والحريات السياسية لكل الأحزاب حتى العلمانية منها يحقق الإستقرار السياسي في السودان ولا يتنافى مع الإسلام أهل السودان النبلاء يلزم التوحد من أجل القيام بالثورة وترك الخلافات جانباً لأن الثورة لم تكن يوماً لنصرة إتجاه أو فكر على آخر لكنها من أجل الحرية والحرية فقط كما يقول الخبراء. وبعد إسقاط النظام ونيل الحرية يمكن للكافة أن يعبروا عن أرائهم وإتجاهاتهم فى مؤتمر الحوار الوطني والجمعية التأسيسية، فالخلافات قبل التحرر عبارة عن جهل، تخلف وسفاهة فى الرأى. وقد توصلت البشرية بعد عناء طويل لمعركة راشدة وراقية سلاحها الشعب ولا عنف فيها وهي الديمقراطية فهي بمثابة وسيلة لتهذيب للخلاف دون القضاء عليه، فمثلاً أنا شخصياً سلفي وأعتقد أن العلمانية كفر و سألجأ للشعب للنصرة وليس لتحديد الحق من الباطل فإذا ناصرني نفذت برنامجي ، وإذا أختار العلماني فسأظل علي منهجي رغم هزيمتي وأقول :العلمانية كفر (كفر الفعل وليس المعين) وإن فازت ، وسأظل معارضة وفيَّة للحكومة العلمانية حتي ميعاد المعركة التالية (الدورة الإنتخابية ) وهكذا ، وعلى الطرف الآخر أن يتقيّد بقواعد الصراع الراشد(قواعد اللعبة الديمقراطية) ، وقد قال حبيبنا المصطفى للكفار يوم صلح الحديبية بعد أن رفضوا كتابة رسول الله في مسودة الصلح:(والله إني لرسول الله وإن كذبتموني اكتب محمد بن عبد الله) فقد وافقهم على مسح الشهادة من وثيقة الصلح مع عدم إقرارهم شرعاً، لذلك لا يجوز للمسلم أن يقر الباطل عند كل ظرف ولكن يتعامل معه بطريقة مشروعة ونجد أن الله سبحانه دلّ على إستخدام الشعب لنصرة الدين متي احتاج المسلمون لذلك قال تعالى:{قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ}.[هود:91] فقد نجا شعيب من رجم قومه بسبب رهطه بفضل الله ، وسبحان الله رب العالمين العالم بما كان وما سيكون، وبهذا يتضح أن الشعب المسلم هو سلاح الله لنصرة دينه وشريعته في هذا الزمان . وأن السبيل الدستوري السلمي هو السبيل الأوحد في فهمنا لنصر الإسلام وقيام الدولة الإسلامية الصحيحة ومن ثم الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي بشر بها رسولنا في آخر الزمان، قال العلامة المحدث السلفي أحمد محمد شاكر(توفي1958):(سيكون السبيل إلى ما تبغي من نصر الشريعة السبيل الدستوري السلمي أن نبث في الأمة دعوتنا ونجاهد فيها وتجاهر بها ثم نصاولكم عليها في الإنتخاب) من رسالة بعنوان الكتاب والسنة يجب أن يكونا مصدر القوانين في مصر. فإذا تقرر هذا نعلم خطأ جماعة الإخوان المسلمين (الكيزان) في السودان التي تلجأ إلى الإنقلابات والتزوير و خطأ المجموعات (الإسلامية) التي تنتهج العنف والإرهاب فالإلتزام بقواعد اللعبة الديمقراطية من كافة الفرقاء بعد إسقاط النظام سيحقق الإستقرار السياسي والنهضة الشاملة إن شاء الله ، ويغلق الباب أمام الإنقلابات العسكرية، و مع ذلك لا يتخلَّى صاحب المذهب و/أوالدين عن مذهبه و/أو دينه ولا صاحب الرأي عن رأيه السياسي لكن يعرف الطريق السليم للوصول إلى هدفه . كما أن الدولة الإسلامية الصحيحة لا تقرَّ شرعاً باطل المنافقين وأهل البدع السياسي لكن لا تتدخل في قمعهم ومصادرة حرياتهم وحبسهم وإعتقالهم وقتلهم ما لم يصلوا حد الردة أويخرجوا على الدولة بالسلاح ، فترد عليهم بالدعوة فقط وليس بالتسلط كما هو معلوم من تعامل النبي والخلفاء الراشدين خصوصاً علي وعثمان رضوان عليهم مع المنافقين وأهل البدع من الخوارج والشيعة، وأوضح هذا الأمر في تعامل عثمان رضي الله عنه مع أهل الفتنة من منافقين ومبتدعة فقد كانوا يجوبون البلدان ويتحدثون علناً لمدة سنوات فلم يتعرض لهم بشئ غير إرسال صحابة للرد عليهم لكن بعد حملهم السلاح لم يرفض قتالهم لكنه لم يستطيع وقتئذٍ ،ونحن هنا نستدل بفعل عثمان ولا نؤيد أهل الفتنة في شئ ،كما أن فعل المغيرة بن شعبة رضي الله عنه في غاية الوضوح في الدلالة علي هذا الأمر ، قال ابن جرير الطبري: (قدم معاوية، وبعث المغيرة بن شعبة والياً على الكوفة فأحب العافية، وأحسن في الناس السيرة، ولم يفتش أهل الأهواء عن أهوائهم، وكان يؤتى فيقال له: إن فلانا يرى رأي الشيعة، وإن فلانا يرى رأي الخوارج. وكان يقول: قضى الله ألا تزالون مختلفين، وسيحكم الله بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون. فأمنه الناس، وكانت الخوارج يلقى بعضهم بعضا، ويتذاكرون مكان إخوانهم بالنهروان، ويرون أن في الإقامة الغبن والوكف، وأن في جهاد أهل القبلة الفضل والأجر ) . تاريخ ابن جرير 174/3 سنة 42ه. بناءاً على ما تقدم نعلم الخطأ الشرعي في حل الحزب الشيوعي السوداني وطردة من البرلمان سنة 1965م ، إذ كان الصواب شرعاً محاكمة الذي أساء لبيت النبوة بإقامة حدد الردة عليه فقط ، أما الشيوعيون عموماً فيجب الرد عليهم والتحذير منهم وعدم التصويت لهم وعدم معاونتهم في باطل دون التعرض لهم بحل أو مطاردة أو إعتقال قياساً بتعامل النبي والخلفاء الراشدين مع المنافقين وهذه هي سنة رسول الله وسنة الخلفاء الراشدين التي يجب علينا إتباعها، قال صلّى الله عليه وسلم : (فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ) ، ولهذا لابد أن نعلم الفرق بين الحق القضائي القدري الكوني وهو ما لا يقرِّه الإسلام شرعاً لكن لا تتدخل الدولة الإسلامية فيه بالتسلط بل بالدعوه فقط، والحق الشرعي وهو كل ما شرعه الله وأمر به ويحبه و يرضاه . [email protected]