«تزوجت شقيقها للحصول على الجنسية»..ترامب يهاجم إلهان عمر ويدعو إلى عزلها    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    بيان من وزارة الثقافة والإعلام والسياحة حول إيقاف "لينا يعقوب" مديرة مكتب قناتي "العربية" و"الحدث" في السودان    يرافقه وزير الصحة.. إبراهيم جابر يشهد احتفالات جامعة العلوم الصحية بعودة الدراسة واستقبال الطلاب الجدد    المريخ يكسب تجربة البوليس بثلاثية و يتعاقد مع الملغاشي نيكولاس    البرهان يصدر قراراً بتعيين مساعد أول للنائب العام لجمهورية السودان    حسين خوجلي يكتب: السفاح حميدتي يدشن رسالة الدكتوراة بمذبحة مسجد الفاشر    راشفورد يهدي الفوز لبرشلونة    ((سانت لوبوبو وذكريات التمهيدي يامريخاب))    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    نوارة أبو محمد تقف على الأوضاع الأمنية بولاية سنار وتزور جامعة سنار    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    قبائل وأحزاب سياسية خسرت بإتباع مشروع آل دقلو    ما حقيقة وصول الميليشيا محيط القيادة العامة بالفاشر؟..مصدر عسكري يوضّح    "المصباح" يكشف عن تطوّر مثير بشأن قيادات الميليشيا    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أغنية تثير حرباً كلامية بين الإريتريين والإثيوبين
نشر في الراكوبة يوم 29 - 07 - 2014

ليس سراً أن الإريتريين كانوا يستمعون لأغانى الأمهرا، يطربون لها ويهزون أكتافهم رقصاً علي أنغامِها. كانوا يستمِعون لها وسلاحهم موجها ضد قوات الدرق الإثيوبية الإستعمارية الأمهراوية. وفي عهد الإستعمار الإثيوبي ظهرت أجمل أغانى التقرينجية علي طريقة الأداء الأمهراوي. بل لازال الإريتريون يستمعون ويطربون لغناء الأمهرا الأثيوبي رغم القطيعة السياسية والعدوان العسكري بين البلدين منذ منتصف التسعينيات. بالمقابل لم يقتصر إنتشار الأغنية التقرينجية علي شمال أثيوبيا في مناطق التقراي بل تعداها الي مناطق عديدة في إثيوبيا. الصراع الثقافي بين بين ثقافات الكبسة أو المرتفعات و منخفضات إريتريا هو أيضاً لا يخلوا من الإحتكاك الغنائي بسبب إشكاليات الخلاف السياسي التى ظهرت بسبب الإنقسامات الداخلية في حركات التحرر الإريترية. وهو صراع بين سماع وإنتشار أغانى التقرينيجية مقابل أغانى التٓقرِي. ولا تخلو مناسبة إجتماعية من زواج وتخريج أو خطوبة من نزاع وتزمر من سماع أغانى التقرينجية أو التٓقرِي كل حسب إنتمائه الثقافي. لكن الغالبية العظمي منهم يستمعون في خلوتهم لأغانى التقرينجية والتقري والأمهرنجية معاً.
