حرية الاعتقاد لا شك انها امر منصوص عليه في القران الكريم ومحسوم بقوله تعالي في سورة الكهف (وقل الحق من ربكم فمن شاءفليؤمن ومن شاءفليكفر ) .. ان تكون ذو مذهب ديني بوذي او يهودي او اسلامي او مسيحي اولا تؤمن بالخالق من الاساس هذا امر لك فيه مطلق الحرية من المفترض وذلك يعضضه ايضا قوله تعالي في سورة البقرة (لا إكراه في الدين ) وكذلك قوله تعالي في سورة الغاشية (فذكر إنما انت مزكر لست عليهم بمسيطر), ويندرج تحت باب حرية الاعتقاد ايضا لاي إنسان مايحدده من الافكار التي يسير عليها ان تكون له كل الحرية ان يختار بعقله وقلبه مايريد او يهتدي له ويختار طالما ان الذي سيحاسبه في الاخير فقط هو الخالق القدير .. من المعلوم ان ليس كل المسلمين ومنذ وفاة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ظلوا علي ذات ماتركهم عليه فبمجرد وفاته ظهرت العديد من الخلافات السياسية كما يحدثنا التاريخ الاسلامي ونتجت عن هذه الخلافات ونشأت جماعات مختلفة بعد ذلك ومن ثم مذاهب متعددة وطوائف وكل من هذه الجماعات والمذاهب يعتبر الحق معه وبعضهم يكفر بعض ويجرم بعض ونتجت خصومات بل وحروب حتي فيما بين الصحابة الكرام انفسهم وال البيت عليهم السلام فيما عرف باحداث الفتنة الكبري , واستمر هذا الخلاف الي يومنا هذا متخذا اشكال اخري من الصراع السياسي والديني! , إنقسم المسلمين الي سلفيون متشددون وسنيين وتكفيريون ومعتزلة وشيعة والشيعة انفسهم الي عدة مذاهب وكذلك السنة ايضا وفقا لاختلافات فقهية وعقائدية بالاضافة للمتصوفة الذين هم ايضا مدارس وطرق مختلفة , كل هذه الجماعات وطرق التفكير جاءت خلال استمرار انتشار الاسلام وتوسع الدولة الاسلامية في حقب مختلفة من التاريخ الاسلامي! هذا بخلاف جماعات الاسلام السياسي الحديثة مثل حركة الاخوان المسلمين والجماعات الاسلامية والجهادية كالقاعدة وغيرها من جماعت الهوس الديني والمتعصب وحتي ظهور بوكو حرام وداعش اللذان يناديان بتطبيق الشريعة بمفهومهم وقيام دولة الخلافة الاسلامية من جديد والوقوف ضد الطواقيط وعبدة الاصنام السياسية كما في مخيلتهم ويتخذون من العنف المسمي جذافا جهادا وسيلة لتحقيق اهدافهم ومشروعهم السياسي! .. مايهمناهنا ان نلقي الضوء علي ظهور تيار الشيعة في السودان بشكل علني في توقيت يعلم الجميع مدي الاحتقان في الكثير من الدول العربية او ذات الاغلبية المسلمة من الصراع المذهبي مابين السنة والشيعة والذي اتخذ حالة المواجهة الدموية والقتالية وهذا يحدث الان في العراق وسوريا ولبنان والبحرين وبدرجة اقل حدة في السعودية وبعض دول الخليج الاخري! ولعل وجود دولة كايران تعتبر اكبر داعم للمد الشيعي مابعد ثورتها الاسلامية ونشأة الجمهورية الاسلامية الايرانية علي انقاض نظام الشاه الملكي الموالي للغرب هو ماقوي واظهر هذا الصراع في شكله القتالي والدموي في محاولة منها اي ايران للسيطرة علي كل المنطقة التي حولها ولجذور الخلافات السياسية القديمة مابين السنة والشيعة تاريخيا! .. بعد استيلاء قادة الثورة في ايران علي مقاليد الحكم فيها فرضوا اجندتهم الشيعية علي كل ايران فالشيعة يشكلون الاكثرية المسلمة في الدولة التي يفوق تعدادها الاربعة وسبعين مليون وبرغم وجود حوالي العشرين مليون سني داخلها إلا ان العقيدة الشيعية هي من تسير الدولة! , وهنالك ارتباط سياسي قديم مابين قادة الثورة في ايران حتي ماقبل نجاحها ومابين تنظيم الاخوان المسلمين الدولي والذي سارع بعد نجاحها لتأيدها