استهداف مطار مروي والفرقة19 توضح    محمد وداعة يكتب: المسيرات .. حرب دعائية    مقتل البلوغر العراقية الشهيرة أم فهد    إسقاط مسيرتين فوق سماء مدينة مروي    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    ب 4 نقاط.. ريال مدريد يلامس اللقب 36    كهرباء السودان: اكتمال الأعمال الخاصة باستيعاب الطاقة الكهربائية من محطة الطاقة الشمسية بمصنع الشمال للأسمنت    الدكتور حسن الترابي .. زوايا وأبعاد    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أحمد السقا ينفي انفصاله عن زوجته مها الصغير: حياتنا مستقرة ولا يمكن ننفصل    بايدن يؤكد استعداده لمناظرة ترامب    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    أرنج عين الحسود أم التهور اللا محسوب؟؟؟    الصناعة.. قَدَر الخليج ومستقبله    شاهد بالفيديو.. حكم كرة قدم سعودي يدندن مع إبنته بأغنية للفنان السوداني جمال فرفور    شاهد بالصور.. رصد عربة حكومية سودانية قامت بنهبها قوات الدعم السريع معروضة للبيع في دولة النيجر والجمهور يسخر: (على الأقل كان تفكوا اللوحات)    هل فشل مشروع السوباط..!؟    سوق العبيد الرقمية!    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    أمس حبيت راسك!    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إقصاء الزعيم!    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من حزب النّهضة التونسي الى قيادة المؤتمر الوطني!!
نشر في السوداني يوم 21 - 01 - 2014

انبهرت بتجربة حركة النهضة الإسلامية التونسية منذ مخاض صراع الرؤى والتكوين لها حتى وصولها الى قمة الحكم، وهي تجربة جديرة بالوقوف عندها، والتأمل واستنباط الدروس والعبر، خاصة أن الحركة الإسلامية في تونس تشكّلت تحت الظروف التي تلت خروج الاستعمار الفرنسي الذي يركّز على البعد الثقافي غير المتصالح مع الدين، أي يعمل على إنزال أنماط الثقافة الغربية في واقع الحياة الكليّة، واستقطاب نخب وطنية لتقود عملية التغريب بعد خروجه، وفي تونس كانت الطليعة الوطنية بقيادة رأس الدولة الحبيب بورقيبة وخلفه بن علي هم من قادوا عمليّة نزع تونس من ميراثها الاسلامي وتجفيف ينابيعه حيث تم إلغاء جامعة الزيتونة الاسلامية بكل تراثها الثقافي الاسلامي، بل أن الحبيب بورقيبة كان يصرّح بأن الصيام يقلّل الطاقة الإبداعية والإنتاجية، وانّ معاودة المساجد لعب أطفال وله مقولة مشهورة (لئن أعبر البحر أهون عليّ من أن اقطع الصحراء) البحر حيث أوربا والصحراء رمزيّة للدول العربية، وضربت تونس موجة التغريب حتى قال الدكتور عبد الباقي الهرماسي (إن الحداثة والعلمانية في تونس بلغت من العمق والاتساع درجة لم يعد معها ممكناً ظهور أي تيار إسلامي) ولكن إذا أراد الله أمراً هيّا له الأسباب، فكيف نهضت حركة إسلامية في ظلّ هذه المعطيات حتى تفاجأ بها العالم بعد الثورة التونسيّة المباركة وهي في قمة السلطة؟ هذا السؤال الاستدراكي قذف به الأستاذ محمد الحدّاد كيف استطاعت حركة مهيضة ومحاصرة منذ عقدين من تحقيق هذا الانتصار؟؟ ويعزي ذلك لأن الثورة التونسية لم تكن ثورة مؤدلجة، وبدون قيادة، ولذا برزت براعة الإسلاميين والذين كانوا منتشرين في ثنايا المجتمع تواصلاً وتكافلاً وحوّلوا كل تلك السنين العجاف لصالحهم، بالإضافة الى قوة كوادرهم المصقولة بالتجارب والمتشبّعة بقيم الحرية والديمقراطيّة، حيث عززت قناعتهم بأنّها الأساس المتين للاستقرار السياسي والنّهضة الاجتماعيّة والاقتصاديّة، ولكن نخب الحركة الإسلاميّة السودانية التي درست في الغرب تشبّعت بالثقافة التي أفرزت العقلية البراغماتية التبريرية، وهي عقلية عرّفها روكيش (عدم قدرة الشخص على تغيير جهازه الفكري أو العقلي عندما تتطلب الشروط الموضوعيّة وعدم القدرة على إعادة ترتيب أو تركيب حقل ما تتواجد فيه عدة حلول لمشكلة واحدة وذلك بهدف حل هذه المشكلة بفاعلية أكبر) إنها العقلية التي لم تجترح وسائل ومبادرة خلاقة لتتجاوز مرارة إبعادها عن حكومة الوفاق الوطني بعد مذكرة الجيش الشهيرة عام 1988 ولجأت الى الصعود الى السلطة عبر آلية الانقلاب العسكري أفدح خطأ اقترفته الحركة الاسلامية في السودان.
