يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه الفاروق رضي الله عنه ، ثاني الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المبشرين بالجنة مثال العدل والإنصاف والزهد والتقشف ، يعد الفاروق من أشراف مكة نسبا أرفعها قدراً هذا عمر يخرج يوما ، يعدو في عجل في شوارع المدينةالمنورة ، يلقاه على بن أبي طالب كرم الله وجهه - إلى أين يا أمير المؤمنين أجابه عمر دون أن يتوقف - بعير افلت من ابل الصدقة قلب علي رضي الله عنه يديه قائلا : أتعبت من بعدك يا عمر قال عمر والذي بعث محمدا بالحق لو أن عنزا ذهبت بشاطئ الفرات لأُخذ بها عمر يوم القيامة بعير افلت فجعلت أمير المؤمنين يعدو في شوارع المدينة بالله يا عمر يا أبن الخطاب ماذا نقول اليوم !!! مات الآلاف من الناس في بلادي لا البعير وصار الدم رخيصا ، اختلاف الرأي يعقبه انشقاق و سلاح ،فتنة سعت بين الكل ، أُناس كانوا في سربهم آمنين ، قتلوا وشردوا من قراهم ، أغتصب حقهم علنا وجاع أولادهم وباتوا خائفين والجوعى لا يستطيعون النوم كذلك الخائفين ،وحرمة المؤمن عند الله أعظم من حرمة الكعبة الشريفة يموت الناس لا لشيء إلا لأنه صادف وجودهم في المكان أو لأنهم قالوا لا ، قرى كاملة أصبحت رمادا وبقايا حريق ، نساء كن كريمات بما يملكن ومستورات حال ، الآن بتن مكشوفات لقسوة الحياة ، إما بيع الأطعمة والشاي في الطرقات أو حياة المعسكرات ومع ذلك كله خوف وعدم آمان ، والمولى عز وجل منّ على قريش أن أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ، ما كان الأمر كذلك قديما ، كان التعايش والسلام حاضرين ، السلام الذي رفعته الدولة شعار مذ آتت جنوب كردفان ذات الأرض الخضراء والمساحات الخصبة ، خيرات فوق أرضها وذهب أسود تحتها ، بترول متدفق وحكومة تسأل الدول ساعة النكبات والكوارث أعطوها أو منعوها ، نساء حكين عن جمال أرضهن التي هجرنها كرها ، فقر اجتاح القرى وبؤس في الوجوه وسلاح أصبح الحصول عليه أسهل من الماء والدقيق والهم يُشكى لله وحده جبال النوبة ودارفور ، الأرض التي مازالت بكرا بخيراتها ومخزون مياهها الجوفية ، خيام ومعسكرات نزوح داخلي مد البصر ، وهنا في الخرطوم مدينة الاسمنت هذه ، بنايات عالية وضياع أمانات وأموال منهوبة وملفات فساد واضحة الرائحة ولا متهمون ، متاهة تصريحات واتهامات متبادلة بين المختلفين ومازالت لعبة التحالفات مستمرة وشعب يتفرج دون حول له ولا قوة ، إنما أقول للتذكير أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ) ضائقة معيشية وحِل وترحال وأمراض وسيول ، الخريف في كل عام يأتي في ذات الوقت المعروف وفي كل عام تتهدم البيوت والمدارس وتضيع المدخرات وتصبح الأسر في العراء تنتظر معينات قد لا تأتي خمسة وعشرون عاما قلتم عندما جئتم أنكم آتيتم من أجل البلد وقال الزبير محمد صالح نحنا أولاد ناس بسطاء إن رأيتمونا ركبنا العربات أعرفوا أننا قد فسدنا انتهى كلامه و لا تعليق قرى يشتكي أهلها مر الشكية من عدم توفر الكهرباء ، يحلمون بالمياه عبر المواسير ، قرى ليست ببعيدة عن قصر الحكم الرئاسي ، إنها أساسيات الحياة والحياة تتبع مقوماتها ، والمعتمدون وكأن الأمر لا يعنيهم بالله عليكم آلا تخافون يوما تقفون فيه بين يدي المولى سبحانه وتعالى !! بلد تشتت وتجزأت أرضه ، كل من يستطيع السفر تركه وهاجر ، ذهب عنه ذوي الخبرة والرأي ، تركوه كرها ، كفاءات علمية وخبرات وطنية ، أطباء ومهندسون ، خلال ستة أشهر هاجر 66 ألف سوداني ، الشباب اختزل أمانيه وأحلامه في عقد عمل فقط لأي دولة كانت مشاريع ضخمة وذات شهرة عالمية كانت الحياة لغالبية السودانيين جففت وعطشت أرضها ومازالت أماني العودة والعشم سدود بالقروض وطرقات دفع المواطن ثمنها غاليا ، ديون متراكمة زادت الوضع ضيقا مشاريع ربا ، وما أدراك ما الربا عندما تلجأ إليه الحكومات !