واعتبرها فتح جديد للاسلام ولتمدد حركة الاسلام السياسي وصعوده في كل الدول الاسلامية والعربية وملهما للشعوب الاسلامية الاخري لتسيطر علي الحكم في بلدانها! , وكان حسن الترابي قد سافر كقائد للاخوان المسلمين وقام بتهنئية الخميني وقادة الثورة الايرانية بمجرد نجاحها في العام 1979 من القرن الماضي! , وكتب الترابي في كتاب الحركة الاسلامية والتحديث مع راشد الغنوشي زعيم الاخوان في تونس انه يعتبر ان المفهوم الشامل للاسلام يتمثل في الإلتقاء مابين حركة الاخوان المسلمين والجماعة الاسلامية في باكستان والثورة الاسلامية في ايران!, والاعجاب بالثورة الايرانية وتأيدها لم يتوقف علي الترابي فقط فكل او معظم اعضاء الحركة الذي تحولوا فيما بعد للجبهة الاسلامية التي نفذت انقلاب الانقاذ وجاءت به ظلوا ظلوا علي علاقات تنظيمة وتنسيقية وارتباط بايران وثورتها ومنهم من انتمي حقيقة للشيعة كمعتقد ومذهب وليس فقط سياسيا! .. وبعد تولي الاسلامين مقاليد الامور في السودان سارع الترابي مجددا وتنظيمه للارتماء في احضان الشيعة الايرانين لتلقي دعمهم ونصرتهم لتحقيق مشروع الترابي وطموحه في التمدد في كل المنطقة وحكمها وليس فقط السودان! ولم يقصر الايرانيون لكنهم بالمقابل كانت لهم اجندتهم والتي من اهمها مد نفوذهم الشيعي وتوسيعه فتم استقطاب العديد من كوادر الجبهة الاسلامية وكسبها في صفهم لبدء العمل الجدّي في تنفيذ خططهم لتشييع اكبر عدد من السودانين والذين يعلمون مسبقا انهم في اغلبيتهم سنيين ولكن يعلمون ان هنالك من المتصوفة ايضا ممن يحبون ال البيت والنبي بالضرورة فكان ذلك ضمن خططهم للانتشار بالاضافة لعنصر الاموال التي كانت تاتي عن طريق الاستثمارات وانشاء المراكز الثقافية والتي كانت هي الغطاء لنشر التشيع في لسودان! , اذكر انني في نهاية عقد التسعينات انني التقيت باحد اعضاء الجبهة الاسلامية من الشباب وكان يعمل كمتعاون في المركز الثقافي الايراني بالاضافة لعمله في مؤسسة اعلامية حكومية كان يعمل بها ايضا احد اصدقائي واذكر انني سالته عن ماهية وطبيعة عمل المركز فزكر لي انه ينحصر دوره في التبادل الثقافي والطلابي بين السودان وايران! , وبالفعل فقد اسهم المركز في ابتعاث العديد من الطلاب خاصة من المنتمين لتنظيم الجبهة الاسلامية في ايران لبعثات دراسية في ايران وتم هنالك استقطابهم لنشر التشيع في السودان وكان ذلك يتم بعلم تنظيم وتوجيه تنظيم الجبهة الاسلامية وقادة الانقاذ وعلي راسهم حسن الترابي وعلي عثمان ونافع! , لم تكتشف حكومة المؤتمر الوطني بعد كل هذه السنوات ان الشيعة اصبحوا تيارا له الكثير من الاعضاء في السودان يقولون اي الشيعةانفسهم انهم وصلوا للرقم 130 ألف متشيع! , لم يتم هذا الامر بالصدفة او يمكن ان يتوقف لمجرد حسابات سياسية دعت الحكومة لاغلاق مراكزهم ومساجدهم التي تعرف بالحسينيات!, قد لا يكون مهما ان يتشيع حتي الملايين في السودان فكما زكرنا في بداية المقال ان هذا الامر من الحريات ولكن الخطير في الامر ان يتحول السودان لمسرح اخر للصراع الدموي المذهبي بعد ان ظل لسنوات طويلة يعاني الحرب الاهلية الاثنية! والتي ادت لانفصال جزء من البلاد واخري تنتظر وكل ذلك بفضل سياسات الانقاذ وقادتها! , بذرت الانقاذ بذور التشيع في السودان منذ سنوات وهاهي تتحول لاشجار قد لاتسهم غير مزيد من التفرقة والصراعات والإحتراب بين السودانين واستدامة الجراح والتمزق لسنوات طويلة قادمة وربنا يكضب الشينة! .. [email protected]