قدّمت حركة النهضة التونسية برنامجا انتخابيا سياسي براغماتيا شعاره (من أجل تونس الحرية والعدالة والتنمية وقدمت 365 مقترحاً) بعدد أيام السنة، والحركة الاسلامية في السودان من شعاراتها القديمة المتجددة (شريعة شريعة ولا نموت الإسلام قبل القوت) ورب الشريعة يقول (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ(4)) سورة قريش. وأين تقيم وتنزّل هذا الشعار إذا مات المجتمع؟ أليس وحدة وتماسك المجتمع مقدّمة حتى على الشريعة الإسلامية؟؟ في اعتقادي أن برنامج حزب النهضة الانتخابي جاء دقيقاً ومفّصلاً لأنها تُدرك أنها جاءت للحكم بالرافعة الجماهيرية وان المجتمع سيُخضع هذا البرنامج في مختبرات المراجعة والتقييم وقياس نسبة الإنجاز، ولكن في السودان البرامج الانتخابية تنتهي يوم إعلان النتيجة بفوز المرشح لأنه يدرك تماماً أن الانتخابات هي محض مسرحيّة سيئة الإخراج، وعلى النائب الفائز إرضاء الأقلية الفوقية التي حبكت هذه المسرحية في الغرف المظلمة، وعلى الرئيس الفائز اغداق الاموال على المنظومة العسكرية والامنية التي تحرسه، إنها المعازلة بين الفكر والتطبيق أو كما وصفها محمد أركون علمنة الحركات الاسلامية (إن الحركات الاسلامية المعاصرة تقوم بأكبر عملية علمنة شهدها تاريخ الإسلام دون أن تعي ذلك إذ تستخدم الشعارات الدينية في عملية الدعاية والاستقطاب والتجييش السياسي والعاطفي وتكشف عن الرهانات المادية والزمنية لأهدافها ومقاصدها لقد فرّغت الشعارات التيولوجية من مضامينها الرئيسية ووظفتها مجرّد وسيلة للصراع الإيديولوجي ومواجهة الخصوم والنزوع الى السلطة، إنها تشكّل قشرة خفيفة وغطاءً شفافاً يكاد يخفي بالكاد تلك الرهانات ).وهي العقلية التيولوجية القروسطية الصمّاء التي تظن إنّها تُمثّل ظلّ الله في الأرض بشخوصهم، وانّ ذهابهم يعني سقوط دولة الشريعة الاسلامية وهي توظف تلك الشعارات رغبةً جامحة للاستمرار في الحكم كما يرى الدكتور هاشم صالحلا (ان الانظمة الاسلامية سلطات زمنية دنيوية ومهما ادعت القداسة وحاولت أن تخلع على نفسها غطاءً من المشروعية الدينية العليا، أن التاريخ يبين لنا أنها حسمت الأمور لصالحها بالقوة، ثم لجأت الى تكوين إيديولوجية اعتسافية للتبرير والقمع والتسويق أن ادعاءها لمشروعية فوق البشرية أو خارقة ليس إلاّ وسيلة فعالة من اجل تدعيم ذاتها وإرهاب الخصور وتسفيهم ). ولطبيعة المجتمع التونسي تطوّر فكر الحركة الاسلامية من فكر أحادي شمولي الى فكر تعددي يقبل الآخر والنهج السلمي وتداول السلطة لذلك اعتمدت الحركة الإسلامية في تونس آلية الديمقراطية منهجاً استراتيجياً في التغيير، وقد أكّد الشيخ الغنوشي إنهم لا يسعون لفرض الدين على النّاس لأن مهمتهم هي البلاغ وإزالة العوائق عن طريق الدعوة ومخاطبة العقل دون إكراه وبعد ذلك يتركون الخيار للشعب وهم لا يُقاومون إرادة الشعب ولو أتى باليسار، وعندئذ علينا العمل معه سوياً من أجل المصلحة الوطنية العليا، ويُصوّب الشيخ الغنوشي سهام النقد للخلل الكامن في بنية التجربة الاسلامية السودانية (دخلت الحركة الإسلامية السودانية السياسة كحركة احتجاجية مطلبية من بوابة القانون أي المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية دون تفكيك هذه المفردة الى مشاريع وبرامج ورؤى تخاطب الواقع والوجدان، وخصوصية الظرف لذلك كان مشروعها مشروع سلطة، أي تطبيق القانون الإسلامي عبر السلطة، أمّا الحركة في تونس دخلت من باب الحرية وكان شعارها خلّوا بيننا وبين الناس هذا الشعار الذي ينم عن الثقة في الله، الثقة في المجتمع، وقوة الطرح لذلك لم يكن مشروعنا هو أن نفرض الإسلام على النّاس بل إزالة العوائق عن طريق الإسلام، وكل ثقافتنا بنيناها على قيمة الحرية، وحتى الذين يقولون أن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن فإنهم يُحمّلونها فوق طاقتها لان الإسلام لا يمكن أن يكون عقيدةً ومنهجاً في سلوك الناس بالضغط والإكراه ووازع السلطان هو أن تكون للمسلمين دولة وشوكة تحميهم من الاضطهاد الأجنبي، فالسلطان هو شوكة موجّهة للخارج على الأعداء ولكن في داخل المجتمع المسلم رحماء بينهم) وفي السودان لا زال البعض يتحدّث عن (عبدة أمريكا والغرب، ووروهم العين الحمرة، الدولة الاسلامية تحرسها القوة ) والقوة في أحدث تعريفاتها هي القدرة الإنسانية على التوافق والانسجام!! فلا غرو حيث لم تمارس حركة النهضة سياسة الازدراء والتعالي والتهميش للقوى السياسية المعارضة، بل خفّضت الخطاب الإيديولوجي وأعلت البعد الوطني ودخلت في شراكة مع أحزاب علمانية. ويرى عبد الفتاح مورو احد قيادات حركة النّهضة بأنهم لا يرغبون في إعادة تنميط المجتمع التونسي بل يرغبون في إعادة صنع الإنسان التونسي، ونقله من ثقافة الرعب والخوف والذُّل التي عاشها زمن الدكتاتورية والاستبداد، الى قيم الحرية والعزّة والإرادة، لأن الدور الأصيل للحركة الاسلامية ليس وجودها في الحكم وإنما انبثاثها في بنية المجتمع لان وجودها في الحكم احتمالي والأصل هو المجتمع وهنا تكمن جدلية وصحّة فرضيّة أن المرجعية السياسية للتنظيم وليس للحكومة، لأن الحكومة هي فقط آلية لإدارة إرادة الدولة، وإذا ترجّل الإسلاميون عن الحكم فإنهم لن يخسروا لان التنظيم الفاعل وهو الأصل سيبقى ملتحماً بالمجتمع له الحق في حرية التعبير والتنظيم والصحافة ومخاطبة المجتمع وسيكون المجال مفتوحاً للصعود مرة أخرى للسلطة عبر الرافعة الشعبية والشرعية الانتخابية.لذلك لجأ حزب النهضة بعد فوزه في الانتخابات الى تشكيل حكومة ترويكا متعددة وذلك لضعف المخزون الثقافي وحداثة التجربة الديمقراطية حتى لا يتم توظيف القوى المضادة للثورة (اركان النظام المباد) من قبل القوى الخارجية لوأد التجربة وقد تعامل حزب النهضة بوعي عميق مع الانتكاسات التي صاحبت المسار الديمقراطي فبعد اغتيال المعارض شكري بلعيد حدثت موجة من المظاهرات والغضب استطاعت الحركة الاسلامية في تونس احتواءه بذكاء سياسي إذ أعادت تركيب وتشكيل الحكومة بصورة اكثر توافقية اعادت الهدوء النسبي للشارع السياسي، ولكن سرعان ما عاد الاضطراب بصورة اقوى بعد اغتيال المعارض البارز محمد البراهمي حيث دعت المعارضة التونسية الى إلغاء الانتخابات وما أفرزته من مؤسسات وانسحبت من مؤسسات الحكم ودعت الى استقالة الحكومة، ورغم أن المعارضة تشكل اقلية في مؤسسات الحكم ويمكن