أغانى التقرينجية والتقري والأمهرنجية أغانى تفاعُلية جَماعِية في الغالب الأعم من أغانيها. وهى تحمل الكثير من الرمزية وملامح الهوية لذلك أصبحت جزء من الصراع الثقافي والسياسي بين البلدين. فرضت إثيوبيا لغتها الأمهرية على الإريتريين طيلة الفترة الاستعمارية منذ الأربعينات. وكانت الأمهرنجية هي لغة الطبقة المثقفة والمتعلمة ولغة الغناء والفن. وبحكم أن إريتريا كانت جزء من الامبراطورية الاثيوبية فقد كان تدريس الامهرنجية يبدأ من مرحلة الأساس الإبتدائية. بعدها يُهاجر الطلاب الإريتريين للدارسة في جامعة أديس أبابا والمعاهد العليا في العاصمة الإثيوبية ومنها تعلموا الأمهرنجية وتشربوا بأغنياتها التى يحفظونها علي ظهر قلب ويطربون لها. أشاع الإثيوبيين في إعلامهم أن الأمهرنجية لغة رومانسية مقارنة بالتقرينجية، لكنها كانت مرفوضة بصفتها لغة مستعمر. أبلغ صور الرفض لأغانى الأمهرنجية علانية جاء بقرار غير رسمي من الحكومة الإريترية خلال حربها مع إثيوبيا حول مثلث بادمى الحكومي في الفترة من 1998 وحتى عام 2000. عندها أعلنت حكومة إسياس أفورقي منع الإستماع لأغانى الأمهرنجية في الحانات والأندية وعربات الأجرة والأماكن العامة. حتى كتابة هذه السطور تسود مقاطعة شبه كاملة لأغانى الأمهرنجية في الأجهزة الإعلامية الحكومية. من ذلك العداء تولدت بذور الإحتكاك والرفض بين ثقافة وأغانى الأمهرنجية والتقرينجية من جهة، وبين الأمهرنجية والتقرينجية من جهة والتقري من الجهة الأخري. كل هذا العداء لكل ماهو إثيوبي ساهم في تلاشي وإنحسار اللغة الأمهراوية وسط الأجيال الإريترية الشابة منذ الإستقلال.
الشعب الأثيوبي هو الأكثر إنفتاحا وليبرالية علي الأغانى الإريترية والسودانية والصومالية. وهم شعب ذواق لكل أشكال الغناء العالمى والإقليمى. يكفي أن إثيوبيا لها إرتباطا وثيقا مع ثقافة وأغانى الريقي العالمية. فقد تغنى الإثيوبيين بالكثير من الأغانى السودانية لكبار الفنايين السودانيين والجيل الجديد منهم. بعض الأغانى تم التغنى بها كما هي وبعضها تم خلطه بالأمهرنجية بنفس القالب اللحنى. لكن السودانيين والإريترين والصوماليين لم يقابلوا هذا الإنفتاح الأمهراوي بالمثل. فالسودانى لا يميز بين الأغنية الأمهراوية من التقرينجاوية "وكلو عند السودانيين غناء بتاع حبش". أما الصوماليين فلهم إعتزاز قوي وتعصب لثقافتهم وأغانيهم مقابل الأغنية الأمهراوية. فوق كل ذلك يقف العداء التأريخي بين الأحباش والصوماليين حاجزا في قبول وإنتشار الأغنية الأمهراوية في الصومال.
لم يخف الإثيوبيين إعجابهم وولهم بأغانى التقرينجية رغم كل ذلك العداء من جانب حكام إريتريا. فهم يعتبروها جزء من الثقافة الحبشية عبر تجذرها وإمتادها في شعوب التقراي عبر الحدود في مرتفعات إريتريا. كما أن التقرينجية والأمهرنجية لغتان لهما أصل واحد وبينهما متشابهات ومتطابقات كثيرة. رغم العداء المستفحل من الجانب الإريتري لكل ما هو أمهراوي، ترجم الإثيوبيين الكثير من الأغانى التقرينجاوية وبنفس قالبها اللحنى. وقد نالت تلك الأغانى أعجابا وقبولا وإنتشاراً وسط عشرات الملايين من سكان إثيوبيا. ومع إنعدام قوانين الحقوق الملكية الفكرية في هذه الدول يختلط الغضب والعداء السياسي التأريخي بالعداوة للفنان وللشعب، لكن يبقي الأعجاب الخفي بالأغنية باقياً. أغنية "سابا سابينا" للفنان الإريتري إيسقدِوم ولدميشيل واحدة من الأغانى التى تغلغلت في وجدان ومشاعر الشعب الإثيوبي. ترجمها الأثيوبيون للأمهرنجية وصارت أغنية بمثابة "العديل والزين" في الأعراس السودانية. وبحكم أن إريتريا كانت جزءً من الامبراطورية الأثيوبية، تغنى بها ولدميشيل في أديس أبابا في عام 1969 لأول مرة. مثال آخر نقله الأثيوبيون من تراث الأغنية التقرينجاوية أغنية من أغانى "الأباحنٓى" من مناطق الأكولوكزاي في الريف الإريتري للفنان يوهانس تكابو. ترجمتها الفنانة الأثيوبية سيلماويت فويرو ووجدت إنتشارا وقبولا واسعاً. المثال الأخير أغنية "سيماي سيماي" للفنان الإريتري أبراهام أفورقي والذي إغتالته بسببها حكومة إسياس أفورقي بحادث حركة مدبر من المخابرات الإريترية. الأغنية نقلها الفنان الأثيوبي سامي يانو بترجمة حرفية إلي الامهرنجية ونفس القالب الموسيقي.
