بالمناسبة :- أين المشروع الحضاري ؟ الصحفي د/ خالد التجاني النور – متسائلا نقول :- دُفن في الفساد والإفساد ، في تجزئة البلاد وإفقار العباد قيل إنه انتحر وذلك ليس ببعيد ولكنهم نحروه وهذا قول أكيد انتحار المشروع الحضاري:- ا المشروع الحضاري قيل إنه إنتحر عندما اصطدمت الأحلام والأشواق والطموحات بصخرة الواقع الذي يضج بالتنوع والصراعات الأثنية والقبلية والثقافية وتعقيدات الواقع الاجتماعي. انتحر المشروع عندما حاولت الإنقاذ زراعته وإنباته في مجتمع إسلامي الوراثة اختلطت فيه الأعراف والتقاليد مع القيم الإسلامية الخالصة ولم يملك القائمون على أمره حكمه التدرج العقلاني الذي يراعي ظروف ومتطلبات العصر والمجتمع، في حواره مع صلاح الدين عروضة عن تجربة تطبيق الشريعة في عهد نميري قال الترابي "كنت أصلا ضد فكرة إنزال الشريعة بتلك الطريقة الهوجاء كان لنا برنامج آخر بإنزالها بالتدرج وبطريقة لطيفة ولكن غيري أراد تنزيلها هكذا" "السوداني العدد 177" ولقد أعادت الإنقاذ التجربة من غير مراعاة للتدرج وكان الترابي هو المفكر والمخطط والمدبر. في صحيفة الرأي العام بتاريخ 25/1/2014م وتحت عنوان هل بقي شيء من مشروع الإسلاميين يكتب النور حمد قائلاً "لقد هوى هذا المشروع من حالق بسبب العلل البنيوية المندغمة فيه، فهذا المشروع بحكم التربة التي نبت عليها مبني على تصور خاطئ للذات وللآخر ولا يمكن من ثم أن يصل إلى أي نتيجة غير التي وصل إليها". في مقاله (من يمتلك العالم ) مجلة الدوحة العدد 9 يكتب احمد زين الدين قائلاً ( إن المجتمعات الإسلامية علي مفترق طرق وفي فترة إنتقال صعب ، وعلي حد تاريخي مفصلي وهذا مآل كل مجتمع تاريخي تتنازعه الخيارات ،كما يقول الانثروبولجي فيكتور تيرنر ، لان اولياء الامر من المسلمين او العرب غير مسيطرين علي مفاعيل الحياة الحديثة ، وغير متمكنين من مسار التطور ، وإن عالمهم لا يتكون من الداخل ، إنما يُدفع في حركته من الخارج ، وهذا ما يفضي بالمسلمين إلي سعيهم الدوُوب لتكوين هوية ثابتة ، بدلاً من الهوية العائمة التي تتقاذفها تيارات الحداثة . ولكن غالباً ما يتم إستردادهم هوية إسلامية ماضوية، اكثر من إنشائهم هوية جديدة متآلفة مع العصر والتطور ،وتُعد الإحالة إلي الماضي الإسلامي وإحياء المنظومة الرمزية والثقافية المتعلقة بها من سلوكيات وعادات ،محاولة لترميم وجمع ما بعثرته إيدي المحدثين من أبناهم المبهورين بالغرب،محاولة لإستردادهم طهرية مفقودة عبر حلقات الزمن .والإعتماد علي النظام الثقافي والاجتماعي الموروث يشكل رافعة اساسية في عقول الناهضين بها ،والداعين إلي نشرها لمجابهة مفاعيل الحداثة ، ويزداد التشبث بهذه المنظومة الثقافية الرمزية كلما تفاقم عجز المسلمين المتمادي علي تغيير او تبديل مسار عجلة العولمة المتجهة إلي مزيد من إستتباع العالم الثالث إلي بُناها الإقتصادية . هذه الحداثة المعولمة تقوم اليوم علي زخم من قوي المعرفة والشعور والعلم والعمل ليس إلا نشاطاً إنتاجياً لذكاء عام وجسد عام خارج القياس . والصعوبة التى يعانى منها العرب والمسلمون والعالمثالثيون هى حد التأرجح ومخاض الإنتقال من وضعية على آخرى وتتفاقم الصعوبات والتحديات ، حينما يُنظر الي حركة الإنتقال ليس بين مجتمعين اوبلدين او حضارتين مستقلتين ، إنما بين مستقل وغير مستقل ، وبين تابع ومتبوع والإنتقال من ثنائية الثقافة المحلية إلى الثقافة الكونية ومن التضامن العضوى إلى التضامن الآلى ومن الفكر التشريعى إلى الفكر االتعاقدى . ولكم كان الدكتور على الحاج صادقا عندما رد على سؤال مالك طه في جريدة الرأي العام الذي أبدى استغرابه من مفارقة كون دكتور على الحاج إسلاميا ومن قادة الإنقاذ ولكنه هاجر وإستقر في دولة علمانية قال ردا على السؤال "العلمانية ليس شرا كلها، وبعدين العلمانية ذاتها لاقينها، انا أريد أن نركز في السودان على قضية الدولة ذاتها قبل أن نخوض في الأشياء اللاحقة، المبحث المهم هو أن توجد الدولة أولاً، عشان كده الناس البتكلموا عن علاقة الدين بالدولة، أنا أقول لهم أين هي الدولة على السودانيين إيجاد الدولة أولاً قبل البحث عن علاقتها بالدين". وعليه فإن المشروع الحضاري قيل إنه انتحر لأن السودان ما زال دولة تعاني ازدواجية الهوية والانتماء وتعاني مخاض التكوين والتأسيس. لأنه إكتشف أكذوبة الشعارات، فشعار "هي لله هي لله لا للسلطة ولا للجاه – تحول إلى هي للسلطة والجاه معاً مع سيادة النزعة الإقصائية والنزوع التسلطي والتوجه الجهوي والقبلي . مع التصور الخاطئ للذات والآخر . م/ محمد حسن عبد الله [email protected]