للمجلس التشريعي أن يواصل مهامه حتى انجاز الدستور الا أن قيادة النهضة تدرك انه لن يكون دستوراً يمثل ارادة كل التونسيين، يقول الشيخ الغنوشي (تخلى حزب النهضة عن حكومة منتخبة مدعومة بأغلبية برلمانية وبشارع هو الأوسع من أجل ما هو أثمن وأهم وهو وضع تونس الحبيبة على طريق الحرية والديمقراطية بدستور لكل التونسيين وهيئة انتخابية مستقلة وانتخابات فوق الطعن لانها ستجرى برعاية حكومة محايد)، ومن هذه القناعات الراسخة بقيمة الحرية استجابت حركة النهضة التونسية الى مبادرة الانقاذ الوطني التي تقدم بها الاتحاد العام التونسي للشغل والمتضمنة خريطة طريق تعتمد تغيير حكومة الترويكا بحكومة محايدة تقود البلاد الى انتخابات خلال ستة أشهر لا ينافس وزراء النهضة فيها، يقول الشيخ الغنوشي (رغم أن الثمن المطلوب من النهضة كان ثقيلاً وهو التخلي عن الحكم والحكومة المنتخبة بينما يحافظ شركاؤها على مواقعهم، فقد تحاملت النهضة على نفسها وقبلت التوقيع على المبادرة، قبلت من اجل انقاذ مسار ديمقراطي يترنح، لأن انقاذ النموذج التونسي نحو التحول الديمقراطي هدف يعلو فوق كل حساب حزبي او فئوي لأن المقصد الأعظم من موقعنا في السلطة أن ننقذ بلادنا، أن ننقذ النموذج التونسي في الانتقال الديمقراطي بما يستوعب كل المكونات الوطنية على اختلاف توجهاتها الاسلامية والعلمانية لان الهدف النهائي صمود النموذج التونسي للتحول والتعايش في حكومة واحدة تجمع بين تيار الاعتدال العلماني والاسلامي جناحي الوطنية).
في اعتقادي أن التغيير الذي حدث داخل بنية الحزب الحاكم رغم اشاراته وظلاله الايجابية الاّ انه يحتاج الى وثبة كبرى اخرى لتحقيق الوئام الوطني الشامل، والانتقال الدستوري الذي يشارك في صناعته كل اهل السودان وصولاً الى النظام السياسي المستقر والمستدام وانهاء حدة التجاذبات والاستقطاب، وهذا لن يتأتى الا بتشكيل حكومة قومية انتقالية بالتوافق مع القوى السياسية الوطنية لتحقيق المطلوبات اعلاه وفق اجل زمن متفق عليه مع القوى السياسية الوطنية، ولن ينجز اصلاح حقيقي وفاعل وجذري داخل القوى السياسية التقليدية والوطنية والمتمثل في ذهاب الزعامات التاريخية وانتقال تلك الاحزاب نحو الحداثة وتصعيد قيادة جديدة لها، الاّ اذ مضى المؤتمر الوطني نحو التغيير والاصلاح بصورة استراتيجية واقتناع الرئيس البشير بضرورة الرحيل وافساح المجال لبديل جديد للدفع به لانتخابات الرئاسة القادمة، هذا لن يتم الا اذا مضى الرئيس بخطوات فعلية واعلن اعتزاله الحياة السياسية بصورة نهائية واقناع الحلقة التي حوله ثم حفز مؤسسات الحزب الحاكم على اختيار البديل الذي يعبر عن مطلوبات وتحديات المرحلة، وبهذا يمكن أن يتم اصلاح كلي وتجديد الدورة الدموية للحياة السياسية السودانية، وهذا التغيير سيمهد الطريق امام وحدة الاسلاميين بكل تياراتهم من جديد وذلك بعد ذهاب كل الجيل القيادي السابق وبروز قيادة جديدة، وستكون هذه المبادرة التاريخية للاصلاح الوطني الشامل بمثابة قوة دافعة للتنظيم الاسلامي الوطني في ثوبه القشيب وزيادة فرص حظوظه في الانتخابات القادمة بإذن الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.