط أو حشرة مثل الذباب وتتحرك ليلاً على هذه الصورة تروى في مجتمعاتنا النوبية. وإذا رويت لأي إنسان غير نوبي أو سوداني مثل تلك الروايات سوف تثير استغرابه واستهجانه في نفس الوقت أو يصفك بالجنون وربما بالكفر فكيف لإنسان أن يتحول قطاً؟ وهو السؤال البديهي الذي سيبادرك به من يسمع مثل هذه الحكايات. فلماذا نختص نحن النوبيين والسودانيين بتلك الظاهرة دون أجناس البشر في العالم؟ وهل هناك ارتباط بقدسية القط لدى قدماء المصريين بهذه الظاهرة؟ إن قدماء المصريين كانوا يعتبرون القط ضمن (الحيوانات المقدسة)، يقول هيرودوت: ((إن المصري ليترك أمتعته تحترق ويخاطر بحياته لينقذ قطاً من الحريق، وقتل العامة مواطناً رومانياً لأنه قتل قطاً)). والأسد من نفس الفصيلة القططية، ويرجح أن ظهوره يعود إلى عصور ما قبل التاريخ. تقول الأسطورة: «غضبت عين الشمس، ابنة رع، فتحولت إلى لبؤة هربت إلى بلاد النوبة. فعملت محاولة لمصالحتها، فاتخذت لبؤة النار صورة (الربة القطة) (باستيت) Bastet.. (آلهة الحب والخصوبة، والمرح)، ففي مدينة بوباستيس وهي واحدة من أكبر المدن القديمة في مصر وتعرف الآن باسم (تل بسطة). وصارت (بوباستيس) عاصمة للبلاد حوالي عام 945 ق.م في عهد الملك (شيشونك الأول مؤسس الأسرة ال22، ثم خربت المدينة بعد ذلك على يد الفرس حوالي عام 350 ق.م. وشكلت القطة الرشيقة الآلهة (باستيت) معبودة عظيمة لتلك المدينة القديمة ، وكان معبد (باستيت) جوهرة المدينة المعمارية. بدأ تشييد المعبد في عهد (خوفو) و(خفرع) من الأسرة الرابعة. واسترضاءً لها، وتودداً إليها، وكقرابين نذرية.. كان يودع بمعبدها كثيراً من التماثيل الصغيرة تشخصها في شتى الصور. فلبعض هذه التماثيل جسد امرأة ورأس قطة، وأخرى تمثل القطة وهي ترضع صغيراتها. ومنها في صورة (الملكة القطة) منتصبة القامة... ولها هيبة ووقار وهي جالسة على عرشها متحلية بالجواهر، وعلى أهبة الاستعداد للوثوب. وكذلك ما يصورها وديعة، جالسة على مؤخرتها بذيل طويل ملتف حول رجل واحدة وآذان طويلة نسبياً. ويخلق الوضع الشامخ والمنتصب للقطة وتعبير العينين اليقظ تأثير للعظمة. وهنا السؤال الذي يطرح نفسه هل لكل ما سبق ارتباط بالاعتقاد السائد في النوبة والسودان بأن التوأم تتلبس روحه جسد قط لمجرد أن ينام فيأخذ هذا القط في التجول في الأماكن القريبة من دائرة البيت، ويؤكد الناس في النوبة بأن الطفل التوأم النائم يحظر مسه أو إيقاظه من النوم حتى لا يتعرض للموت. ويتم التحذير من إلحاق الضرر بالقط مقطوع الذيل. عادل سيد إبراهيم [email protected]