عندما يواجه المرء سؤال الوجود والبقاء ،على الوجه السلبي ، بما يفيد أنه غائب أو لم يعد موجوداً إن التصرف البديهي والمنطقي لهذا الشخص هو أن يظهر للعلن ظهوراً واضحاً وصريحاً ، وتماماً كما تعود أن يظهر دائماً . لاحظ الناس غياب السيد/ عمر البشير ، وهو المغرم بالظهور حيث لايفوت مناسبة أو فرصة إلا وظهر مخاطباً الناس منهياً مخاطباته بالرقص الشاهد أنه لم يعود الناس على صمته ولا على غيابه . ولذلك كان طبيعياً أن يتساءل الناس عن سر غيابه وصمته وانتشرت التسريبات والشائعات بعضها يحاول أن يكون موضوعياً ويرجع صمت البشير إلى تفاقم مشاكل صحية في حلقه تمنعه النطق أو تجعله صعباً في أفضل تقدير وبعض الشائعات والتقديرات ذهبت إلى أن وضع السيد/ البشير دقيقاً وحرجاً وأنه يعاني من أورام خبيثة بدأت في الحلق ثم انتشرت وتستند تلك التقديرات إلى عملية إجراها البشير في العاصمة القطرية الدوحة ورجحت أنه يحتضر أو مات دماغياً. السلطة التي تعودت أن تشتري الوقت ليحل لها مشاكلها المزمنة فضلت أن تواجه سؤال وجود البشير بإلأعلان عن أنه قد أجرى عملية جراحية في ركبته لتلهي به الناس حتى تتفتق عبقريتها في شراء الوقت ،عن مبرر جديد أو حبكة أو حيلة مخادعة ، يظنون أنها قد تنطلي على شعبنا . ولما كانت عملية جراحية محدودة وفي مكان غير حساس ليست بالمبرر الكافي لغياب البشير ، عمدت السلطة إلى إخراج صورة للبشير سرعان ما تبين أنها قديمة لتستخدمها في حبكة إثبات أن البشير موجود و معافى ويقوم بإستقبال الناس. التبريرات الواهية والصورة الحبكة، عززت التقديرات التي تقول أن البشير غير قادر على الظهور أي أن محاولات السلطة تمخضت عن نتائج سلبية ، وظل السؤال قائماً ومحرجاً للسلطة خاصة بعد أن برز سبب جديد غير الوضع الصحي الحرج وهو أن البشير قيد الإقامة الجبرية ومتحفظ عليه ( تسريب ضعيف الاسناد ) من قبل قوات الجنجويد التي أستأسدت حتى على الجيش المغلوب على أمره . ومرة أخرى لجأ حاوي السلطة إلى الفبركات والتسريبات ، حيث تابعت الوسائط توجه مدير مكتب البشير الفريق طه عثمان إلى العاصمة الإمارتية أبوظبي وفي معيته الشخص الذي عرف ب( شيخ جكس بيبسي ) وسط دهشة الناس وحيرتهم ، بل وإسيتائهم لتصرف السلطة التي بدلاً عن بعث مسؤولاً رفيعاً أرسلت شخص لاصفة رسمية له ، و يصنف بحسب رأي واسع أنه شيخ طريقة أو دجال ولم تراع السلطة بفعلتها هذه موقف الإماراتيين والخليجيين عموماً ، الرافض لفكرة التصوف والتي يعتبرونها ضرباً من الدجل والشعوذة وفقاً لتأثيرات الوهابية ذات النفوذ الواسع في المنطقة ، فما الذي أجبر السلطة على هذا التصرف الصادم والذي جعلها تصدر تعميماً تنفي فيه أن الشيخ(ليس مبعوثاً رئاسياً ) والسؤال ، لماذا ذهب المتشيخ في معية مدير مكتب الرئيس ؟ لماذا غامرت السلطة بسمعتها ، وهي أصلاً محل سؤال وموضع إتهام من قبل حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة في سياق حملتها ضد أرهاب الاخوان المسلمين وعرضت نفسها إلى مخاطرة كبيرة وخسارة ضخمة ؟ لابد أن يكون هناك سبب قوى ومعادل لتلك الخسارة وفي تقديري أن السبب يكمن في حاجة السلطة الملحة لإبتكار إجابة عن سؤال غياب البشير . إجابة تخفي الحقيقة وتؤجل الصراع على المقعد للرئاسي ريثما تتم وتستكمل الترتيبات لمصلحة طرف في السلطة هو ذاته الطرف الذي كشف وروج ملفات الفساد لتجري بسببها مسائلات وتحقيقات تضعف ، أن لم تكن تعدم ، فرص المنافسين الآخرين . العبقرية الأمنية للسلطة الحاكمة وجدت أن بحوزتها صور قديمة للشيخ / (جكسي بيبسي )، فطفقت تبحث عن مناسبة لتخرج وتروج بها تلك الصور ، في سياق حبكة متقنة فلم يجد مدير مكتب البشير غير أن يصطحبه معه إلى مقابلة مسؤولي حكومة أبوظبي ، إصطحاب منكور الهدف والمبرر وفقاً لتعميم القصر الرئاسي برغم فاتورته المكلفة ، أقدموا عليه لضرورات سبك الحبكة ، لكن فاتهم أن يلزموا الشيخ (جكسي بيبسي) المغرم بالتعليقات والإزياء الغريبة بارتداء ذات اللبسة التي تصور بها في السابق مع البشير ، مما ضرب الحبكة في مقتل وبات سؤال الوجود قائماً ، أين البشير ولماذا هو صامتاً على غير عادته ؟ ولماذا لم يخرج إلى الجماهير في لقاء عام علني ليحبط التخمينات ، ومن ضمنها مقالي هذا ؟ ستدور شيمة التحليلات وسوف تجرف الأكاذيب و المحاولات الخائبة في دوائرها وليس أمام السلطة مخرج غير ظهور البشير في مخاطبة جماهيرية أو إصدار بيان رسمي يفيد عن الحالة الحقيقية للبشير ووضعه الصحي ، وبالعدم ، سوف يزدهر سوق التكهنات والتوقعات حتى الآن لم يظهر البشير جماهيريآ ، ونشرت صور له غير مقنعة و لاتفيد بشيئ ولم يصدر من القصر و لا من القيادة العامة ولا من المؤتمر الوطنيى بيانآ وافيآ و شافيآ لا يعنيني البشير إلا بقدر تأثير غيابه أو تغييبه على وضع الدولة السودانية حال نشوب صراع حول السلطة قد يؤدي إلى سقوطها و انهيارها بما يفتح الباب إلى إستعادة الديمقراطية و إنقاذ الوطن [email protected]