و الجاهل من كان عظة نفسه، هذه العبارة من الأقوال الحكيمة المشهورة منذ زمن بعيد، ورغم ذلك قليل من الناس من اتعظ بغيره وخصوصاً في مجال الحكم والسلطة، ولاندري هل يرجع ذلك لحالة "قلة عقل" تصيب الحاكمين أم أنه تحور جيني يصيب الإنسان عند تسلمه الحكم، أم أن شهوة السلطة من مغيبات العقل؟، وقد سأل رجل بعض حكماء بني أمية.. ما كان سبب زوال نعمتكم، فقال: {قد قلت فاسمع وإذا سمعت فافهم، إنا قد شُغِلنا بلذتنا عن تفقدِ ما كان تفقدهُ يلزمنا، ووثقنا بوزرائنا فآثروا مرافقهم على منافعنا، و أمضوا أموراً دوننا أخفوا علمها عنا، وظُلِمت رعيتنا ففسدت نياتهم علينا، و يئسوا من إنصافنا فتمنوا الراحة لغيرنا، وخربت معايشهم فخربت بيوت أموالنا، وتأخر عطاء جندنا فزالت طاعتهم لنا، واستدعاهم مخالفونا فتظاهروا على أمرنا، وطلبَنا أعداؤنا فعجزنا عنهم لقلة أنصارنا، وكان أول زوال ملكنا استتار الأخبار عنا}، وفي هذا المقام أيضاً قال الشاعر الحارث بن كلدة في هذا المعنى: "إن السعيد له في غيره عِظَةٌ وفي الحوادث تحكيم ومُعْتبرُ" وفي تأويل قوله تعالى: {وَيَقَوْمِ لاَ يَجْرِمَنّكُمْ شِقَاقِيَ أَن يُصِيبَكُم مّثْلُ مَآ أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مّنكُم بِبَعِيدٍ}. حيث جاء من ضمن تفسير الطبري "وما قَوْمُ لُوطٍ الذين ائتفكت بهم الأرض مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ هلاكهم، أفلا تتعظون به وتعتبرون؟ يقول: فاعتبروا بهؤلاء"، وللعلم أيضاً أن الشخص المذكور في الآية الكريمة والذي أسدي النصح لقومه هو رجل من آل فرعون يكتم إيمانه، إي بما يوازي شخص في الحزب الحاكم أو مكتبه القيادي. لذلك فإن القائمين علي أمر نظام الإنقاذ من أكثر المعنيين بالعبارة عنوان هذا المقال، لأن الأخطار والمهدادت التي تحيط بالوطن أكبر من أن يتصورها العقل، كما أن مطلب الإتعاظ لايعني بالضرورة من هم في قمة السلطة فقط وإنما كل فرد محسوب علي هذا الحزب أو من شايعه، أوحتي الواقفين علي الحياد، لأن الكارثة ستقع علي رأس الجميع بدون إستثناء. أما الإتعاظ بالغير أيها القارئء الكريم فليس بالضرورة أن يكون بالأمثلة السيئة، ولكن أيضاً بالأمثلة التي أُحسن فيها التصرف، عليه يمكن حصره في مثالين وما بلدان ليبيا وتونس عنا ببعيد، وليبيا وتونس مثالين يقفان علي طرفي نقيض، فليبيا أصر فرعونها القذافي علي الدفاع عن حكمه حتي آخر رمق، والكل يعلم ما آلت إليه الأمور الآن في ليبيا، فلم ينجو القذافي وإنزلقت ليبيا في مستقع الفوضي. أما تونس فبن علي وأيضاً حركة النهضة قد آثرا سلامة البلد والمجتمع علي التمسك بالسلطة، وها هي تونس تنجح في إمتحان الإستقرار والديمقراطية. فهل نتعظ ونكون من العاقلين ؟؟ ،، سؤال ينتظر إجابة ود الريس [email protected]