، ويمحق الله الربا ويربي الصدقات ، حرب مع الله ورسوله في أرضه ، أي جراءة تلك منا !!! مؤتمرات صلح تنعقد بين المتناحرين والمتخاصمين لتُنقض من بعد ذلك ليتجدد القتال ويموت المئات من الرجال مخلفين الأرامل والأيتام ، قلوب كواها الظلم وحياة الضنك وإرهاق وتعب وأحلام سلام وشعارات يتلاعب بها أهل الحل والعقد نساء وأطفال سكنوا الكهوف والجبال طلبا للأمان وآخرون سكنوا المعسكرات ، ومدن بعيدة كل البعد عن هذه المواجع مركز غارق في صراع المناصب وشباب في متاهات المخدرات يصارع ، خريجو جامعات وحملة شهادات بلا عمل إما بالواسطة أو الرشوة أو دخول السوق العام أو سائقي امجاد وركشات ، رايتهم خريجي هندسة وزراعة في بلد زراعي لا يجدون عمل وأقول أيضا مذكرةً ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( لعن الله الراشي والمرتشي ) لكننا تحايلنا على الله وسمينا الأشياء بغير اسمها ، الرشوة أصبحت تسهيلا للمعاملة وتسريعا للإجراء أو هي مسحة شنب كما يقول أهل السوق والتجارة اقتصاد خانق وبيوت والله تستر حاجتها الأبواب ، نستورد القمح لبلد يشق أرضها نيل عظيم و أعزة قوم صاروا لا يملكون قوت الشهر أما الغالبية فإنها لا تملك قوت يومها ، ليخرج لنا بعض أهل الحكم يحدثوننا عن البيتزا وبروتينات الضفادع ودخل الفرد في العام بالدولار وآخرون يتحدثون عن ربط البطون والاكتفاء بوجبة واحدة ، عبث ومسرح هزل علاقات فاترة مع دول الجوار وحرب من الدول الكبرى علينا وديون دولية ومطار دولي مخجل لم تصمد صالته أمام الأمطار الأخيرة ، أصبحنا نحتفي بالسوداني الذي يثبت أمانته أمام الناس والعالم ونجتهد لنُرجع صورتنا القديمة الشاطر في بلدي من يبني بيتا ويركب سيارة فخمة في زمن وجيز حتى وإن علم الكل أنه مال لم يأت من مجهود حلال عن ماذا أكتب وماذا أقول والأخلاق والقيم طالها التغير وأصبح المرء منا لا يهتم آمن حلال أكل وأهله أم من حرام ، انتشرت الجامعات لكن ضاقت النفوس وكثرت الجرائم وتنوعت ، ماض قديم وسنين غزة ، مدارس كانت منارات علم ووزارة كانت للتربية قبل التعليم ، كنا في المدرسة نتعلم الأخلاق الفاضلة والمعاملة الحسنة وإكرام الضيف والجار والرياضة ، جمعيات الفلاحة والجمعيات الأدبية والشرطة المدرسية وصول المدرسة الثانوية للبنين ، كان الأبيض الناصع للمرحلة الابتدائية والبني الجميل للثانوية العامة واللبني الناضج للمرحلة الثانوية ، حنتوب وخور ضقت وبخت الرضا والخرطوم القديمة ، جامعات واتحادات قوية تهابها الحكومات وطلاب يليقون بجامعاتهم علما وثقافةً وأناقة ، أركان نقاش وندوات ومعارض ورحلات على طول البلاد وعرضها تُعرف بالبلد الحبيب وقوافل صحية وتكافل بين الكل ، الآن بعض الجامعات أزياء وهواتف نقالة وأجهزة كمبيوتر محمول وتباهي وهوس مواقع تواصل تعاون كبير يحمي البلد بين اتحادات الطلاب ونقابات العمال ولن آتي على ذكر مدينة الحديد والنار ، عطبرة ومأساة السكة حديد ، تاريخ وأمجاد ويظل القلب يدمع من أجل نساء هدّهن التعب في مناطق النزاعات والصراعات القبيلة وجرائم الأطفال وضياع حقوقهن في التعليم والصحة واللعب الآمن بالله عليكم ماذا تبقى من سوداننا القديم !!! شوق ضاغط وبحث عن جميل أوقات قديمة وابتسامة صادقة وحب عفيف ، تغيرت القلوب وتبدلت الأحلام وأماني الحياة ، حنين موجع يضغط على القلب وبقايا ذكريات مازالت على العين عالقة رغم كل ذلك يسكن الأمل في مكان ما داخل هذا القلب الكبير وتظل هذه البلاد على عرش الحب وأقول اللهم إنا قد مسنا الضرّ والهم والحزن ، اللهم لا كاشف إلا أنت [email protected]