بينما كان غوتييه لوفيفر (35 سنة) يتنقل في الحدود السودانية التشادية كأحد أفراد منظمة الصليب الأحمر العامل في المجال الإنساني بإقليم دارفور لعمل المسوحات لحصر كافة اللاجئيين بالمنطقة بغرض تقديم المساعدات الإنسانية والذي لم يدم على قدومه من مكان إقامته الأصل ببرطانيا سوى بضع شهور ليتم القبض عليه كرهينة. ذهنه كان خالياً من أنه سيصبح صيداً ثميناً لبعض المجموعات المتفلته بالإقليم كاسير يكتسب من إطلاق سراحه ألاف الدولارات ، غوتييه لوفيفر يدرك جيدا طبيعة حيثيات الخطر الذي يحدق به إلا أن طبيعة عمله حتمت عليه أكثر من ذلك ليصبح الأسير الأول للمختطفين لتقود منظمة الصليب الأحمر عمليات من المساومة بين المنظمة والخاطفين تصل فيها قيمة إطلاق سراحه لأكثر من 150 الف يورو على حسب مانقلته الصحيفة الإيرلندية التي تابعت تفاصيل القضية . غوتييه لم يكن وحده ضحية لمثل تلك الهجمات المتردده من المختطفين كأساس لعملية يتكسب من وراءها المختطفين بل أصبح واقع تعاني منه المنظمات العاملة في ذلك المجال وماذاد الأمر سوءا هو إستجابة المنظمات ودفعها للفديه كأساس للتسويه ليصبح الإختطاف مسألة دخل لكل من هب ودب من الخاطفين. منذ عام 2004 وهو تاريخ دخول المنظمات الإنسانية للإقليم بدأ واقع الإختطاف في تزايد، حيث ظل المتابعون يتفاجأون بين الحين والأخر بأخبار عن اختطاف موظف يتبع لمنظمة إنسانية أو جندي يعمل بقوات حفظ السلام، مسلسل الاختطافات لم يتوقف وتطور الأمر حيث أصبح الخاطفون يطالبون بفدية مالية مقابل الإفراج عن المختطفين وقد بلغت حصيلة الاختطافات حتى عام 2011م أكثر من ثلاثين حادث اختطاف لعمال المنظمات الأجانب وقد بقى بعضهم مختطفاً لعدة شهور وهو أمر له أبعاده الخطيرة على الإقليم خاصة على المستوى الإنساني، فالمنظمات العاملة في المجال تقدم الكثير من الخدمات في مجال المياه والصحة والتعليم والغذاء والكساء وقد أثرت حوادث الاختطاف ونهب السيارات على عمل هذه المنظمات لدرجة أن بعض المنظمات أعلنت صراحة أنها تدرس تعليق نشاطها في دارفور بسبب ما تتعرض له من عمليات اختطاف ونهب للسيارات وهذا بدوره يؤثر سلباً على المدنيين المستفيدين من نشاط هذه المنظمات بالإقليم . بعثات الإغاثة الإنسانية في الإقليم تواجه العديد من الإشكاليات المعقدة التي تعترض أداءها لمهامها، إذ لم تعد بعثات الإغاثة بمعزل عن تبعات تزايد وتيرة المواجهات المسلحة، بجانب معاناتها من استهداف عسكري متواصل يجعلها غير قادره على حماية نفسها دعك من حفظ الأمن والسلام بالمنطقة، منظمات حفظ السلام أصبح منسوبيها يتقلص دورهم في الإنغلاق على أنفسهم بعد الهجمات المتلاحقة من قبل الحركات المسلحة بالإقليم سواء عبر التصفية الجسدية، أو الإصابة المباشرة، أو استهداف المقار الخاصة بها، أو التعرض للحصار والاختطاف، فضلا عن بعض القيود التي تفرضها الحكومات على أنشطتها ، مما يؤدي إلى مضاعفة أزمات الأمن الإنساني في مناطق الصراعات، نتيجة تلازم معاناة المدنيين في خضم الصراعات المسلحة مع تعثر وصول المساعدات الإنسانية إليهم. تقرير من أربعة ورقات لخص كل مايؤثر على تلك المنظمات عبر المراجعة التي قام بها لتقييم حالات استهداف أطراف الصراعات الداخلية لبعثات الإغاثة الإنسانية على المستوى العالمي حيث كشف التقرير عن تصاعد مضطرد في الآونة الأخيرة، في ظل مساعي أطراف الصراع للتحكم في احتياجات المدنيين كآلية لإدارة الصراع، فضلا عن محاولة الاستيلاء على الإمدادات الإنسانية لسد احتياجات الوحدات العسكرية، أو الحصول على فدية من جانب المنظمات الدولية مقابل الإفراج عن المختطفين من عناصرها. وفي هذا الإطار؛ يُشير تقرير أمن عمال الإغاثة الصادر عن مؤسسة Humanitarian Outcomes"" قبيل نهاية عام 2013، إلى أن الهجمات التي استهدفت المتطوعين في مؤسسات الإغاثة قد ارتفعت من 151 هجومًا إلى 167 هجومًا خلال عام، وأن عدد ضحاياها تجاوز 274 متطوعًا أجنبيًّا و225 متطوعًا محليًّا، وتكشف إحصاءات المؤسسة أن دول الشرق الأوسط تتصدر حالات استهداف العاملين بالإغاثة الإنسانية، وفق ما يوضحه التقرير . هذه المواجهة المباشرة بين المنظمات والمتمردين تقود لمطالبة بعض الدول التي ينتمي إليها المختطفين بالمشاركة في تحرير مواطنيها من الاختطاف باعتبار أن الاختطاف يندرج تحت قائمة الأعمال الإرهابية وخاصة أنه يرتبط في معظم الأحيان بدفع فدية وهذا يعني أنه ليس لأسباب سياسية وإنما عمل إجرامي بحت، خاصة انه لازالت أعمال الخطف ونهب السيارات مستمرة ولازالت المنظمات الدولية والهيئات العالمية العاملة في دارفور تمد حبال الصبر الأمر الذي يلخص واقع ضعف تلك المنظمات المسؤولة من حمياة الأمن بالإقليم وتوفير السلام، وهذا يدعوا لمراجعة قوات حفظ السلام لموقف قواتها من خلال التقيم للدور الذي تقوم به لمهام حماية المواطنين . مجاهد باسان [email protected] الرأي العام