بسم الله الرحمن الرحيم الهروب من المؤتمر الوطني درج الحزب الحاكم على تمكين منسوبيه من الوظائف القيادية في الدولة أو تجنيد كبار الموظفين وإعلان إنضمامهم للحزب كما الأحزاب الطائفية . كأن تجد مدير جامعة عضو الأمانة العامة أو مدير عام يرأس قطاع تخصصه ، ولكني لاحظت في ورشة عن الحوار الوطني بجامعة وادي النيل أن كبار الموظفين ورؤساء الأقسام بالجامعة وعمداء الكليات بل وبعض رؤساء الإتحادات المهنية عندما يخاطب الحضور معرفا نفسه أنه مستقل ولاينتمي لحزب سياسي تفاجأت لأن ذلك كان على مشهد الأمين السياسي للمؤتمر الوطني ونائب أمين الحركة الإسلامية على مدى ثلاث أيام . ومصدر الدهشة أن المؤتمر الوطني يسيطر على السلطة ويحتكرها لربع قرن من خلال سياسة التمكين . ويحدث هذا والبلد بين يدي الحوار الوطني الذي من مطلوباتهم إعادة هيكلة المؤسسات ودورها القومي بعيدا عن قبضة المؤتمر الوطني ، فهل هذا الإنكار الجماعي لأي إنتماء سياسي سيكون منهج رؤساء المؤسسات والشركات الكبرى والجامعات أو مديري الإدارات حتى يضمنوا سلامة وظائفهم في المرحلة القادمة ولا يستغرب الحزب الحاكم إن إجتاحته موجة تمرد على تعليماته بحجة المهنية والإنضباط اللائحي فهؤلاء لن يضروه شيئا وإنما موقفهم هذا لدواعي إعادة التدوير، موجة الإعلان هذه عن الموقف المستقل وعدم الإنتماء للمؤتمر الوطني لغير الإسلاميين أو إدعاء الوقوف على الرصيف للإسلاميين إن لم يكن موقفا فرديا وإنما منهج يسلكه الحزب الحاكم للحد من الهجوم المعارض المكثف على أجهزة الدولة وإعادة الثقة فيها . وإن نجح هذا الأسلوب فيما يخطط له ولكنه يضر بهيبة الحزب الحاكم ويضعفه سياسيا ويحاكمه أخلاقيا وكأنه يقول أن العدل وإلتزام المهنية لن يكون إلا بخلع عباءة المؤتمر الوطني . ويخطئ الأفراد إن ظنوا إنا سنصدق بياناتهم هذه فكيف لي أصدق من كان شيوعيا أو حزب أمة أو إتحادي ديموقراطي ثم إنضم للمؤتمر الوطني وأقسم اليمين على ذلك وتقلب في المناصب التنفيذية والدستورية والسياسية ثم بعد ربع قرن يقول أنه مستقل سياسيا وغير منتمي لحزب . وكيف لي أن أصدق من كان إسلاميا وساند الإنقاذ وجاهد فيها وبعد المفاصلة إستمر في وظيفته يمرر كل سياسات الحزب الحاكم أو يسمح لها بالمرور الصالح منها والفاسد ثم بعد خمسة عشر عاما ينادي في الناس أني على الرصيف أجلس .وكيف لي أن أصدق حيادية مدير جامعة ليس بها إتحاد طلاب وكيف لي أن أؤمن بمهنية عميد كلية يفصل طالب لنشاطه السياسي وكيف لي أن أثق في مدير يدفع من المال العام لنشاط حزبي وكيف أصبر على من يستخدم القانون للقمع والإقصاء كل هؤلاء طوعوا أقلامهم بخط الحزب الحاكم أنتم مؤتمر وطني ولستم محايدون. عموما واضح للعيان أن هناك هروبا جماعيا من الحزب الحاكم يجري إن كان شتاتا أو منظم ,وهذا ليس في مصلحة المؤتمر الوطني كحزب ولا في مصلحة السودان كوطن فهو يثير غبارا يعمي على الحوار ومستقبل البلد. م.إسماعيل فرج الله [email protected]