هذه الخلفية قد تكون مهمة لمحاولة شرح الحرب الكلامية بين الإثيوبيين والإريترين والتى أثارتها أغنية فيامتا للنجم الصاعد، الشاب جاكى قوزي. جاء لحن الأغنية في قالب أغانى التقرينجية المعروف. ما أثار حفيظة الإريترين تجاه الأغنية هو أن الأغنية مسروقة من أغنية إريترية تغنى بها الفنان فوتسوم يوهانس في عام 1991 إحتفالا بتحرير إريتريا إسمها مرحبا 91 ( الإستقلال) . لم يخف جاكي قوزي أنه إستخدم بعض المقاطع اللحنية من أغنية مرحبا 91 في كورص أغنيته فيامتا. وهو ما ذكره جاكي قوزي عند التعريف بالأغنية في اليوتيوب شاكراً فوتسوم يوهانس علي مشاركته في فيامتا. إنطبع في وجدان ومشاعر الإريتريين أغنية يوهانس مرحبا 91 بحكم أنها تمجد نضال إريتريا ضد إستعمار إثيوبيا. تستخدم إريتريا الرمزية في أغانى التقرينجية كسلاح لتأثير علي مشاعر الجماهير وبث الروح الوطنية فيهم. وهو نفس السلاح الذي إستخدمته بمنع الاغانى السودانية والإثيوبية خلال خلافاتها الساسية مع جارتيها. من هذا المنطلق جاء رفض الإريتريين ظاهريا لأغنية فيامتا بإعتبار أنه جزء من حملة أمهرواية إثيوبية لإعادة الحلم بالسيطرة علي إريتريا مرة أخري. كُتِبت قصيدة أغنية فياميتا بالأمهرينجية والتقرينجية في آن واحد. عامل اللغة والجدل التى أثير حول الأغنية ساهم في نشرها في إريتريا وأثيوبيا. هناك إعتقاد في أوساط الطبقة السياسية الحاكمة في إريتريا أن إثيوبيا لها أجندة خفية من خلال ما تعبر عنه بعض الاغانى الأمهراوية. تيدي آفرو واحداً من الفنانين الإثيوبيين المتهم بنشر هذه الإجندة بإعتبار أن أغنيته المسمية "دهلك" تتهم إستقلال إريتريا بإنقسام الأُسر الواحدة بين الحدود الأثيوبية الاريترية. كما أنه يدعو صراحة للوحدة بين أثيوبيا وإريتريا حينما تغنى عن جمال النساء الاريتريات كمدخل لهذه الوحدة في أغنية فيورينا.
هل يعرف الغناء الحدود؟ وهل للغناء حدود جغرافية؟ بالنسبة للرمزية السياسية الإريترية نعم، خاصة فيما يتعلق بأغانى الأمهرا ولحد ما الأغانى السودانية. بالنسبة لفنانى الأمهرا لا. ليست هناك حدود تمنعهم من التغنى بالتقرينجية أو العربية المكسرة طالما هناك من يسمعهم ويطرب لأغانيهم. إثيوبيا بلد التنوع الثقافي والعرقي رغما عن كل الخلافات والصراعات السياسية فيها. إثيوبيا ليست فقط الأمهرا أو التقراي أو الهرر أو الأرومو. غِنائياً إثيوبيا منفتحة علي ثقافات مجموعاتها الإثنية وعلي الثقافات الغنائية لجيرانها رغم العدوات والمرارات السياسية. تأثير هذا الانفتاح الغنائي جعل من إثيوبيا أكثر دول المنطقة إنتاجا في مجال صناعة الأغنية وإنتشارها. موسيقي وفنانى إثيوبيا هم الأكثر شهرة وإنتشاراً عالميا.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.