قبل أيام اشتكى زميلنا الكاتب الصحفي، حسن إسماعيل، أن طفلته الصغيرة عجزت عن حفظ سورة الطلاق المقررة في المنهج الدراسي.. وصديق آخر حينما رأي ابنه الصغير لا يحسن قراءة القرآن الكريم، بسبب صغر سنه وعجمة لسانه، توقف الأب طوعا عن تلقين الصغير آي الذكر الحكيم.. مهندسة مسلمة تشتكي أن مدرسة ابنها الأجنبية في شرق الخرطوم، كانت ومازالت تدرس أطفالها تراتيل مسيحية في طابور الصباح. نقلت صحف أمس عن توصيات من قبل خبراء في التعليم خلال ورشة لتقييم التقويم المدرسي.. المطالبات انحصرت في إنهاء البكور وتعديل التقويم الدراسي بحيث يتفادى التلاميذ كوارث الخريف عبر المكوث مع ذويهم.. رئيسة لجنة التعليم بتشريعي الخرطوم طالبت بإنهاء عطلة السبت للمدارس مع تعويض المدرسين ماديا.. وكيل وزارة التربية أكد أن المناهج سيتم تغييرها من العام المقبل.. عدد الكتب الدراسية ستخفض من سبعة عشر كتاباً إلى سبعة فقط، حسب إفادة دكتور تاج السر الشيخ، وكيل وزارة التربية والتعليم. بداية ليست هنالك مشكلة في فكرة البكور المتمثلة من الاستفادة من ضوء الشمس.. في كثير من دول العالم هنالك توقيت شتوي وآخر صيفي.. مشكلتنا أننا أسئنا استخدام الفكرة وقمنا بجر الساعة حتى تصبح كل مواقيتنا بتوقيت مكةالمكرمة.. كانت الفكرة ضد المنطق الجغرافي الذي جعل المدينتين في خطوط طول مختلفة تماماً.. بل بلدان كثيرة بها أكثر من توقيت كما في الولاياتالمتحدةالأمريكية حيث هنالك فرق كبير في التوقيت بين أكبر مدينتين في أمريكانيويورك في الشرق ومدينة لوس أنجلوس في أقصى الغرب. المناشدات التي قدمت في ورشة التقويم الدراسي التي عقدت أمس الأول بالخرطوم جانبها كثير من المنطق.. مثلا اقتراح إلغاء عطلة السبت يزيد من الأعباء على الأسر والتلاميذ ويرهق المدرسين.. في بلد متقدم في التعليم كأمريكا لا تزيد أيام التقويم المدرسي عن مئة وثمانين يوما.. بمعنى أن الصغار يستمتعون باللعب واللهو لأكثر من نصف العام.. في التجربة الأمريكية لا تزيد أيام الدراسة على خمسة أيام في الأسبوع.. إذا حدث أي طارئ من ثلوج أو فيضانات يتم منح التلاميذ إجازات تخصم لاحقا من الإجازة السنوية. فكرة إنهاء العام الدراسي قبل فصل الخريف تعبّر عن كسل العقل الحكومي.. الآباء الذين جعلوا التقويم المدرسي على هذا النحو كان منطقهم ضرورة الاستفادة من المناخ المعتدل أثناء الخريف وتجنب الصيف الساخن.. المنطق يقول إن على الحكومة أن تجعل من المدارس ملاذات آمنة يتوافد عليها الناس عند الكوارث بدلا من إخلائها بسبب أمطار لا تزيد معدلات هطولها عن الأربع مرات في العام.. هل تصدقون أن حكومتنا تعترف أن بعض مدارس الخرطوم غير مزودة بالكهرباء.. بل إن مدارس أخرى ليس بها إمداد مائي.. أما تأمين المدارس بخفراء فهي خدمة ترفيه لمن استطاع إليها سبيلا. بصراحة.. المشكلة تكمن في المنهج الدراسي الذي يعتمد على التلقين والعقوبات الجسدية.. ستكتشف لاحقا سوءات هذه المقررات المحشوة بمعلومات فوق الطاقة الذهنية لتلاميذ صغار.. النتيجة سنتأخر عن العالم الذي يقفز إلى الأمام بسرعة فائقة. التيار